رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نعمتان عظيمتان


أن التحديات فى ليبيا أصبحت أكبر مما كانت عليه ولسان حالهم يقول: رب يوم بكيت منه، فلما صرت إلى غيره بكيت عليه، الإصلاح يحتاج إلى بصيرة وصبر وحوار، ولا يحتاج إلى تظاهر مسلح كما تدعو إليه الجبهة السلفية أو غيرها

هناك نعمتان من أهم النعم التى تستوجب الشكر الدائم والحرص عليهما حتى تستمر الحياة ويفرغ الناس لاعمار الحياة كما تعمل الأمم وتتقدم وإلا تظل الحياة راكدة أو تعيش الشعوب العربية كما نراها اليوم فى كَر بلا نتيجة يعنى محلك سر أو تعيش فى وهم الاستيراد والاستهلاك والتخلف، هاتان النعمتان هما العيش كما نادت به ثورة ٢٥ يناير، والأمن الكامل فى المجتمع، حيث يشعر المواطن، كل مواطن، بالأمان اللازم الضرورى للحياة. كل هذا فى ضوء قوله تعالى «أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف». الفقير فى الحياة له حق عند الدولة المسلمة، حق الزكاة تأخذها الدولة من الأغنياء لتردها على الفقراء، ولكننا نرى هذا عمليًا عند الدول الغربية متمثلاً فى الضمان الاجتماعى والعلاج والرعاية الصحيةً أفضل مما هو عليه فى الدول المسلمة إذا وجد. وهذا الحق يشمل وجوب نقل تلك الزكاة إلى البلاد المجاورة حتى لا يبقى هناك محتاج فى العالم، مهما كانت عقيدته. دعونا نمسك الورقة والقلم ونحسب النعم والثروات التى من الله تعالى بها على العالم العربى والاسلامى، وكيف تنفق، أو كيف تهدر، أو تهدى طوًعا أو كرها لأهلاً الهيمنة فى أشكال وصور عديدة ليس أوضحها السلاح بالبلايين، فإذا جاء الخطر، اى خطر،مثل داعش، نستصرخ أهل إنتاج السلاح وتصديره للمساعدة للقضاء على الخطر الداهم الذى يكون أحيانًا كثيرة من إنتاج الغرب كذلك. ومن ثم فإن فهم العالم من حولنا من أهم الأمور الواجبة لكى نعيش آمنين فى بلادنا، وإن عجزت الدولة لأى سبب من الأسباب عن القيام بواجباتها، فعلى منظمات المجتمع المدنى أن تقوم بدعم الدولة والتخفيف عنها، لا أن تكون فى أى صورة من الصور بسبب التمويل أو الاستحسان أو غيره فى خدمة تنفيذ بعض أهداف الممول التى قد تناقض المصالح العامة للأمة. وأنا أعتقد أن مصر اليوم فى ظرف مواجهة الاٍرهاب تحتاج إلى من يساعدها فى هذه الحرب المفروضة والتى يقع فيها للأسف الشديد بعض الإسلاميين أو الوطنيين أو الثوار الذين يستعجلون الثمار. كانت الدعوة للتظاهر من جانب الجبهة السلفية يوم ٢٨ نوفمبر غريبة وشاذة فى هذا الظرف التاريخى الهام. هل تريد الجبهة السلفية أن ترى مصر كما ترى ليبيا اليوم أو سوريا أو العراق أو اليمن؟ العين تدمع والقلب يحزن ونحن نرى المهاجرين الهرب والمسلمين يلجأون إلى من لايهتم بهم الاهتمام الكافى، الحروب فى أفغانستان والصراع لايزال مستمرًا منذ أكثر من أربعين سنة،وأمريكا تسعد بالنتيجة،والحرب فى سوريا مستمرة، وزادت عليها نكسة العراق المستمرة منذ غزو الكويت،وليبيا بعد إجرام وجنون القذافى لاتزال تعانى، وليس هناك دولة حتى هرب بعض المعارضين والثوار ضد القذافى من بلدهم التى طالما تمنوا ذهاب القذافى، وبعضهم يرى اليوم أن التحديات فى ليبيا أصبحت أكبر مما كانت عليه ولسان حالهم يقول: رب يوم بكيت منه، فلما صرت إلى غيره بكيت عليه، الإصلاح يحتاج إلى بصيرة وصبر وحوار، ولا يحتاج إلى تظاهر مسلح كما تدعو إليه الجبهة السلفية أو غيرها، الإصلاح يحتاج إلى تعليم وتربية، ورعاية صحية وعلاج، والإصلاح يحتاج مراكز للبحث العلمى وأن نسعى للتقدم كما تقدم غيرنا، إذ إن الله سبحانه وتعالى خلقنا بعقول ليست أدنى من عقولهم وبقدرات ليست أدنى من قدراتهم ولكن علينا التعقل والفهم الصحيح، والسلوك الصحيح فالنية وحدها لا تكفى فى هذا الأمر والله الموفق.