رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد شهرين من حكم السيسى


ربما التقييم الموضوعى لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد شهرين من توليه السلطة يعتبر تسرعا، لأن الملفات التى أمام الرجل كثيرة ومعقدة وتحتاج سنوات ورغم ذلك كان لابد من الإشارة فى عجالة إلى سؤال أين نحن الآن؟ وإلى أين نسير؟أعتقد أن رصد الإجابة عن هذا السؤال يتركز فى فهم مفتاح شخصية الرئيس نفسه وقد كان خطابة المرتجل فى تدشين مشروع ازدواج المجرى الملاحى لقناة السويس مؤشراً لفهم أعمق لما يدور فى ذهنه، ويمكن القول إن السيسى يتميز بالصدق والتعامل بواقعية مع مشكلات الوطن ولخص قضية هذا الوطن فى عبارة واحدة أنه لا يستطيع أن يعمل وحده، حقيقى أنه يعى كل المشكلات ويدرك حلولها لكنه يحتاج إلى تضافر جهود المصريين الذين عاشوا لحقب طويلة يعتمدون على الآخر فى حل مشكلاتهم بل دعونا نتحدث بصراحة أكثر أن نظم الحكم المتعاقبة تعاملت مع الشعب المصرى بمنطق الوصى بمعنى أن المصريين يحتاجون من يقدم حلولاً جاهزة لمشكلات حياتهم اليومية لأنهم غير قادرين على العطاء حيث إنهم تعودوا أن يأخذوا فقط رغم أن المصريين هم الذين حفروا القناة وبنوا السد العالى وخاضوا حروباً وقاموا بثورات كيف يستقيم هذا التوجه مع مقولة أنهم لم يبلغوا سن الرشد بعد؟ فهم لا يعتمدون على أنفسهم يحتاجون مساعدة الغير مازالوا لا يعرفون كيف يمارسون الديمقراطية أعتقد أن هناك فهماً خاطئا لقدرات الشعب المصرى، ولا أشك أن الرئيس السيسى قد أدرك مدى الخطأ الذى وقع فيه الكثيرون وقرر أن يعيد اكتشاف الشخصية المصرية من جديد تلك الشخصية التى أدرك د. جمال حمدان أبعادها فى كتابه القيم «شخصية مصر» والتى أشار فيه إلى أن المجتمع النهرى جعل من المصريين يرتبطون بالسلطة المركزية، بعبارة أخرى أن المصريين على مدى تاريخهم القديم والحديث يسعون دائماً إلى الالتفاف حول قائدهم وإن لم يكن لهم قائد يقعون فى مأزق وهو ما حدث بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث كانت ثورة بلا رأس الأمر الذى أدى إلى وقوع الوطن فى مشكلات عديدة خلال السنوات الأخيرة ومنها اختطاف الثورة نفسها حتى قامت ثورة 30 من يونيو وصححت المسار، وكان عبد الفتاح السيسى على موعد مع القدر عندما فوضه الشعب بالقيادة وكلفه بالرئاسة وسارع السيسى إلى مخاطبة نقاط العظمة فى شعبه تلك النقاط التى صنعت مثلاً نصر أكتوير عام 73 الذى كان فى لحظة معينة من المستحيلات حسبما صوره العدو فى حينه ولكنه تحقق بفضل إرادة المصريين، ولذلك كان طبيعياً أن يتعامل الرئيس السيسى مع المصريين بهذا المنطق، وطالما أن الإرادة هى الأساس فقد طلب السيسى إنجاز مشروع حفر القناة الجديدة خلال عام واحد فقط، وقال إنه سيتسلمها جاهزة للعمل فى أغسطس من عام 2015 ولو تم التعامل بهذا الأسلوب مع كل مشاكل مصر، فمن المتوقع أن نعبر إلى آفاق جديدة ونتخطى أموراً صعبة كان أننا ننتظر أن نحل مشكلات الشارع المصرى ليس فى العاصمة فقط لابد من النظر إلى تنمية الصعيد وأن تصل الخدمات المختلفة إلى المناطق المحرومة ونتحدث عن مصر جديدة فى كل شىء من طرق وطاقة ومياه وإسكان ومدارس ومستشفيات هناك أمور مازال المصرى فى حاجة إليها ومنها تفعيل دولة القانون، وفى تقديرى أن الرئيس السيسى قد تفهم ذلك لأنه باختصار رجل صاحب رؤية فى إدارة الدولة وهو المطلوب.

■ رئيس قطاع الأخبار السابق