رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التنوير.. وآراء الفقهاء


يخوض الدكتور سعد الدين هلالى- أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الشريف- حرباً فكرية هائلة ضد الفكر التقليدى، فهو يمثل امتداداً طبيعياً لرواد التنوير الذين حملوا مشاعله من علماء الأزهر الشريف، فمن يقرأ كتبه أو يستمع إلى فتاويه أو يستمع لخطبه فى يوم الجمعة يدرك جيداً العلم الهائل الذى يحويه فى عقله ويريد أن يجعل أبناء الأمة تأخذ به.

ولو حدث أن أخذ به الناس ما اختلف اثنان حول أى مسألة فقهية، ولو اختلفوا لعذر بعضهم بعضاً فهو يرى أن آراء الفقهاء مختلفة وكلهم مصيب فجميعهم لديهم النص القرآنى وما يعتقد أنه صحيح من السنة، ونعرض بعض آرائه فى القضايا الخلافية التى يفكر البعض باقى الناس المخالفين له فى الرأى، فرأيه حول السياحة التى يحرمها البعض ويشيعون أنها مفسدة، يتلخص فى أن السياحة فتحت مقصداً شرعياً للتقارب بين الناس وتحقق مقصداً من مقاصد الجهاز عند من يرون أنها حلال.

أما رأيه بالنسبة للنقاب فهو يعرض كل آراء الفقهاء كعادته دائماً، ثم يبدى رأيه، فيقول إن الإمام مالك يرى أن النقاب مكروه، ودليله أن الله كرم بنى آدم على كثير من خلقه، فكيف يمكن تغطية الوجه الذى كرمه الله، أما الحنابلة فيرونه فى اتجاهين اتجاه يرى أنه فرض والآخر يقول إن الحجاب هو الفرض، أما الجمهور فيقول إن النقاب خيار من الخيارات والفرض هو الحجاب، والأقوال الثلاثة كلها تستند إلى أدلة.

لكنهم أجمعوا على أن المرأة فى الحج والعمرة يجب أن تكشف وجهها، ومعنى ذلك أنه لو كان فرضاً لكانت النساء ترتديه فى الحج والعمرة، لكن المصيبة كما يرى الدكتور هلالى أن الفقهاء المعاصرين الذين يروجون للنقاب يستندون إلى رواية ويتجاهلون الأخرى، ويطالب بأن من يتصدى للإفتاء أن يكون أميناً فى عرضه لكل الآراء ويبرزها جميعاً بحرية، ولا يروج لرأى واحد.

ويخفى باقى الآراء، ويرى أن الشريعة الإسلامية سمحاء وهى أوسع وأرحم من خناق النقاب، أما رأيه السياسى فيرى أن الفقه الإسلامى أول ما ظهر والسلطة المستبدة حقيقة تاريخية قائمة فجاء خالياً من الفقه الدستورى الذى يحدد شرعية العلاقة بين السلطة والمواطن، وحدود صلاحيات السلطة والحريات الشخصية والعامة ومبدأ الاختيار والتعبير غير موجود، وظهر بدلاً منه مفهوم الطاعة، طاعة أولى الأمر مقرونة بطاعة الله ورسوله، واعتبارها من الفضائل الدينية والدنيوية على حد سواء.

وهو رأى خاطئ، ويرى فى الدولة روح إنسانية لأن الدين فى كل شىء، هو جزء من الدم لكن المشكلة من يقوم بها؟ المشايخ أم الناس؟ من الذى اخترع هذا الجهاز أو ذاك فيه شيخ؟ أم واحد كافر؟ الحكم فيه شفافية وعدالة فمن يمارس ذلك؟ هل هم المشايخ؟ يجب ترك الناس يبدعون ويبتكرون، لا نريدها ولاية دينية بل هى ولاية إنسانية ولاية فهمية، هذه بعض آراء الدكتور سعد، بها كمية من التنوير تحيى أمة، ولذلك فهو يتعرض لهجوم متوقع، رغم أنه لم يذكر مذهباً وأهله إلا بكل تقدير، إنه عالم نأخذ عنه ديننا.

■ كاتب