رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم.. قضية مصر المزمنة !! «2-2»


استكمالاً لمقالنا أمس تحت نفس العنوان نؤكد على أن المشاعر نوع رفيع المستوى أحيانًا من التفكير وهو أهم وظائف العقل الإنسانى.. والحقيقة عندما نضاد العقل بالقلب، فكلمة العقل هنا تنحصر فى المنطق، وهى قياس ليس دقيقاً بأى حال لقوانين التفكير، بمعنى أننا عندما نقول الحب بالقلب وليس بالعقل نقصد الحب لا يخضع لتلك المقاييس المنطقية، فهو له منطقه الخاص، أى أن له قوانين تتقلب باختلاف القلوب.

إذن العقل هو وظيفة المخ، وهى وظيفة متعددة الأدوار تدير كل أعضاء الجسم وتفاعلاتها عبر شبكة من الأسلاك المسماة الجهاز العصبى، وتدير التفكير، وتنتج الخيال الإبداعى والابتكارى، والمسئول عن الاكتشافات والمخترعات. والعقل لابد أن يخضع لدور التفكير من بين أدوار وظائفه كل مانستقبله من معلومات ومانراه من أشياء، تعرفاً عليها وتمحيصاً لها واختيارًا لمغزاها، والعقل يستعين بالحواس الخمس للاتصال بالعالم الخارجى والحكم عليه، والحواس تعمل منفردة عند معظمنا، ولكن العباقرة والمتصوفة والعلماء والشعراء والفنانين «العظماء من كل هؤلاء»، يستطيعون أن يعملوا الحواس الخمس معاً، وهذا مايسمى الحاسة السادسة، التى تعمل بالصدفة وبغير انتظام عند الأشخاص العاديين مثلى ومثلك، لكنها تحت سيطرة دائمة من العقل فى دوره كخيال عند العباقرة . والحاسة السادسة نصفها موهبة ونصفها مجاهدة وتدريب وتأمل، والتأمل العميق أرقى أنواع التفكير.

إذن.. أول مهمة للتعليم هى بناء العقل وغرس الروح الوثابة للمعرفة، وتشكيل أساسيات التفكير العلمى، ومساعدة الطلاب على اكتشاف مواهبهم وتنميتها، وتعليمهم كيفية إدارة شئون حياتهم واستثمار الوقت، وأخيراً تعريفهم بذواتهم تشريحياً ونفسياً.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى التخلص نهائياً من النهج الحالى الذى يقوم على التلقين والحفظ، مع الاعتماد على الدروس الخصوصية التى تعدهم للامتحان، أو على الغش الذى صار مشروعاً، يفرغ فيه الطلاب كل طاقاتهم الإبداعية للتفنن فى وسائله، وقد وصل الغش الى مستوى إملاء الإجابات على ممتحنى الثانوية، العامة بالميكروفونات فى حالات معينة من البلطجة، والتخلص من هذا النهج يحتاج لعدة أمور منها استخدام نظام الساعات المعتمدة فى المدارس، وتقريب صورة المدرسة من صورة النوادى الرياضية والاجتماعية، وتدريس المناهج المختلفة على أساسين: الأول تحويل كل مادة إلى قائمة من المعلومات، والثانى تعليم الطالب كيفية استخراج المعلومة ووجه استعمالها وأساليب نقدها وتطويرها إن أمكن، أخيراً إعداد حديث للمعلمين والعناية بتعليمهم كيفية إقامة علاقات إنسانية وعلمية سليمة مع طلابهم، وكيفية تشجيع هؤلاء الطلاب على الحوار والمشاركة، وفى النهاية، ابتداع أسلوب لتقليل عدد طلاب الفصل إلى الحد الذى يمكِّن المدرس من أداء مهمته والطالب على الاستفادة والمشاركة الضرورية.. ولكى نصل إلى هذا فهناك مسئولية الحكومة عن جانب ومسئولية المحليات عن جانب ثان، ومسئولية منظمات العمل المدنى والقطاع الاقتصادى والمال الخاص والعام من جانب ثالث.

مركز اللغات والترجمة