رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قتلى الإرهاب وقتلى الطرق


تتناوب على مصر الكوارث والنوائب وليس لدينا اعتراض على ذلك، لأننا نخضع للقدر ونؤمن بمشيئة الله الصالحة أياً كانت الظروف .. ولكن الله يأمرنا فى جميع الأحوال بأن نأخذ بالأسباب، وأن نعمل على تغيير أوضاعنا وأحوالنا من السيئ إلى الأفضل «لأن الله لا يغير ما بقوم حتى نغير نحن ما بأنفسنا» أى إن تغيير سلوكنا أمر واجب بل هو شرط إلهى .. ولكننا قد تعودنا على التقاعس والتواكل وصار الإهمال وعدم الاكتراث هو سمتنا الأساسية وهو الذى يقودنا إلى هذه الكوارث التى نحن لسنا فى حاجة إلى المزيد منها ولدينا رصيد كاف منها .. ولكن هذه الحوادث المؤلمة الفذّة المحرقة التى احترقت فيها فلذات أكبادنا وهم فى طريقهم إلى المدرسة وذلك بسبب إهمال ورعونة سائق قد غيب عقله تحت مخدر قد اعتاد عليه، فهو لا يكترث بهذه الأرواح .. ولكن فى لحظة «فى طرفة عين» مع جنون السرعة و«حالة التغيب» التى نعيش فيها وعدم تقدير المسافات قد اصطدم بسيارة لتشتعل النيران فى ذلك الأتوبيس ويحترق هؤلاء الأطفال الذين لم نعرف هويتهم ولا يمكن لأحد أن يعرف ما هو الشعور الذى انتاب آباءهم وعائلاتهم ..لقد كانت تلك الكلمة لأحد الآباء وهو أنه ينتظر قطعة لحم مشوية يدفنها لابنته؟! فمن المسئول عن ذلك؟، جميعنا مسئولون ولابد أن نضع أنفسنا فى مكان هؤلاء الأشخاص الذين انكوت قلوبهم، واحترقت بنيران فراق هؤلاء «الأطفال» فمن يستطيع أن يتحمل ذلك؟ وأى جزاء يمكن أن يعوض هؤلاء الأطفال؟! .. لقد تعودنا أن نتحرك ونقيم الدنيا ولا نقعدها عند وقوع الكوارث وبعد ذلك تهدأ الأمور وننسى التوجيهات والإجراءات التى تتخذ، ولكن ذلك لم يعد يفيد ولن يفلح معنا هذه الأيام.. إننا نواجه تحديات جساماً عدواً من الخارج وإرهاباً أسود يريد أن يأتى على الأخضر واليابس .. فلا يمكن أن نواجه هذه التحديات فى ظل ترك الفساد يرتع فى أرضنا ويقتنص أرواح «أطفالنا» وتقع الخسائر الكثيرة التى لا طاقة لنا بها .. إن الإرهاب يجد فى الفساد والإهمال وعدم التسلح بنية الجدية وإصلاح أنفسنا من الداخل، وتنقية صفوفنا وإنهاض ضمائرنا بيئة مناسبة له.. إن ما يجرى فى الداخل وما يجرى فى ذلك المجتمع الذى يعجُّ بأوجه الفساد، والذى زاد فى ظل تلك الحالة التى تعيشها البلاد أى فى حالة المواجهة مع ذلك الإرهاب الأسود هو التحدى الأكبر.. ولكننا علينا ألا نتوانى، ومن المعروف أن قتلى حوادث الطرق ليس فى مصر فحسب ولكن فى العالم كله وإن كانت كبيرة.. ولكننا لم نتعود على مثل تلك الأحداث.. علينا فى هذه الكارثة ألا يكون موقفنامجرد حماسه سرعان ماتنسى فى خضم الأحداث الكثيرة التى قد تكون مؤلمة أيضاً .. ولكن لابد أن ندقق ونحن نعلم أن التبعة لكبيرة جداً على المسئولين ويجب على كل مسئول أن يعلم أن هذه الأيام بمثابة أيام عجاف وتحتاج إلى المزيد من الجهد والعرق وأن تكون الضمائر والنوايا حسنة وأن يعيش كل إنسان لا لنفسه وذاته، ويدرك مقدار الأمانة المعلقة فى الأعناق وأنه فى موقعه لا يقل دوره عن الجيش الذى يقاتل ويدافع عن الوطن إننا فى حالة جهاد ومرحلة كفاحية كبيرة علينا أن نتجاوزها بالصبر والعمل والإخلاص وإلا فإن هذه الدماء البريئة والأحزان الدفينة طوق فى أعناقنا.