رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهروب إلى الخيال


تمتع المواطن العربى، فى كل البلاد العربية، بسقف عالٍ من ممارسة حرية الرأى والتعبير، سواء بأفكاره، ارائه ومعتقداته، من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، والتى عادة ما لا يتمكن من ممارستها فى الواقع الفعلى الذى يعيشه،

يلجأ الكاتب فى أحيان كثيرة إلى أن يجلس مع نفسه ويقيم ما كتبه، ويبحث دائما عن مصادر إلهام تبعث فيه شرارة الإبداع، وهو فى سبيل ذلك يلجأ إلى ما يعرف بـ«أحلام اليقظة»، وهى حالة هروب من الواقع إلى عالم خيالى وافتراضى، تغلب عليه الأفكار التى يريدها الكاتب، وليست بالطبع هى الواقع الذى يعيشه.

كان هذا فى الماضى عندما كان الكاتب يتاح له أن يجلس كثيرا مع نفسه، يتأمل الوقائع والأحداث والموضوعات التى يكتب فيها، الآن كل شىء تغير.

وأصبحت الأحداث تأتى تباعا كشريط سينمائى، أو فيلم من أفلام الرعب كل لحظة خبر جديد.

غير أن ما أحاط ببلادنا العربية ومصر، فيما يعرف بـ«محنة الربيع العربى»، جعلنا ننسى تلك الأحلام، وننهمك فى واقع أكثر ضراوة مما نتخيل، ونستوعب لحظاتنا فى واقعية ويقظة، فاقت كل خيال كتاب الرعب،

وأصبحت المشاكل التى تحاصر الإنسان المصرى والعربى، من الغلاء إلى الضغوط والأعباء المادية والعلاقات الأسرية. تحاصر الكاتب أيضا، وتجعله فى حالة تفكير مستمر فى همومه وأوجاعه.

لأجل ذلك يلجأ البعض إلى العالم الافتراضى أو الإنترنت، ليبثه همومه، ويشكو إليه أحواله، ويعيش فى نوع من الخيال مع الإنترنت، ويقيم علاقات عديدة مع آخرين متواصلا معهم، شاعرا بأن هناك من يهتم به، ويقدر ما يكتبه.

وأصبحت شبكة الإنترنت ملاذا آمنا، ومأوى حقيقياً لمعظم الكتاب والشعراء، لأنه يرى تأثير ما يكتبه حاضرا وفوريا من خلال تعليقات أصدقائه ومعارفه،

كما أن الهروب إلى هذا النوع من الخيال يتيح للشخص أن يتخلص من كل أنواع الزيف والسخف والعادات البالية التى تحكمه، وتتحكم فيه، ليمارس عاداته التى ارتضاها هو لنفسه.

وقد تمتع المواطن العربى، فى كل البلاد العربية، بسقف عالٍ من ممارسة حرية الرأى والتعبير، سواء بأفكاره، أوآرائه ومعتقداته، من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، والتى عادة ما لا يتمكن من ممارستها فى الواقع الفعلى الذى يعيشه، فهو يجد فى الفضاء الافتراضى، فضاء مفتوحا على كل الجهات، فيقول ما يريد أن يقوله بكل حرية، من دون أدنى خوف من رقيب يتابع أنفاسه ويحصى عليه كلماته، ويقرأ ما بين سطورها، وبالتالى فهو يقوم بالممارسة الفعلية لحرية التعبير، فى الفضاء الافتراضى.

مشكلة المثقف العربى الكبرى، فى كل البلاد العربية، أنه دائما يفتقد دائما القدرة على تبادل الأفكار والآراء بحرية تامة، ومناقشتها، ولكن المقاهى والمنتديات والنوادى والصحف،وشبكات التواصل الاجتماعى ساعدته كثيرا فى نقل أفكاره وتعميمها وسهولة تداولها، مما أسس مجتمعا جماهيريا حقيقيا، قاد بشكل طبيعى وسلس عملية الثورة على نظم ديمقراطية بالية، وعادات وتقاليد ديمقراطية شكلية، ويحاول بشكل دائم أن يؤسس قيم وثوابت راسخة وثابتة فهل ينجح؟

كاتب