رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجريمة.. والإعلام


بعد أن طفت على السطح «فضيحة» القيادى السلفى الذى غرر بنساء متزوجات وفتيات، لا بد من إلقاء الضوء على العلاقة الوطيدة بين الطريقة التى يتعامل بها الإعلام المقروء والمرئى والمسموع حول الجرائم المتعلقة بالآداب وبين نوعية الفتاوى المتعلقة بالاغتصاب، سواء أكانت رسمية أو غير رسمية وكذلك ردود فعل المجتمع عليها بأثر رجعى.

لقد اتجه عدد من وسائل الإعلام المختلفة إلى النشر والحديث بمنتهى الإسفاف والتشفى والسخرية حول أخبار الشواذ وقضايا الآداب والشبكات الدولية التى انتشرت فجأة فى مصر وقدمت إلينا من كل حدب وصوب، وتحديداً من بلدان العالم الأول المتمتع بالحريات والانفتاح والتقدم العلمى والاقتصادى والحربى، وذلك لنشر الرذيلة هنا فى مجتمع يسعى للقضاء على أمية غير المتعلمين والتى وصلت نسبتهم لأكثر من 40% من المجتمع.

فهذه النسبة القاتلة تُعد الآن بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة، فى السياق نفسه تابع أغلبنا تلك الجريمة غير الأخلاقية لأحد مدربى الأندية الرياضية أيضاً مع سيدات متزوجات تحت أى ذريعة، وتعتبر هذه الفضيحة ومثيلاتها نوعاً من أنواع الابتزاز الذى ينتج غالباً من الفراغ والجهل ،وهى قيم غائبة عنا يحاول الأعداء بشكل أو بآخر أن يروجوا لها إعلامياً تحت مسمى «التحرش الفكرى»،وهناك أيضاً جرائم الدجل والشعوذة التى تنتشر بكثرة فى الريف والمدن على السواء، وتتسبب فى ارتكاب جرائم لم نسمع بها من قبل.جريمة أخرى يسلط الإعلام عليها الضوء ليل نهار وهى «الفتاوى الجنسية» التى تندرج تحت غطاء عمليات الاغتصاب، والتحرش، وشرعية العلاقات غير الموثقة وغير الرسمية فى مجتمع «الممنوع فيه مرغوب»، حيث يستخدم هذا النوع من الفتاوى لمن يطلقون على أنفسهم «شيوخ» لعمل بلبلة وإثارة الجدل وكذلك لنيل الشهرة حتى يقال عنه «العالم الجليل الباحث فى بواطن الأمور»!! يتم ذلك كله فى حلقات ومناظرات ساخنة يعقبها فواصل إعلانية.وللأسف الشديد نجد العديد من وسائل الإعلام تمارس هذه السياسة كنوع من الإغراق الإعلامى فى تناولها لمثل هذه الجرائم التى تجذب شريحة لا بأس بها من المتلقين والتى أشرنا إليها أعلى المقال، وبالتالى تضعها على سلم أولويات الرأى العام ، فهناك من تروق لهم هذه المواضيع التى تخاطب الغرائز الجنسية لزيادة عدد المشاهدين والمتابعين، والإعلانات والإيرادات.

وحتى لا نظلم أحداً لابد أن نؤكد أن الأمية درجات ، وأنا هنا أتحدث عن شريحة معينة من المجتمع قد تآكلت عقولها بفعل الظروف الاقتصادية القاتلة وتحكم رأس المال فى الإعلام الذى يصر ومازال يصر على خلق حالة من التشوه والصراع الاجتماعى، الذى يؤدى إلى نفس النتيجة، لذا أرى أنه من واجبنا التنبيه على هذا النوع من الإعلام بأن يتوخى الحذر فى نشر مثل هذه الجرائم التى تنعكس بشكل سلبى على المواطن العادى.

■ سيناريست