رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قانون التظاهر" خدعة تكشف عنف أمريكا وأوروبا.. ومصر هي الأكثر ديمقراطية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

"إذا تعلق الأمر بالأمن القومي، فلا تسألني عن حقوق الإنسان"، كلمات "ديفيد كاميرون" رئيس وزراء بريطانيا، حينما سألوه عن حرية التظاهر والتعبير عن الرأي، التي نحاها جنبًا حينما تمس أمن دولته القومي، أو تعطيل مصالحها ونشر العنف بها، فلم تكن مصر هي أولى الدول التي وضعت قانون التظاهر، بل على العكس كانت أقلهم تعنت في بنوده، ولكن الدول الأوروبية أوكرانيا وإيطاليا، كانت الأشد عنفًا في تطبيق قوانين التظاهر، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

أمريكا هي الأشد عنفًا

رغم اعتراضها في بادئ الأمر وانزعاجها الشديد من قانون التظاهر المصري، إلا أن أمريكا احتلت المركز الأول في قانون التظاهر من قبل السلطات، وتطبيقه بشكل أكثر عنفًا من قبل الشرطة.

حددت أمريكا شروط قاسية لتظاهر المواطنين على أراضيها، بداية من اختيار مكان التظاهر، الذي مُنع أن يكون داخل الأماكن العامة أو المقتربة منها، وكذلك يتعين إبلاغ الجهات ذات النفع العام، التي تعمل في الأماكن القريبة من مكان التظاهر، فضلًا عن ضرورة الإبلاغ عن مدة التظاهر ومتى يبدأ أو ينتهي.

وصولًا إلى حظر رفع بعض الشعارات الممنوعة وفقًا للقانون الأمريكي، مثل شعار النازية، ولا يسمح لأي متظاهر بالكتابة على السيارات أو جدران المنازل ولا يسمح أيضًا بالملصقات الورقية في أماكن محددة.

وفي القانون الأمريكي يُمنع نهائيًا فكرة الاعتصام أو المبيت في مكان التظاهر لأي سبب كان، لأنها تحيط مكان التظاهر بسياج لا يسمح لأي مواطن أن يتخطاه، كما أنه يحظر على وسائل الإعلام المعروفة تصوير تلك اللقطات أو بثها على الهواء مباشرة، لما يحدث فيها من مشاهد عنف.

إيطاليا وحق الرفض دون أسباب

وتحتل المركز الثاني من حيث شدة قانون التظاهر بها وقسوته إيطاليا، فيجب وفقًا للقانون الايطالي، إخطار الجهات المعنية قبل قيام المظاهرات بثلاث أيام، والإخطار يجب أن يكون بالذهاب إلى مقر "الديجوس" للتسجيل والتعريف بنفسك كحركة أو حلف أو ائتلاف أو تنظيم، وقد يرفض "الديجوس" تلك المظاهرات دون إبداء أية أسباب.

وإذا خرجت المظاهرة أو الاجتماع العام أو الموكب عن السلمية، يقوم رجال الأمن بالزى الرسمي بفض الاجتماع أو تفريقه والقبض على الموجودين باستخدام جميع الطرق عدا إطلاق النار، ويجوز ندب من يراه من المحكمة المختصة؛ لإثبات الحالة غير السلمية للموكب أو التظاهرة، ويصدر القاضي أمره على وجه السرعة ويكون عادة أمر بالاعتقال.

أوكرانيا والحرب الأهلية

خلال اليومين الماضيين تسبب قانون المظاهرات الجديد بأوكرانيا في اندلاع اشتباكات عنيفة في "كييف" بين المتظاهرين وقوات الأمن، مما يهدد بمخاطر الحرب الأهلية، وتحاول الحكومة الأوكرانية تفاديها؛ لإنقاذ الموقف عبر حل سياسي دبلوماسي.

وسميت بعض الأماكن التي شهدت تظاهر المواطنين بأوكرانيا، بـ"ساحات القتال"؛ نظرًا لشدة عنف الاشتباكات، حيث تجمع ما يقرب من 100 ألف شخص بميدان الاستقلال، في تحدٍ واضح للقوانين الجديدة التي تجرم بشكل فعال الاحتجاجات السلمية.

وكانت السلطات بأوكرانيا وضعت قانون جديد للتظاهر، مررت من خلاله حزمة قوانين تمنع نصب خيام أو منصات أو مكبرات صوت في الأماكن العامة بدون تصريح، كما يسمح القانون بالقبض على المتظاهرين الذين يرتدون الأقنعة والخوذات، بالإضافة إلى فرض بعض المحاذير الأخرى.

وفي حادثة غريبة وقعت أمس بأوكرانيا، حينما غضب الثوار من قانون التظاهر، أمسكوا بأحد النواب خارج مبنى البرلمان الأوكراني وأمطروه بالسباب والشتائم قبل أن يلقوا به في حاوية للقمامة، واتضح أن النائب كان من أشد المؤيدين لقانون التظاهر.

تركيا وقمع المعارضة

اشتهرت تركيا بمجزرة "الحديقة"، وذلك حينما أعلنت الحكومة أنها ستزيل حديقة "غيزي" في اسطنبول تمهيدًا لإقامة مشروع تنمية، إلا أن التظاهرات المدافعة عن البيئة تحولت إلى احتجاجات صبت جام غضبها على الحكومة ورئيسها أردوغان، التي تم على أثرها اعتقال نحو 255 مواطنًا في تركيا.

ويكفي أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي أعلنت بشكل صريح خلال وضعها لقانون التظاهر، أنه وضع لأجل قمع المعارضة في البلاد.

بريطانيا.. نعم للسلمية ولا للبلطجة

أما عن قانون التظاهر البريطاني، فشرط أساسي على من ينظم المسيرات العامة أو من ينوي التظاهر، إبلاغ الشرطة كتابيًا بالحدث قبل ستة أيام من الموعد المطلوب.

والقانون البريطاني يطلب إيضاح الأمور التالية: "تاريخ وزمن المظاهرة، المسار الذي ستسلكه المظاهرة، أسماء وعناوين منظمي المظاهرة".

كما تمتلك الشرطة البريطانية كامل الصلاحية للأمور التالية: "تحديد أو تغيير مسار المسيرة، وضع أي شرط آخر بخصوص المسيرة المنوي إقامتها، تغيير موقع المسيرة، تحديد مدة المسيرة، تحديد عدد الأشخاص الذين يمكن حضورهم".

ونص القانون على أن الحق في حرية التعبير والاحتجاج، جنبًا إلى جنب مع الحق في تكوين الجمعيات أو جماعات، ولكن الحد من هذه الحقوق بموجب القانون لحماية مصالح الآخرين، وأصبح القانون أكثر تقويضًا عقب المظاهرات التي شهدتها الجامعات في بريطانيا خلال العام الماضي.

مصر وإعلاء صوت الحرية

أما القانون المصري، حمل في طياته رفع سقف الحرية في الحدود الممكنة، فقد منع فكرة الاعتصام وتعطيل مصالح الدولة، ومنع الاقتراب 50 أو 100 متر من مقار الرئاسة والبرلمان والحكومة والشرطة، وأجاز للداخلية إلغاء المظاهرة مع إمكانية التظلم من ذلك.