رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مخاطر سد النهضة.. والسدود المرتبطة به


يقع سد النهضة على النيل الأزرق، على بُعد أقل من 50 كيلو متراً من الحدود الإثيوبية السودانية، وقد تم تغيير مواصفات المشروع وارتفاعاته من 14.1 مليار متر مكعب وبارتفاع 90 متراً فى دراسة أمريكية إلى ارتفاع 145 متراً بسعة تخزينية 74 مليار متر مكعب...وقد طرحت إثيوبيا مشروع سد النهضة للتنفيذ فى أبريل 2011، منتهزة قيام ثورة 25 يناير، حيث كانت الأوضاع فى مصر مضطربة وغير مستقرة، وأسقطت إثيوبيا من حساباتها اتفاقية 1902 واتفاقية 1993 اللذين يؤكدان على الامتناع عن أى نشاط قد يؤدى إلى إحداث ضرر بمصالح الطرف الآخر فى مياه النيل. ولما سقط نظام مبارك المستبد، جاءت وزارة أحمد شفيق التى لم تستمر سوى أيام قلائل، ثم تلتها وزارة د. عصام شرف، التى تولى فيها حسين العطفى وزيراً للرى، فلما بلغه خبر بدء إثيوبيا بناء سد جديد فى أبريل 2011 صرح وقتها بأن «مصر قد تطلب تدخل المجتمع الدولى إذا لم ترد إثيوبيا على خطاب الحكومة المصرية الذى يستفسر عن ذلك المشروع الكبير». وكان مجلس الوزراء المصرى قد قرر من قبل فى 2008 عمل دراسة عن السدود الإثيوبية المراد إنشاؤها على النيل الأزرق تولتها مجموعة استشارية كندية، قامت بإعداد تقرير عن تلك السدود، واتضح أنها تضم 4 سدود كبرى وهى: كارادوبه، وبيكو أبو، ومندايا، وسد الحدود «النهضة»، بسعة تخزينية إجمالية لتلك السدود تتراوح بين 150 و 200 مليار متر مكعب، أى أكثر من ثلاثة أضعاف الإيراد السنوى للنيل الأزرق. ولما تولى د. محمد مرسى رئيساً لمصر ومعه جماعة الإخوان المسلمين، لم يكونوا جديرين بحكم بلد كبير بحجم مصر، ولذلك أصيبوا بالارتباك فور إعلان إثيوبيا تحويل مياه النيل الأزرق فى منتصف 2013، لاستكمال بناء سد النهضة دون إبلاغ الحكومة المصرية رسمياً، على الرغم من أن د. مرسى كان موجوداً فى إثيوبيا لحضور مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقى قبل الإعلان بيومين فقط. وقد وقعت إدارة الجماعة فى أخطاء جسيمة بالجملة، ولم تستطع أن تفعل شيئا سوى استنكار ما حدث، وعُقدت حوارات غير ودية معلنة على أجهزة التليفزيون فى حضور رئيس الجمهورية، زادت الموقف سوءاً.

وقام وزير الخارجية المصرية كامل عمرو بزيارة لإثيوبيا، أجرى خلالها مباحثات مع نظيره الإثيوبى فى 17 يونيو 2013 حاول فيها إزالة المشاعر غير الإيجابية التى تكونت لدى الجانب الإثيوبى بسبب بث الحوار غير الودى الذى ترك سوء فهم كبير لدى الإثيوبيين، ودعا عمرو أثناء مباحثاته فى إثيوبيا إلى وقف بناء السد لمدة سنة حتى يتم إعادة النظر فى المشروع برمته، ولم تقبل إثيوبيا طلبات الخارجية المصرية. وبعد قيام الشعب المصرى بثورته الثانية فى 30 يونيو 2013، وبعد عزل مرسى وضع وزير الدفاع مع ممثلى القوى الوطنية فى البلاد خارطة طريق لاستكمال الثورة والعبور بمصر إلى بر الأمان خلال فترة انتقالية يدير البلاد خلالها رئيس مؤقت، وقد نجح فى السير بالبلاد نحو وضع دستور وطنى يعبر عن طموحات ثورة شعبية، ونجح فى تحقيق انتخابات رئاسية، جاءت بالمشير عبد الفتاح السيسى رئيساً للبلاد. وكانت توجيهات رئيسى الوزراء الإثيوبى مليس زيناوى والمصرى عصام شرف فى 2012 بتكوين لجنة ثلاثية دولية من مصر والسودان وإثيوبيا لوضع تقرير مفصل عن مشروع سد النهضة، وقد وضعت اللجنة تقريرها فى مايو 2013 والذى لم يعلن عنه إلا بعد سنة كاملة، وأشار التقرير إلى «أن الأمر يستوجب إعادة بحث مشروع السد من جميع نواحيه الهندسية والجيولوجية والبيئية.

الأستاذ بجامعة المنصورة