رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذا هو النبى محمد «صلى الله عليه وسلم»


قال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون (سورة الحجرات – الآية رقم 11).

لم تتوقف أبواق الإعلام والدوائر السياسية بالغرب يوما عن شن حملات عدائية ضد الإسلام والمسلمين وتوجيه اتهامات لهم بالإرهاب والتعصب والتخلف ورفض الآخر... إلخ هذه الأوصاف المستهلكة، وذلك خدمة لأهداف مسمومة وتشويه الوجه الإنسانى والحضارى للإسلام والمسلمين. لكن المتابع للأحداث سيتأكد بما لا يدع مجالا للشك زيف هذه الادعاءات، بل سيكتشف أن هذه الأوصاف نفسها تنطبق على كيانات غربية غير قليلة، ولعل هذا ما أميط عنه اللثام مؤخرا ضمن حملات الاستهزاء المقصودة برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، والتى دأبت على شنها دول تزعم بأنها واحة الديمقراطية والتحضر ورعاية حقوق الإنسان والدولة العصرية، لكن ما بدا منها كشف أنها أبعد ما تكون هذه أو تلك مبادئ الحرية وغيرها من العبارات الرنانة التى لا وجود لها على الأرض هم أبعد ما يكونون عن كل ما يتشدقون به. كما تثير هذه المواقف عدة تساؤلات من بينها، هل يرى الغرب وأمريكا أن الاستهزاء بالأديان يعد من قبيل حرية التعبير عن الرأى أم أنه من باب رفض الآخر وهى من أولى أبجديات الديمقراطية وهل يهدفون من نشر رسوم تسخر من رسول الإسلام لترسيخ قواعد السلام الدولى أم أنهم أرادوا جلب الدمار والحرب على العالم. وهل المطلوب من المسلمين عند مطالعة هذه المواد المسيئة الاكتفاء بمصمصة الشفاه والعض على النواجز وترديد عبارات الاستغفار أم أن الهدف هو جرجرة العالم الإسلامى للرد على البذاءات بالمثل وبالتالى تنفجر براكين الغضب وينخرط العالم فى حرب دينية لا يعلم مداها أحد، وهذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة. والمتابع لممارسات حملات الإرهاب العقائدى والاضطهاد العنصرى سيكتشف أنها لا تخرج إلا من واحات الديمقراطية فى الغرب وأمريكا، وخير شاهد على هذا المجازر الإجرامية التى ارتكبت على مدار السنوات الماضية ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك والبلقان وسط سكوت بل وحماية عنصرية كارهة للإسلام والمسلمين، بخلاف قوانين منع المحجبات من دخول مقار العمل أو فى المدارس. كذلك فلم تمتد يد مسلمة بسوء لممارسة ذات الإرهاب الفكرى الذى ترعاه تلك الديمقراطيات، بل على العكس يحتضن الإسلام باقى الديانات ويحترمها ويكفل حماية معتنقيها ويمنع أى سوء يحاول المساس بأمنهم، فهل سمعنا يوما عن رسوم مسيئة للمسيح مثلا، أو التشكيك فى عفة العذراء مريم، الواقع خلاف ذلك تماما فالإسلام أكثر من تعامل بتبجيل وتقديس لرموز تلك الديانات حتى قيل إن مكانة السيدة مريم فى الإسلام أكبر كثيرا مما تحدث عنه الإنجيل. ولعل سماحة الإسلام هذه واعترافه بالآخر هى ما دعت الكاتب الأمريكى مايكل هارت فى مقدمة كتابه «العظماء مائة» لاختيار رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة الخالدين حيث يقول فى كتابه عظماء العالم : إن اختيارى محمداً، ليكون الأول فى أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد فى التاريخ كله الذى نجح أعلى نجاح على المستويين: الدينى والدنيوى. فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح فى المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى فى اليهودية، لكن محمداً هو الوحيد الذى أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها فى حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه فى هذا المجال الدنيوى أيضاً، وحّد القبائل فى شعـب، والشعوب فى أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها فى موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً فى حياته، فهو الذى بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وقد قالت عنه زوجه السيدة عائشة : لقد كان خلقه القرآن . ومجمع مكارم الأخلاق مع الله تعالى ومع عباده قول النبى صلى الله عليه وسلم : أكرموا الله أن يرى منكم ما نهاكم عنه. وهو ألا يراك سبحانه حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك. والأمر الذى يبعث العبد على الحياء من الله تعالى هو أن يعلم أن الله على كل شىء رقيب وعلى كل شىء شهيد، وهو قوله تعالى ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب (سورة التوبة – الآية رقم 78)، وقول النبى صلى الله عليه وسلم فى الإحسان : «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك». وقد أوصى عليه الصلاة والسلام بالكثير من الأخلاق الرفيعة فى معظم أحاديثه ومنها الأمثلة التالية: 1– محاسبة النفس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزن عليكم هذا يعنى أن الغافل الذى يريد نجاة نفسه من جميع المهالك إذا أراد أن يدخل فى أمر من الأمور قولاً أو فعلاً فليعلم أن الله تعالى لابد أن يوقفه بين يديه ويسأله عن ذلك الأمر، فليعد الجواب لسؤال الحق تعالى قبل أن يدخل فى ذلك الأمر. فإن رأى الجواب صواباً أو سداداً يرتضيه الحق تبارك وتعالى فليدخل فى ذلك الأمر فعاقبته محمودة فى الدنيا والآخرة. أما إن رأى أن ذلك الجواب لا يقبله المولى عز وجل ولا يرتضيه فليشرد عن ذلك. وهذا هو أساس الأعمال والأقوال فى الإسلام. 2 - الرفق فى القول والفعل : قال النبى صلى الله عليه وسلم : أهل الجنة كل هين لين سهل قريب، وأهل النار كل شديد قبعترى. قالوا: وما القبعترى يا رسول الله ؟ قال: الشديد على الأهل الشديد على الصاحب الشديد على العشيرة . وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: وقولوا للناس حسناً (أى لا قبحاً). وقال أيضاً : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذىء . كما قال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون (سورة الحجرات – الآية رقم 11).

■ أستاذ القانون الدولى