رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بؤر الخطر داخل مؤسسات الدولة


تحدثت فى مقال الخميس الماضى عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأنها أهم وأخطر انتخابات فى تاريخ مصر الحديث، وأن نظام الحكم الوطنى القائم بكل الآمال القومية الثورية المعقودة عليه، مرهونٌ بمجلس النواب القادم، وأن التيار الإخوانى ومن يواليه إذا استطاع التسرب إلى هذا المجلس بنسبة 20% فأكثر فسيكون ذلك بمثابة القشة التى تقصم ظهر البعير...
واليوم أتحدث عما له صلةٌ بذات الموضوع، وهو
التغلغل السرطانى الإخوانى الذى بات واضحاً ملموساً فى وزارات ومؤسسات وأجهزة الدولة، وأصبح يشكل خطراً داهماً على أمن الوطن وسلامته ومسيرته بالبناء والتنمية نحو المستقبل،وهو الخطر الذى لا يرجع إلى مجرد اعتناق أفكار متطرفة أو معتقداتٍ فاسدة، وإنما يرجع إلى الدور الحركى الآثم الذى أوكله التنظيم الإرهابى للعناصر التابعة والموالية له المتغلغلة والكامنة داخل مؤسسات الدولة، وذلك بتعطيل وإعاقة تلك المؤسسات عن أداء عملها وإثارة الفتنة والقلاقل بين العاملين فيها والتحريض على الإضرابات والامتناع عن العمل، وإساءة معاملة المواطنين وتعطيل مصالحهم لكسر ثقتهم فى أجهزة الدولة، ثم أخيراً عدم التورع عن ارتكاب جرائم التخريب والتدمير الإرهابية بداخل مؤسسات عملهم سواءً بالمشاركة أو المساعدة، وليس أدل على ذلك من جرائم نسف وتخريب أبراج ومحولات الكهرباء التى تم ضبطها مؤخراً وثبت تورط بعض موظفى الدولة فيها وهم من الخلايا الإخوانية الكامنة فى أحشاء الجهاز الإدارى للدولة، وكذلك ما سبق من جرائم أخرى مشابهة، مثل وقائع تظاهرات وإضرابات هيئة النقل العام وهيئة النظافة بالقاهرة وواقعة تخريب مبنى محافظة الجيزة وإضرابات أطباء بعض المستشفيات الحكومية وغيرها من الوقائع التى كان المحرض عليها والمشارك فيها بعض العاملين داخل تلك المؤسسات من ذوى الانتماء الإخوانى.

ولقد سبق أن حذرت من هذا الخطر الداهم فى مقالٍ نشر بجريدة «الأخبار» فى 1/9/2013 بعنوان «قنبلة الإخوان فى المحليات» وأشرت فيه إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية وهى بصدد بسط نفوذها والسيطرة على مقاليد الحكم عقب سقوط نظام مبارك، بادرت بزرع وتمكين عناصرها داخل مؤسسات الدولة، بل وإنها لتعويض العجز فى عدد عناصرها المطلوبة لهذا الغرض، لجأت إلى استقطاب الموتورين من العاملين بمؤسسات الدولة ووحدات الإدارة المحلية، حتى صاروا تابعين لها منفذين لأوامرها دون أن يفطن إليهم أحد.خلاصةُ القول فإن بقاء الوضع على ما هو عليه داخل مؤسسات الدولة الحكومية والاقتصادية والإعلامية، ينذر بعواقب وخيمة خاصةً ونحن مقبلون على الحدث الأهم فى خارطة المستقبل وهو انتخاب البرلمان. ومن ثَمَّ فإن الأمر يستوجب تدخلاً عاجلاً لاجتثاث تلك العناصر الكامنة فى أجهزة الدولة أو على الأقل درأ مخاطرها. وإذا كنا قد عزفنا عن الإجراءات الاستثنائية لمواجهة الأحداث الطارئة، فأعتقد أنه يمكن مواجهة هذه الحالة قانوناً بما يعرف بالخلخلة الإدارية، وذلك بأن يتولى كل مديرى ورؤساء المصالح والجهات الإدارية بالدولة وبالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة، فحص وتقييم العاملين تحت رئاستهم وإجراء حركة للتنقلات الموسعة فيما بين الجهات والإدارات المتماثلة، وبشرط أن يسبق ذلك إعادة تقييم شامل لذات القيادات الإدارية بالدولة، لاستبعاد ذوى الانتماء المتطرف والإبقاء فقط على ذوى الكفاءة وأصحاب الحس الأمنى الذى يؤهلهم لتقييم مرؤوسيهم .

إن هذا المقترح لا يتعارض مع القانون ولن يضير أحداً، فنقل خمسين موظفاً مثلاً من أحد أحياء القاهرة إلى الأحياء الأخرى أو من الإدارة التعليمية إلى الإدارة الصحية أو من وزارة التموين إلى وزارة الشئون الاجتماعية وما إلى ذلك,إنما يتوافق مع الصالح العام إدارياً وعملياً بقدر ما تفرضه ضرورات المرحلة الراهنة. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء بالمعاش وكاتب