رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة مفهوم اللبننة


هناك عبارة شهيرة قد وردت فى سفر الأمثال لحكيم الأجيال سيدنا سليمان وذلك عندما قال «ما كان هو كائن وهو ما سيكون وليس هناك جديد تحت الشمس».. أى إن الحياة تسير على منهج وناموس واحد وأن الخير والشر قد وجدا منا أى منذ أن خلق الله ذلك الكون.. وعندما لم يكن هنا سوى اثنين فى العالم وهما ابنا آدم هابيل وقابيل قام أحدهما بقتل الآخر أى إن الأرض على وسعها لم تسعهما .. لذلك فإننا قد ننسى فى زحمة الأحداث وتعاقبها ما يمكن أن يحدث فيها من تكالب للأحداث وتكرار وكأنه ما أشبه اليوم بالبارحة..ولكن علينا أن نتأمل ونتدبر فيما يحدث اليوم ونتذكر ما حدث فى لبنان فى الثمانينيات بعدما تم إجراء تجربة استخدام الطائفية فى تقسيمها وإشعال نيران صراع طائفى قد قاد إلى حرب أهلية مدمرة استمرت لعدة سنوات قد أتت على الأخضر واليابس فيها.. ومازالت حتى الآن لبنان فى ذلك النفق المظلم حتى وإن حاولت أن تتغلب عليه ولكن اشتعال فتيل الصراع الطائفى بينها متوقع ما بين لحظة وأخرى.. لقد استطاعت الطائفية أن تقضى على ذلك التوازن التقليدى المعروف فى لبنان والذى جعلها تستمر لسنوات طويلة وعقود والشعب يعيش فى سلام.. ولكن من فكروا ودبروا رأوا أنها أكثر الدول بها تعددية دينية ومذهبية وأنه بالتدخل فيها وذلك بتأليب الجنوب على الشمال من خلال استخدام وتوظيف البعد الاقتصادى متمثلاً فى فقر الجنوب أو بعبارة أخرى تركز الثروات فى الشمال أو الأغلبية المسيحية وقلة هذه الثروات فى الجنوب والأغلبية المسلمة وعندما نزح الفلسطينيون للجنوب وأقاموا المخيمات هناك زاد الفقر وسرعان ما أصبحت الأرض جاهزة لإشعال نيران الطائفية فالأمر فى هذه الحالة لايهم كثيراً ولكن ما يهم هنا هو المحصلات والنتائج التى ترتبت على ذلك منذ أن دخلت العراق فى حرب أهلية مدمرة قد فتنتها وجعلتها بمثابة حلقة لصراع الضوارى.. السيناريو نفسه رآيناه فى ليبيا والتى صارت ما بين المعارضة والجيش الليبى والقبائل الأخرى التى تدخل فى تحالفات قد أدت إلى نشوب الحرب الأهلية.. ورأيناه بصورة أكثر وضوحاً فى سوريا والعراق ممثلاً فى جماعة «داعش» التى ظهرت على نحو فجائى وبقوة وهى تدعى أنها الدولة الإسلامية فى العراق وبلاد الشام وقد توعدت بقية الدول الأخرى، وهى تعد بمثابة الطعم الذى يلقى به لكى يزيد من اشتعال الحروب الأهلية والعنف الطائفى.. بعدما قامت بترحيل المسيحيين وحرق الكنائس وهو ما لابد أن يجعلنا نخمِّن من أن الأمر قد يكون أبعد من ذلك وأن الغرب قد أرادوا أن يكون ذلك ذريعة لحرب دينية طائفية جديدة على المستوى الدولى تعود بنا إلى الحروب الصليبية .. ظهرت بقوة فى حكم الإخوان وسمعنا عن كتائب بيت المقدس وأجناد مصر وكتائب الفرقان وأيضاً تنظيم «داعش» فى مصر .. إنه نفس السيناريو ولكن مصر تختلف عن هذه الدول فهى لديها جهاز مناعة نرجو أن يتقوى وتزداد قوته لكى يصمد فى وجه هذه المحاولات