رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حواديت مصرية

حكاوي المصريين: عم أبو صبحي.. "المأساة في رجل"

عم أبو صبحي
عم أبو صبحي

"فقط من يتحدى هو من يعيش" مقولة كتبها أحد الأدباء وعاشتها أسرة بسيطة بواقع يثبت صدقها ومعناها.

على باب منزله، جلس عم أحمد بجوار "مشّايته" الحديدية.. رفيقته التي لا غنى عنها بعدما فقدت قدميه الحياة.. وبات وجوده وحياته مرتبطان بهذه "المشاية".

عم أحمد حامد أو كما يدعوه أهل حارته "أبو صبحي" وجه مصري بسيط.. قصته لا تختلف كثيرًا عن ملايين المصريين البسطاء الذين مازالوا يعيشون على أمل أن يجدوا يوما من يشعر بوجودهم.. قصته وإن اختلفت في تفاصيلها التي ترويها كل تجعيدة من تجاعيد وجهه.. التي سطرها الزمن بأفعاله في وجه رجل في متوسط العمر إلا أنها لا تختلف عن معاناة الآلاف من البسطاء.. فعم أحمد لم يكمل عامه الـ45، إلا أن ملامح وجهه تحكي عن مأساة رجل شارف على الستين.. مرض.. فقر .. حاجة.. إهمال.  

بداية كلمات "أبو صبحي" عادت بنا لذكرياته.. التي رواها بأسى ولسان حاله يتمنى لو أنه يعود لها.. كان يعمل سباكا ولديه ثلاثة أبناء، الكبرى مها "16 عاما" والوسطى صباح "15 عاما"، والأصغر وهو رجل البيت الحالي صبحي "13 عاما".
كانوا يعيشون حياة طبيعية مثل أي أسرة عادية الوالد يذهب لعمله والأولاد إلى مدارسهم والأم تعتني بالمنزل وبتربية الأبناء واستمرت الحياة هكذا إلى أن انقلبت رأسا علي عقب عندما تعرض الوالد لحادث سير منذ 4 سنوات أقعد "رب الأسرة" عن العمل.
عم "أبوصبحي" الذي توقفت قدماه عن الحركة، وكسر حوضه، وعظم فخذه الأيسر، أصبح بعدها لا يستطيع السير دون "مشايته" وأجرى العديد من العمليات دون جدوى.
لم يكن أمام رب الأسرة إلا أن يخرج أولاده من المدرسة، لعدم قدرته على توفير مصاريف تعليمهم إلى جانب نفقات علاجه واستجاب ابنه الصغير للظروف التي تم فرضت عليه، وبحث عن عمل كي يستطيع أن يعول أسرته بعد أن أقعد المرض والده.
تركت الأسرة رزقها على خالقها ثم على ابنها الذي يعمل "ميكانيكي" بأجرة 70 أو 80 جنيها في الأسبوع وتكفل بأسرته لكي تستمر ثم على أولاد الحلال "بيدونا اللي فيه النصيب".
"هستفيد إيه لما يدخل السجن.. رجلي مش هتمشي تاني من غير عكازات.. دا لو مشيت تاني أساسًا".. هكذا عبر عم "أبوصبحي" عن عجزه وآلمه عندما ذهب له وكيل النيابة في المستشفى ليأخذ أقواله في الحادث ورغبته في أن يعاقب من ارتكب معه الحادثة.
سعى "أبوصبحي" خلال السنوات الأربع الماضية منذ هذه الحادثة أن يقدم طلبًا من أجل استخراج معاش له ولأسرته، لكنه ظروف مرضه حالت بينه وبين ذلك.