رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدور المرتقب لفضيلة الإمام الأكبر


تحدثتُ فى مقالى السابق عن حركة «حماس» والمكانة التى كانت تحظى بها فى قلوب وعقول المصريين، ثم ما آلت إليه هذه المكانة من تدهورٍ كبير, نتيجة ما اقترفته فى حقه من جرائم فى ظل مخطط التآمر على الاوطان العربية الذى حيك وتم تنفيذه تحت شعار ما سُمى بـ«ثورات الربيع العربى»...

... وكان من مظاهر التحول فى مشاعر المصريين رغبة الانتقام التى استشرت بينهم وقتئذٍ، حتى إن شباباً كانوا فى مزاحهم يتخيلون إنشاء حركة مصرية باسم غُزو لتصفية أى قادم للبلاد من غزة .وتبقى لى كلمة صدق أوجهها بإخلاصٍ لقادة حركة «حماس» فأقول لهم إن حقائق التاريخ وثوابت العقيدة تؤكد أن العدو الأزلى اللدود للأمة العربية هو الكيان الصهيونى ومَن يُؤازرهُ، وأن حركة «حماس» وهى تحارب ذلك العدو تحريراً لوطنها المحتل فإنها تشارك الأمة العربية فى قضيةٍ مصيريةٍ واحدة، وأنها إذا كانت بحكم النشأة جزءاً من تنظيم الإخوان المسلمين, فإنها أخطأت خطيئةً كبرى يوم أن تآمرت معه ضد أمن وسلامة واستقرار شعوب بلدانٍ شقيقة، باعتقادٍ دينى غير صحيح وطموحٍ سياسى غير مشروع، برر لها استباحة الدماء وتخريب الأوطان وخداع العقول وتضليل الشعوب. إن هذه الخطيئة لا يمكن أن تُنسى تاريخياً، ولكن يمكن أن تُغفر إنسانياً لو أن حركة حماس اعترفت بالخطأ دينياً وسياسياً واعتذرت بصفاءٍ وشفافية للشعب المصرى، فعندئذٍ يمكن أن تستعيد تعاطفه وتأييده، وهو أٌمر بلا مبالغة يشكل الركيزة الأولى والأساسية لوجود الحركة ذاته، لأن دعم الدول للحركة مرهونٌ بتأييد شعوبها، وجميع الشعوب العربية بلا استثناء موصولةُ ومرهونةُ بمشاعر وتوجهات الشعب المصرى. فعليكم إدراك الطريق الصحيح للجهاد المقدس ضد العدو الحقيقى الواحد .أعود إلى الواقع العربى وما يشهده من حروبٍ طاحنة وعمليات إرهابيةٍ متباينة وصراعات محتدمةٍ على النفوذ والسلطة والثروات، إنما يدل على أن الأمة العربية تتعرض لأخطر حرب عبر تاريخها الطويل تستهدف تدميرها وتقزيم حجمها وطمس هويتها ومنع دورها فى الحضارة الإنسانية، وللأسف الشديد فإن القوى الأجنبية المخططة والمنفذة لهذه الحرب استخدمت لتحقيق أهدافها ادواتٍ محلية، وهى تلك الفصائل والجبهات التى أُثيرت بداخلها نعرات الطائفية والعرقية والمذهبية، وتم سكب البنزين على الهشيم المتقد لتشتعل النيران وتتبلور بذلك النظرية التى ابتدعوها واسموها سياسة الأرض المحروقة . ولكن الشىء الأخطر أن ما تتعرض له أمتنا العربية سواءً من جانب أعدائها أو بأيدى أبنائها إنما يستند فى مجمله إلى معتقداتٍ دينيةٍ خاطئةٍ.لذا فإن هذه الحالة المُعقدة المتفاقمة المنذرة بالعواقب الوخيمة تدعونى لمناشدة فضيلة الإمام العالم الجليل شيخ الأزهر ليضطلع بدوره التاريخى المأمول فى هذه المرحلة، وأتصور أن يتبنى مؤتمراً تحت شعار «مؤتمر الفكر الإسلامى لتوحيد الصف»، ويتم دعوة ممثلين عن كل الحركات والفصائل المُتحاربة مثل «القاعدة» و«طالبان» و«داعش» و«بيت المقدس» و«الإخوان» و«الجهاد» وغيرها، وكذا ممثلين عن أنظمة الحكم العربية وممثلين لكبار العلماء ورموز الفكر المستنير، وتكون أعمال هذا المؤتمر بجلسات سرية ولمدة شهر لمناقشة كل الأفكار والمعتقدات التى يستند اليها كل فريق لرفع السلاح والهدف من محاربة الغير، ثم يتولى علماء الازهر دحض وتصحيح الخاطئ من الأفكار وإقرار الصحيح منها، وتصدر بعد ذلك وثيقةٌ أتصور أن تكون بعنوان «وثيقة الأزهر الشرعية لخيرية الأمة الإسلامية»، وأعتقد أنها ستصير وثيقةً ملزمةً لكل الأنظمة والحكومات، والأهم أنها ستكشف ضبابية المشهد المعقد وتزيل الغشاوة عن بصيرة الشعوب بما يوحد إرادتها ويوجه مسيرتها نحو هدفٍ واضحٍ صحيح.

حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

■ لواء بالمعاش