رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صندوق النقد يضع سياسات تحد من أزمة الديون العامة


أكدت دراسة جديدة أعدها صندوق النقد الدولى ضرورة انتهاج الدول التى تواجه ديونًا مرتفعة سياسات تجمع ما بين دعم النمو الاقتصادى وإضفاء تغييرات مستمرة فى الانفاق الحكومى والضرائب.

وأوضح فصل من الدراسة التى حملت عنوان (آفاق الاقتصاد العالمى) ونشرت مساء أمس الخميس، أن الدين العام تجاوز نسبة مائة فى المائة من الناتج المحلي الإجمالي في اليابان والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية فى السنوات الأخيرة.

وأعربت الدراسة عن القلق إزاء انخفاض النمو واستمرار العجز فى الميزانية وتزايد أعباء التزامات الحكومة ازاء فئة المسنين فى سكان هذه البلدان، وبينت الدراسة أن ارتفاع الدين العام لا سيما فى أوروبا أدى إلى خفض التقييمات وارتفاع تكاليف الاقتراض.

وتطرقت الدراسة إلى ست دراسات لحالة الاقتصادات المتقدمة التى يتجاوز فيها الدين العام نسبة مائة فى المائة من الناتج المحلى الاجمالى.

وتضم الحالات التى شملتها الدراسة بريطانيا العظمى فى عام (1918) والولايات المتحدة فى عام (1946) وبلجيكا فى عام (1983) وكندا فى عام (1995) وايطاليا فى عام (1992) واليابان فى عام (1997) وهى تغطى الحقبتين التاليتين للحرب العالمية الأولى والثانية إضافة إلى أزمة تراكم الديون فى الوقت الحاضر.

ففى اليابان أوضحت الدراسة أن النمو الاقتصادي الضعيف منع ضبط الأوضاع المالية العامة، واستمر الدين فى الارتفاع إلى أن قامت السلطات بمعالجة أوجه الضعف فى النظام المصرفي وقطاع الشركات التي حدت من فاعلية السياسة النقدية.

وأشارت الدراسة إلى أن الديون فى بلجيكا وكندا وإيطاليا لم تتراجع إلا بعد تحسن الظروف النقدية، وأضافت أن هذه الدول نفذت جميع التعديلات المالية العامة الرئيسية لكنها كانت قادرة على خفض ديونها فقط بعد تراجع أسعار الفائدة الحقيقية.

وأما بالنسبة لحالة الدراسة فى بريطانيا فقد رأت الدراسة أنها تعد بمثابة درس تحذيرى للبلدان التى تفكر فى تخفيض قيمة العملة المحلية اليوم.

واتخذت الحكومة البريطانية سياسة نقدية متشددة وإجراءات تقشف مالي شديد لخفض مستوى أسعار السلع وإعادة الجنيه إلى معدلاته التى كان عليها فى فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى.

واعتبرت الدراسة أن النتائج فى بريطانيا كانت كارثية حيث زادت البطالة واستمر ضعف النمو واستمرت الديون فى الارتفاع.

وأوضحت أن هذا يدل على أن الانخفاض فى مستوى الأسعار وهو جزء ضروري من إجراءات خفض قيمة العملة المحلية ويؤثر بشكل سلبي على البلاد، مضيفة أن القدرة التنافسية للسوق هى العامل الأساسي فى تدارك الآثار السلبية.

وحول تجربة الولايات المتحدة فى سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، أكدت الدراسة أهمية أن تكون السياسة النقدية داعمة للنمو الاقتصادي وأن القيود على أسعار الفائدة الاسمية والتضخم خفضت نسبة الدين بسرعة.

وأضافت أنه فى حين كان النمو قويًا إلا أنه لم يتسن معرفة ما إذا كان مثل هذا القمع المالي سيفيد البلاد التى تواجه أعباء الديون المرتفعة اليوم.

وذكرت الدراسة أنه فى الوقت الذى نفذت بلجيكا وكندا وايطاليا تعديلات مالية كبيرة عندما كان يعد خفض معدلات التضخم إجراءً ضروريًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادى تفاوتت نسب نجاح هذه الدول فى تقليص الدين العام.

وارجعت الدراسة سبب النجاح الكبير فى بلجيكا وكندا جزئيا الى البلدان الاخرى التى بذلت جهودًا كبيرة فى اضفاء تحسينات وبشكل مستمر بدلاً من التحسينات المؤقتة التى فضلتها ايطاليا، وحذرت الدراسة من أن الدول التى لا تزال تعانى من الديون المرتفعة ستكون عرضة لصدمات اقتصادية متتالية.

وأشارت إلى أن بلجيكا احتاجت إلى عشر سنوات لخفض العجز من نسبة سبعة فى المائة إلى أربعة فى المائة من الفائض ولكن حتى بعد هذه النجاحات النسبية عانت بلجيكا وكندا زيادات حادة فى الدين العام بعد الأزمة المالية العالمية.