رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجيش وبناء مصر


مهاتير محمد- رئيس وزراء ماليزيا السابق- وصانع نهضتها، حينما أراد بناء ماليزيا بدأ ببناء الإنسان فقرر وضع كل الشباب الماليزى فى معسكرات الجيش لمدة ستة أشهر متواصلة دون إجازات، وقام بتدريبهم وتعليمهم مهناً ولغات كثيرة لدرجة أنه حينما سئل: ولماذا تعلمهم لغات أجنبية؟ قال إننا نستهدف أن يزور ماليزيا 30 مليون سائح خلال العشر سنوات القادمة، فلا بد أن نكون مستعدين للتعامل معهم.

الجيش هو مصنع الرجال، أنا شخصياً أعرف كثيراً من الأسر المصرية كانت تتمنى تجنيد أبنائها وأصيبوا بالحزن الشديد بعد إعفائهم من الخدمة العسكرية، وإلى عهد قريب، كانت القوات المسلحة تقوم بتجنيد كل الشباب ولا تعفى منهم أحداً إلا بشروط صعبة جداً مثل الظروف المرضية أو أن يكون الابن الوحيد أو العائل لأبويه المسنين، حالياً أصبح العكس هو السائد فالجميع يتم إعفاؤهم من التجنيد، إلا القليل خاصة الشباب غير المتعلم الذى يتم تجنيده فى الأمن المركزى لخدمة الحاكم.

من المؤكد أن مصر خسرت كثيراً وسوف تدفع ثمناً كبيراً بسبب إعفاء الشباب من التجنيد، فالشاب الذى أدى الخدمة العسكرية أكثر التزاماً وانضباطاً وتحملاً للمسئولية من الشاب الذى أعفى منها، كما أن عدم تجنيد الشباب فى ظل وجود البطالة كان سبباً رئيساً فى انتشار ظاهرة الإدمان بينهم، لذلك الآن ونحن نبدأ عهداً جديداً نتطلع من خلاله لبناء مصر، ومع وجود رئيس منتخب وقيادات جديدة للجيش المصرى أكثر شباباً وحيوية.

أتمنى أن يتم إعادة النظر فى سياسية التجنيد بالقوات المسلحة، وتعود كما كانت فى السابق بحيث لا يتم إعفاء أحد من أداء الخدمة الوطنية، ليس هذا فقط بل أتمنى أن يتم تجنيد الفتيات وتكون خدمتهن فى مواقع تتناسب مع طبيعتهن سواء فى مستشفيات أو مصانع أو مزارع القوات المسلحة، أما عن الشباب وتتم الاستفادة منهم فى مشاريع التنمية واستصلاح الصحراء، ويتم تعليمهم مهناً مختلفة ولغات أجنبية.

هذا بجانب تدريبهم على فنون القتال، فهذه مهمتهم الأساسية، وبناء مصر الجديدة لن يتم إلا بشبابها وتحت قيادة قواتها المسلحة، حيث التدريب والانضباط والالتزام، كما أنه ليس من العدل أن يتم إعفاء شباب من أداء الخدمة العسكرية نهائياً، وأن يتم تجنيد آخرين لمدة ثلاث سنوات، لذلك أتمنى من الفريق أول عبد الفتاح السيسى- وزير الدفاع والإنتاج الحربى- أن يقرر تجنيد كل الشباب لمدة عام بالتساوى دون تفرقة بينهم بسبب المؤهل الدراسى أو الجنس وتتم الاستفادة منهم فى عملية التنمية وتعليمهم وتدريبهم، هذه أكبر خدمة ممكن أن يقدمها لمصر سيذكرها له التاريخ، لأنه سوف يخرج لنا أجيالاً قادرة على تحمل المسئولية ويجنبهم الانحراف، هذا اقتراح البعض قد يراه حلماً حتى لو كان كذلك فإن الإنجازات الكبيرة مثل الصعود إلى القمر بدأت بأحلام صغيرة.

أتمنى أن تتم دراسة هذا الاقتراح الحالم وألا تكون هناك معوقات فى تنفيذه مثل اتفاقية كامب ديفيد، كما يقول البعض.

■ مذيع بإذاعة الشرق الأوسط