رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يناير و يونيو بين التحصين والإهانة


أثار ما أعلن في أعقاب اجتماع رئيس الجمهوية بشباب الإعلاميين انقساما جديدا داخل المجتمع المصري، وكأننا في حاجة إلى مزيد من الإنقسام، فقد نشر أن علاء يوسف المتحدث بإسم الرئيس المصري أعلن الأربعاء إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعتزم إصدار قانون جمهوري لتجريم الإساءة إلى "ثورتي 25 كانون الثاني/يناير 2011 و30 حزيران/يونيو 2013 ".وتأكد أن هذا صحيح، لكن يجب أن يوافق عليه مجلس الوزراء أولا. وذكرت وسائل إعلام مصرية أن القرار بقانون المقترح أعلن للمرة الأولى بعد اجتماع مع الإعلاميين الشبان ليل الثلاثاء..  وناقش رئيس الوزراء خلال اجتماع مجلس الوزراء قانون الكسب غير المشروع، وقانون تجريم الإساءة لثورتي يناير ويونيو، الذي أشار إليهم الرئيس عبدالفتاح  السيسي.

تفاوتت التعبيرات حول القانون فهناك من يتحدث عن " الإساءة " وآخرون يتحدثون عن "الإهانة" ولكن أحدا لم يحدد ما هي أركان "جريمة" الإساءة " ولا أركان جريمة " الإهانة " ولا الفرق بينهما، لكن المؤكد أن أيا منهما لا بد وأن يشتمل على نقد لما عرف بثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو. وهنا نتساءل عن حدود النقد الذي يمكن اعتباره نقدا مسموحا به، وبين ارتكاب أي من الجريمتين، هذا إذا اتفقنا على أنها تشكلان جرائم تستحق المحاسبة.

يرتبط بما سبق ويجعل الأمر معقدا أن هناك أحكاما قضائية صدرت في قضايا تتعلق بهاتين الثورتين تجاوزا، كما صدرت تعريفات من شخصيات لها وزنها في محاولة لتوصيف أي منهما خصوصا يناير 2011، بينما يهتم فصيل الإخوان الإرهابي بتوصيف أحداث 30 يونيو حيث  لا يعترف بها ولا بشرعيتها ويعتبرها انقلابا عسكريا، أي أن القانون المذكور، في حال صدوره، يضيف تهمة جديدة وبشكل آلي ضد كل من ينتمي لا إلى جماعة الإخوان الإرهابية فقط، بل وإلى كل من يرفضها وخاصة المسمى باتحاد، أو ائتلاف، دعم الشرعية.

هناك أحكام قضائية صدرت لصالح ضباط الشرطة الذين اتهموا بقتل المتظاهرين وكانت كلها أحكاما بالبراءة، وفي حيثيات هذه الأحكام ما يدين ما فعله " الثوار " ضد اقسام الشرطة ، وضد منشآت شرطية وحكومية، كما أن حكم محكمة الجنايات الأخير ببراءة المتهمين يشتمل في حيثياته على اتهامات للثوار بارتكاب جرائم خطيرة، كما يشير إلى تأكيد اشتراك عناصر أجنبية، وربما نتذكر التقارير التي سبق أن  صدرت بمعرفة السيدة الدكتورة فايزة بو النجا عن الأموال التي تدفقت على ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني قبل يناير 2011 بحوالي ستة أشهر، واستمرت بعد يناير، وجاءت شهادات كبار المسؤولين في القوات المسلحة والمخابرات الحربية والعامة لتؤكد ذلك، كيف يمكن للقانون المزمع إصداره التعامل مع من يستشهد بما جاء في الشهادات، وفي حيثيات الأحكام؟ هل سيعتبر مرتكبا الجريمة؟ وإذا اعتبره كذلك فإنه يكون قد أهان القضاء، أما إذا لم يعتبره فيكون قد ناقض نفسه.

من جهة أخرى فقد سبق للأستاذ محمد حسنين هيكل أن علق على ثورة يناير، فقال أنها ثورة كاملة الأركان، ثم عاد فوصفها بأنها ثورة ناقصة، ثم عاد ووصفها بأنا حالة ثورية، وهذا في رأيي طبيعي، ولكنه في نفس الوقت يضعنا أمام إشكال إمكان استشهاد أي فرد بما قاله هيكل في حق الأحداث وتسمياتها، ماذا سيفعل القانون، هل سيجرم ما سبق؟ هل يقطع العلاقة بين ما صدر قبل صدور القانون وما بعده؟ وهل سنجد كتابا في السجون لأنهم " أساؤا"، أو "أهانوا" أيا من الثورتين؟ كذلك فهناك اتهامات للثوار بأنهم تهاونوا في الحفاظ على الأراضي الزراعية وعلى مواصفات المباني، وفرطوا في آثار البلاد، وربما استغلوها لصالحهم.

يتعلق بما سبق أن هناك فريقا يعمل على احتكار ما يسمى بثورة 25 يناير، ويتصور أنه بذلك يستطيع أن يبتز القيادة السياسية الحالية، وربما يغطي على ما ارتكبه من جرائم وردت في حيثيات الأحكام، بينما يحاول الإخوان التمسك بما يسمون شرعيتهم، ويزداد الانقسام في زمن لا يحتمل أي تعطيل للنشاط، فهذه المرة إما أن نعمل أو أن ننتهي.

رسالة من صديق

لي زميل طيب من بسطاء المصريين يعبر لي عن آرائه بأسلوب مبتكر على أغلفة الرسائل، وأنا أعتز بثقته وصداقته، وفي الرسالة الأخيرة كتب:

فين علم مصر؟

لازم ينتشر في كل مكان، على المواصلات العامة، خلف كل القنوات التليفزيونية، فهو من العوامل التي تخيف أي عميل أو ضال، أخذنا بطولات أفريقية ثلاثة بعلم مصر، نصر أكتوبر بعلم مصر.

يا صديقي ها قد بلغت، أللهم فاشهد.