رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دبلوماسية مصر التى لا تنحنى أمام المؤامرات

منذ اندلاع انتفاضة 7 أكتوبر في فلسطين، أخذت مصر على عاتقها دورًا حيويًا في محاولة حل الأزمة في غزة. لقد كانت مصر دائمًا حريصة على أن تكون كل مقترحاتها مقدمة بموافقة وحضور جميع الأطراف المعنية، لضمان أن تكون الحلول قابلة للتنفيذ ومقبولة من الجميع. هذه المقاربة ليست مجرد جزء من الدبلوماسية، بل هي انعكاس لفهم عميق لأهمية الإجماع والتعاون في حل النزاعات.

على مدى الأشهر الماضية، كانت مصر في طليعة الجهود لإقامة هدنة إنسانية في غزة، متجاوزة التحديات التي يراها البعض مستحيلة. عملت الحكومة المصرية بلا كلل من أجل التوسط في السلام، مما يعكس التزامها الثابت بحل النزاع لمصلحة الجميع. ومنذ البداية، حرصت مصر على التنسيق الدقيق مع جميع الأطراف. كل خطوة وكل مقترح كان يتم تقديمه بعد التشاور مع الأطراف الرئيسية، مما يضمن أن تكون القرارات جماعية وليست فردية.

في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الأطراف عن فشل المفاوضات وتلقي باللوم على مصر، فإن الحقيقة تقول شيئًا آخر. إن إلقاء اللوم على مصر في فشل مفاوضات الهدنة ليس فقط غير عادل، بل يحيد عن القضايا الحقيقية. لقد تحملت مصر العبء الأكبر في هذه الجهود السلمية، ومحاولات إلقاء اللوم بالكامل عليها هي محاولات يائسة ومثيرة للسخرية.

بعض الأطراف حاولت التهرب من التزاماتها من خلال نقل اللوم إلى مصر. وإذا كانت الولايات المتحدة أو حلفاؤها يجدون راحة أكبر في التعامل مع بعض الأطراف، فهذا أمر طبيعي. لكن وجود مصر على رأس هذا الملف هو مكانها التاريخي الذي لن يتغير بسبب أي ادعاءات. الهجوم على المفاوضين المصريين ومحاولة إلقاء اللوم عليهم هو أمر بائس، نابع من رغبة لتحويل الانتباه عن المسئولية الجماعية لجميع الأطراف.

كانت مصر أول من اقترح حلًا شاملًا لأزمة غزة، وقد شكل هذا المقترح أساس المفاوضات التي جرت في باريس، الدوحة، تل أبيب، والقاهرة. في كل مرحلة، عملت مصر عن كثب مع الأطراف الأخرى لضمان سماع جميع الأصوات وأخذها في الاعتبار. لقد تجاوزت مصر دور الوسيط المحايد بحكم التاريخ والجغرافيا.

رغم كل المحاولات لتشويه دور مصر في عملية السلام، فإن التزام مصر بالقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير. يشهد عليه التاريخ والآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في مصر كأهل. إن أي محاولة لتقويض دور مصر تعني زعزعة كل مساعي السلام وإهدار تاريخ طويل من المشاركة الفعالة في جهود السلام الإقليمية.

مساهمات مصر في جهود السلام كبيرة وتستحق الاعتراف. لقد أظهرت القاهرة تفانيًا منقطع النظير في سعيها للتوسط في السلام ودعم الشعب الفلسطيني. من الضروري أن يعترف المجتمع الدولي بجهود مصر ويدعمها. من خلال القيام بذلك، يمكننا العمل معًا نحو شرق أوسط أكثر سلامًا واستقرارًا.

 في هذه القضية مصر تبقى دائمًا فوق النقد، وما يُحاك ضدها من شائعات مغرضة يعكس فقط محاولات يائسة لتقويض دورها الدبلوماسي الثابت والمنهجي. مصر ستظل على مسافة واحدة من جميع الأطراف، ومواقفها الداعمة للسلام ثابتة وغير قابلة للتشكيك.