رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حول زيارة الرئيس لإيران


تبدو العلاقات بين مصر وإيران منذ النصف الثانى من القرن العشرين وحتى الآن متشابكة ومضطربة، فإيران بعد نجاح الشاه فى إفشال ثورة الدكتور محمد مصدق عام 1953 التحمت بالسياسة الأمريكية وصارت دولة محافظة بالكلمات المخففة،

ولكنها رجعية فى الخطاب الثورى القومى الناصرى المصرى. ولذلك فقد قدم الرئيس جمال عبد الناصر دعما لآية الله الخمينى أثناء ثورته فى المدرسة الفيضية بمدينة قم عام 1963، وظل العداء مستحكما بين البلدين حتى وفاة الرئيس عبد الناصر، وبعد وفاة الرئيس ناصر قفز الرئيس السادات على سياساته، فابتعد عن السوفييت واقترب من السياسة الأمريكية ثم زار الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون مصر عام 1974، فاقتربت مصر وإيران. وكان لإيران دور فى دعم مصر بالبترول أثناء حرب عام 1973، وإن لم تقطع مع الدول العربية البترول عن الغرب، وصار المحور المصرى السعودى الإيرانى هو محور الاعتدال فى العالم العربى، ولكن ذلك لم يلبث أن انهار مع نجاح الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979، فتحولت إيران إلى دولة ثورية واستمرت مصر فى حالتها المحافظة أو الرجعية، واستضافت الشاه بعد رحلته المعذبة فى المنفى ليدفن فى مقابر جامع الرفاعى كما دُفن أبوه من قبل، ثم قامت إيران بقطع العلاقات مع مصر، وبعد مصرع الرئيس أنور السادات أطلق اسم القاتل خالد الإسلامبولى على أحد الشوارع الرئيسية فى العاصمة طهران، كما أوت شقيقه محمد.

واعتبرت مصر أن هذا من أهم الأسباب التى تعيق عودة العلاقات الطبيعية بين الدولتين، وعندما ترأس السيد محمد خاتمى «وهو من الإصلاحيين» رئاسة الدولة الإيرانية اعتقد كثيرون أن العلاقات السياسية ستعود بوجه خاتمى الإصلاحى، خاصة وأن الدول الغربية حبذت نهجه وصار وجها مألوفا فى السياسة العالمية كأحد من يقومون بالحوار بين الأديان والسياسات، ولكن العلاقات لم تعد، فسرعان ما عاد المحافظون لقيادة الدولة الإيرانية برئاسة محمود أحمدى نجاد، وظلت العلاقات بين الدولتين متوترة فى أحسن الأحوال، وبعد أن انطلقت الثورة المصرية فى 25 يناير 2011، اعتبرتها الجمهورية الإسلامية من ضمن أصداء الثورة الإسلامية التى نجحت منذ 32 عاما، ورفضوا إطلاق الربيع العربى على الثورات العربية، ولكنهم سموها الصحوات الإسلامية، وبعد أن نجح الإخوان المسلمون فى الوصول لكرسى الرئاسة وزيارة الرئيس محمد مرسى لإيران للمشاركة فى مؤتمر عدم الانحياز، نسأل: هل سيطلب من الإيرانيين رفع اسم الإسلامبولى من على الشارع الذى يحمل اسمه، وهل سيطلب دعما اقتصاديا، وما الموقف من الحرب الأهلية السورية. فالإخوان المسلمون فى سوريا يقودون المعارضة، وإيران مع النظام، وإخوان مصر ضد النظام السورى ولكنهم مع حماس الإخوانية التى تدعمها إيران وكان يحميها النظام السورى، بما يثبت أن السياسة لا دين لها، ونسأل أيضا: هل يتشكل حلف جديد فتكون مصر لإيران بديلا عن سوريا، وماذا عن دور تركيا وقطر والسعودية؟!، هذه تأملات حول الارتباك فى مشهد زيارة مرسى، وكلها أسئلة تحتاج الانتظار حتى نرى ما سيحدث.

■ كاتب