رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطوير العشوائيات وإهدار المال العام


أكثر ما يستفزنى كلمة تطوير العشوائيات لا أعرف ما هو المقصود بذلك؟ وكيفية هذا التطوير؟ هل بتوصيل المرافق إليها؟ أم برفع القمامة منها وتجميلها حتى تصبح عشوائيات لوكس؟ وهل ليلى إسكندر ــ وزيرة التطوير الحضارى- والله لا أعلم بالضبط المسمى الوظيفى لوزارتها وحتى اختصاصاتها؟ وهى أيضا قد لا تعرف ذلك؟- هل هى الأنسب للقيام بهذه المهمة؟ وما علاقتها بذلك؟ ومعلوماتى أنها كانت مدرسة لغة فرنسية فى إحدى المدارس الثانوية فى أمريكا، هى سيدة محترمة وعلى خُلق كبير. وليس معنى أنها عملت لفترة مع جمعيات جامعى القمامة تكون هى الأنسب لهذه المهمة الانتحارية فى حين أن مصر مليئة بمئات الأساتذة والأكفاء فى مجال تطوير المدن والتخطيط العمرانى لماذا لم يتم الاستعانة بهم؟ كل هذه أسئلة مهمة ومشروعة وتحتاج إلى إجابات صريحة، المفترض أن زمن المجاملات والمكافآت انتهى وأننا فى صراع مع الوقت، والشعب الذى قام بثورتين وخلع رئيسين ووضعهما خلف القضبان فى ثلاث سنوات شعب كسر حاجز الخوف ولن يرضى بالقليل أو الفتات. العشوائيات فى مصر كنز كبير يستطيع المساهمة فى حل مشاكل كثيرة لو كان هناك فكر استراتيجى للتعامل معها. فمعظم محافظات القاهرة الكبرى عبارة عن عشوائيات كبيرة وبينها بعض المناطق الحضارية الراقية، والعشوائيات تحتل مواقع هى الأهم والأغلى فبجانب أنها خطر كبير على البلد وإن الحياة فيها غير آدمية ومصدر للجريمة والتدهور الأخلاقى، فإنها تقٌدر بآلاف المليارات، والتى تغنينا عن الاقتراض والتسول من الدول العربية والمؤسسات الدولية، فهل يعقل ونحن فى القرن الحادى والعشرين ومازالت المقابر تحتل أهم وأغلى منطقة وسط القاهرة ويسكنها أحياء أكثر من الأموات؟ فى حين أنه يمكن نقلها إلى الصحراء الشاسعة على بعد 15 دقيقة. كذلك مقابر مصر الجديدة حيث يتعدى سعر المتر خمسين ألف جنيه، كم ملياراً تساوى إذن؟! الأمر نفسه ينطبق على مقابر الإمام والسيدة وعلى مناطق الدويقة ومنشية ناصر وبولاق أبوالعلا وماسبيرو وميت عقبة وبولاق الدكرور وبين السرايات وأبوقتاتة وغيرها من عشرات بل مئات المناطق العشوائية فى القاهرة والمحافظات. العشوائيات لا تحتاج إلى تطوير بل إلى إزالة وأى جنيه يُنفق على تطويرها هو إهدار للمال العام وهناك تجارب كثيرة تخلصت من العشوائيات وإقامة مدن جديدة بدلا منها حدث ذلك فى تونس والمغرب. الأمر فقط يحتاج إلى قرار جرىء وإرادة حقيقية، وأعتقد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قادر على ذلك وقادر أيضا على اتخاذ قرارات توفر لمصر الأموال الضخمة التى يحتاجها فى التنمية، فقط من بند الأرض. بكم تُقدر أرض استاد القاهرة وأرض المعارض؟ وكذلك بعض معسكرات الأمن، والتى يمكن نقلها خارج العاصمة حيث الصحراء الكبيرة، مشاكل مصر كلها سببها أننا نعيش على 5% فقط من المساحة الكلية والفكر المطلوب هو كيفية استغلال الـ 95% الأخرى بكل ثرواتها وخيراتها وإعادة توزيع السكان عليها أى أفكار أخرى غير ذلك فهى مثل المسكنات ضررها أكثر من نفعها ومع احترمى الشديد لدعوات التبرع والترشيد فهى دعوات تقليدية، الجديد فيها فقط هو قيام رئيس الجمهورية بالبدء بنفسه وإعطاء القدوة والمثل للآخرين، أما الأفكار الإبداعية الجديدة فهى التى سوف تنقل مصر وتضعها على طريق التقدم والتنمية.

مذيع بإذاعة الشرق الأوسط