رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل أنت رمادى؟


فى مقالى يوم الخميس الماضى «هل أنت أبيض أم أسود» وصفت اللون الأبيض واللون الأسود عنوان الأناقة وألوان الحياة... اللون الأبيض واللون الأسود هما شعاران واضحان للحياة ليس هناك خلط بينهما... فالأبيض أبيض.... والأسود أسود... هما ألوان واضحة واختيارات محددة ومواقف ثابتة فى الحياة . كما وصفت «القلوب البيضاء» بالقلوب المتسامحة والمعطاءة، الودودة.. و«القلوب السوداء» بالمليئة بالحقد، الغيرة، الطمع، الحسد، التلون، الفساد والشر»..

ولكننى فى الفترة الاخيرة... قد لاحظت اختفاء اللون الأبيض والقلوب البيضاء من حولنا وساد اللون الأسود أو الرمادى الزمان والمكان... اختفى الوضوح.. الايجابية، الثبات على الموقف، العطاء، الأمل، الإيمان، الأخلاق، الشفافية، الأمان، الدفء وسادت الأنانية... الطمع...الكراهية، التشاؤم... أصبحنا نلجأ للون الرمادى ونعيش حياة أقرب إلى عالم الرماديات «اللون الحقيقى للحياة»، وتساءلت فى نهاية المقال عن «ما هو اللون الرمادى للحياة؟».

كثير من علماء النفس يرون أن اللون الرمادى هو لون المصلحة الشخصية، لون «الأنا»، الحيادية، السلبية، المجاملات، التلاعب بالألفاظ، الكآبة، الركود، قلة النشاط، قلة الحيلة، عدم الرغبة فى المشاركة، الإحباط، التحفظ، شدة الحذر، الشك، التشائم، الانعزال، فقدان الثقة قى النفس، عدم الرغبة فى التميز والتفوق .

هل أصبحنا نعيش فى اللون الرمادى؟ هل أصبحنا نتنفس السلبية واللامبالاة؟ هل أصبحنا نكره التحدى والتفوق، مستسلمين لحالة اليأس والركود كما يشاع عنا أو كما يحاول أعداؤنا التشكيك فى قدراتنا على اجتياز مشاكلنا ؟. لا أعتقد.... لا أعتقد أن الشعب الذى أفشل لأمريكا مخططها لتقسيم مصر والذى أطاح برئيسين بثورتين فى ثلاث سنوات ممكن أن يعود إلى الوراء وأن يعود رمادياً أو أن يقبل الآن أن يعيش على هامش الحياة وأن يحيا حياة رمادية.

لا أعتقد أن الشعب يقبل الآن وزيراً مسئولاً رمادياً.... لا أعتقد أن الشعب الذى رفض أن يتم التفريط فى أرضه وسرقة وطنه أو سيطرة الإرهاب على أراضيه.... يقبل أن يكون رماديا؟. لا أعتقد أن المرأة المصرية ستقبل الأن بأنصاف حلول لمشاكلها أو بعدم احترام لامكاناتها الفكرية والعلمية أو بعدم تصدر كوادرها للمشهد السياسى والإدارى.... لا أعتقد أن الشباب سيقبل الآن من لا يحترم عقله وطموحه.

إن لحظات اليأس التى تنتابك أو تنتابنى ما هى إلا استراحة محارب، أو حالة تأمل ومراقبة للأحداث.. للمواقف.. للشخصيات لتصنيفهم وتقييمهم.. لكننا نرفض الأن جميعاً اللون الرمادى... الحياة الرمادية... المسئول، السياسى، الإعلامى الرمادى . إننا نرفض كل ما هو سلبى أو محايد.

إننا الآن كمصريين أصبحنا نكره ونرفض اللون الرمادى فى حياتنا .لأننا نعيش الآن حالة حرب.. ومن لا يدرك ذلك فهو خارج الزمان والمكان... وفى حالة الحرب التى تعبشها مصر الآن لا نقبل بيننا كل من هو سلبى. محايد. راكد، متشائم... رماديا