رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شر البلية ما يضحك


استمرارا لحديث سابق عن أخطاء قاتلة فى الإعلام المصرى شاهدت تنويها عن برنامج جديد فى إحدى القنوات الفضائية قال المعلق بصوت حماسى أجش

«أهلا بالتحدى»، فقلت فى نفسى شىء رائع أن تعود هذه القناة الى رشدها وتصورت أن البرنامج سيفتح مجالا لرسم الطريق نحو اقتحام التحديات التى تواجهها مصر وكيف يتم توظيف طاقات الشباب لعبور النفق المظلم الذى أدخلنا فيه المتاجرون بالدين، وكم تمنيت أن يفكر الإعلاميون فى ابتكار أشكال برامجية جديدة مرتبطة بالتنمية لاعادة بناء الوطن خاصة أن التحديات التى تواجه الوطن فى الداخل والخارج تتطلب حشد وتضافر الجهود من أجل مواجهتها ولكن كانت الصدمة أن التحدى الذى يعلنه المذيع صاحب الصوت الأجش يتمثل فى برنامج مسابقات للرقص الشرقى، فضحكت وكان الأولى أن يعلق على البرومو صوت نسائى عموما «شر البلية فعلا ما يضحك» لأن الوضع كارثى فى الحالتين، وقد عرفت بعد ذلك أنه تم بحمد الله وقف هذا البرنامج، أتمنى أن يكون بشكل دائم.إن الانحدار القيمى والأخلاقى يتطلب سرعة إصدار القانون التنفيذى للمجلس الأعلى للإعلام المنصوص عليه فى دستور ٢٠١٤، ولابد أن يتزامن مع ذلك تفعيل نقابة الإعلاميين لحماية المهنة والارتقاء بمستوى الأداء وفى الوقت نفسه إعلان ميثاق الشرف الذى كان أحد بنود خارطة الطريق يوم الثالث من يوليو ٢٠١٣ التى أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى وذلك للحفاظ على أخلاقيات المهنة لأن غياب الإطار القانونى والمهنى والاخلاقى للعمل الاعلامى يجعل الإعلام مستباحا إلى حد الفوضى والانفلات بما يتعارض مع أخلاق الشعب المصرى وقد يغيب عن البعض أن بعض البرامج تقدم - دون أن تدرى - صورة سيئة عن مصر والمصريين تحت شعار الحرية الإعلامية وتترسخ هذه الصورة فى ذهنية المتلقى خاصة فى العالم العربى، وأنا على ثقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى والمهندس ابراهيم محلب لا يرضيان بهذا الإسفاف الموجود فى قلة من القنوات بسبب سيطرة أباطرة الإعلان على المشهد الإعلامى فى لحظة تراجع فيها الإعلام الرسمى عن المنافسة بسبب مشكلات مالية وهيكلية وفنية رغم أنه المعنى بضبط إيقاع الإعلام فى مصر، إذن لا بديل عن إنقاذ إعلام الدولة لأنه رمانة الميزان ويمثل ماسبيرو بكل ما له وما عليه إعلام الدولة ومن يراهن على اختفائه من المشهد الإعلامى لصالح القنوات الخاصة لا يفهم معنى الإعلام من أصله، إنما يناور ويزايد من أجل مصالح شخصية، حيث إن الأصل التكامل بين الإعلام الوطنى بشقيه الرسمى والخاص، ومن ثم يجب أن يتحد أبناء ماسبيرو ويقفوا على قلب رجل واحد من أجل الحفاظ على هذا الصرح العظيم الذى أفنيت وكثيرون من أبناء جيلى والأجيال السابقة عمرهم من أجل ان يظل التليفزيون والإذاعة المصرية فوق القمة ولكن للأسف هناك من يرى بقصور نظر أن مصلحته فى هدم إعلام الدولة!!. ولكن يتراءى لى أن المشكلة مجتمعية بالأساس وما كان يجرؤ هذا أو ذاك على تخطى حاجز الأخلاق - إذا جاز التعبير- لو كان هناك دور فاعل للمؤسسات الروحية والتربوية ونعنى هنا الأزهر والكنيسة ومؤسسات التعليم التى غاب عنها الواجب التربوى لخلل المنظومة ككل، بالإضافة إلى غياب دور الأسرة الخلية الأولى للمجتمع وهذا يذكرنا بما أشرت إليه فى مقالات سابقة من ضرورة دعم الحكومة جهود الحفاظ على القيم والأخلاق من قبل بعض منظمات المجتمع المدنى حتى نتوصل الى صياغة جديدة للخطاب الدينى والاجتماعى فى وطن يسعى للنهوض من كبوته، فيصبح من المنطقى أن نعمل جميعا على إنقاذه وليس تكريس وتعقيد مشكلاته بما فيها مشكلة الإعلام .... وتلك قضية أخرى!!

رئيس قطاع الأخبار السابق