رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إعلام الدولة إلى أين؟


تحت عنوان «إعلام الدولة إلى أين نحو استراتيجية مستقبلية للإذاعة والتليفزيون» نظمت الجامعة البريطانية فى القاهرة يوم 27 نوفمبر الماضى مؤتمراً جاء فى ظل الاجتهادات الحالية لإعادة هيكلة وتنظيم الإعلام المصرى بحضور عدد كبير من الأكاديميين وخبراء الإعلام والمسئولين عن الإعلام الرسمى وقد وجهت لى الدعوة كى أكون أحد المتحدثين بالمؤتمر، حيث أكدت أنه لا توجد دولة فى العالم ليس بها إعلام خدمة عامة، وأنه لا غنى عن إعلام الدولة باعتباره الضابط لأداء الإعلام، حيث يتصدى لحالات الانفلات الإعلامى الذى يعنى الخروج على الوظيفة الإعلامية التى تنحصر فى 3 مهام وكل مهمة لها محدداتها والخروج عنها هو الانفلات الذى نقصده، وهذه المهام هى: التثقيف أو الإنماء والإخبار والترفيه أوالترويح فقد يخرج التثقيف عن مساره إلى نشر الأفكار المتطرفة والخرافات والأخبار قد يؤدى إلى التضليل ونشر الأخبار الكاذبة.

أما الترفيه فقد يؤدى إلى الانحدار بالذوق العام ونشر الإسفاف وفى النهاية نصبح أمام إعلام يزيف الوعى، ويشوه صورة المجتمع - كما قال أحد الأصدقاء ساخراً - «إعلام الترامادول» الذى يغيَّب الرأى العام.. من هنا إعلام الدولة هو الذى يعيد الإعلام إلى مساره ويحافظ على النسق القيمى المجتمعى، لكنه يعانى مشاكل تجعله عاجزاً عن أداء وظيفته خاصة ونحن نستعد لإنشاء المجلس الأعلى للإعلام والصحافة وفقاً للدستور، فهل يستقيم أن يكون إعلام الدولة الممثل فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون - وهو على هذه الحالة - أن يصبح عضواً أو جناحاً فعالاً فى المنظومة الإعلامية الجديدة؟ إذن لابد من حل كل مشكلاته أولاً وهنا كان يجب عدم التسرع فى إلغاء وزارة الإعلام رغم أننى من مؤيدي عدم وجودها؟

إن مشكلات اتحاد الإذاعة والتليفزيون فنية ومالية وإدارية ومنها أنه محكوم بالقانون رقم 13 الذى يرجع إلى عام 1979 منذ كان التليفزيون المصرى «أبيض وأسود» وكان أسمه التليفزيون العربى، وأرى أن مشكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون تتمثل عموماً فى عدم الاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية وعجبت من خبر منشور ومنسوب لمصدر حكومى أنه فى النية وقف التعيينات وتقليل الميزانية فى لحظة نريد فيها تطوير إعلام الدولة وأشرت إلى ضرورة وجود إدارة رشيدة وفكر مالى وإدارى يتلاءم مع طبيعة وظيفة الإعلام التى تعتمد على الإبداع والخلق والابتكار.

وأتصور أنه إذا تعاملت اللجان المعنية بإعادة هيكلة الاتحاد بواقعية مع هذه المشكلات يمكن أن نضع حلولاً عملية لهذه المشكلات بشرط أن تقف الدولة إلى جانبه.. من هنا يجب أن يصبح إعلام الدولة قوياً وليس معنى ذلك أن يكون إعلاماً حكومياً أو سلطوياً وظيفته التهليل والتطبيل للحكومة وتلميع المسئولين وأعتقد أن هذا فهم خاطئ لإعلام الدولة وللأسف كثير من المسئولين يتصورون أنه كذلك!!

ونرى أن مهمته تثمين الإيجابيات وكشف السلبيات بشكل متوازن، إذن إن فهم دور إعلام الدولة هو فى صالح الحكومة طالما إنها تعمل من أجل الصالح العام حتى ولو نوقشت سلبياتها وحذرت من النفاق حيث إن البعض يستهويه المديح الدائم فهذا يعتبر نفاقاً وهو المقدمة الأولى للفساد، وأن على الحكومة مساعدة إعلام الدولة للنهوض من كبوته ولا تحمَّله أكثر من طاقته ولابد من التطلع إلى المستقبل بعيون متفائلة، خاصة أن الرئيس «عبدالفتاح السيسى» يعى تماماً دور الإعلام فى تشكيل الوعى وندعوه أن يعطى إعلام الدولة اهتماماً خاصاً، لأنه إعلام الخدمة العامة ويعد الواجهة الرسمية التى يمكن من خلالها تقويم أداء الدولة بكل مؤسساتها وأكدت فى الختام أن إعلام الدولة ليس منبراً لتصفية الحسابات الشخصية أو تلميع هذا أو ذاك، أو نافذة للإثارة وتجريف وعى المتلقى، إن إعلام الدولة من خلال قنواته التليفزيونية وشبكاته الإذاعية مرآة عاكسة لهموم وطموحات وطن بأكمله بلا تهويل أو تهوين.

إعلامى وكاتب مستقل