رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفاة رئيسي.. خبراء سياسيون: «الغموض سيد الموقف».. وكل السيناريوهات مطروحة على الطاولة

رئيسي
رئيسي

قال خبراء سياسيون إن إعلان الحكومة الإيرانية، رسميًا، وفاة الرئيس الإيرانى، إبراهيم رئيسى، ووزير خارجيته، حسين أمير عبداللهيان، وعدد من المسئولين، كانوا برفقته على متن المروحية التى تحطمت بسبب سوء الأحوال الجوية، ستكون له تبعات مؤثرة فى الداخل الإيرانى ومجالها السياسى والعسكرى فى المنطقة. وأوضح الخبراء أن الغموض لا يزال يحيط بملابسات وفاة الرئيس الإيرانى ومعاونيه، مشيرين إلى أن الأجهزة الرسمية تكثف من عملها للوصول إلى الأسباب الحقيقية للحادث، والتأكد من أن أطرافًا إقليمية لا تقف وراءه، وفى مقدمتها إسرائيل. 

قال محمد محسن أبوالنور، خبير الدراسات السياسية الدولية فى الشئون الإيرانية، رئيس المنتدى العربى لتحليل السياسات الإيرانية، إن الرئيس الإیرانى، إبراهيم رئيسى، أجرى قمة مع نظيره الأذربيجانى فى مدينة جلفا الحدودية بين البلدين لتدشين سد تعول عليه إيران لتحويل الحدود الإيرانية- الأذربيجانية إلى منطقة خدمات لوجستية مهمة.

وأضاف أنه فى الأدبيات الإيرانية السياسية، فإن أذربيجان متهمة بموالاة إسرائيل، وأن تل أبيب تقود عمليات ضد إيران من قلب العاصمة الأذرية باكو، وبعد انتهاء القمة وأثناء عودة الموكب الجوى، الذى كان يتكون من ٣ طائرات هليكوبتر فُقِدَ الاتصال بطائرة من الطائرات الثلاث، تبين بعد ذلك أنها المروحية التى تقل الرئيس ومعه مجموعة من المسئولين رفيعى المستوى.

وأشار «أبوالنور» إلى أن الغموض الشديد وكثافة المعلومات التى نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية، يجعلان من السهل التنبؤ بأن أمرًا كبيرًا جدًا قد حدث، وتحاول إيران التغطية عليه لحين التئام المجلس الأعلى للأمن القومى، وتدبر الرواية التى سيعلنها للرأى العام.

وتابع: «ما نعرفه حتى الوقت الحاضر هو ما أعلنه وزير الداخلية الإيرانى، أحمد وحيدى، عن أن سوء الأحوال الجوية أجبر إحدى المروحيات على هبوط طارئ فى منطقة تعانى تقلبات فى الطقس وضبابًا شديدًا وسقوط أمطار ودرجات رطوبة عالية».

وأوضح «أبوالنور» أن إيران تعانى صعوبة بالغة فى صيانة الطائرات بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع الطيران، ما يمنعها من شراء قطع الغيار اللازمة، لذلك تتعرض الطائرات المدنية الإيرانية إلى مشكلات متعددة وحوادث كثيرة، وحتى الآن من الصعب استباق الأحداث والتنبؤ بأن الحادث مدبر من عدمه، لكن وجود كل هذه الشخصيات المهمة على متن طائرة واحدة فى مدينة حدودية قريبة من منطقة نفوذ عملياتى للموساد، يجعل من اصطيادهم بضربة واحدة أمرًا شديد الإغراء للمجانين والإرهابيين فى تل أبيب، حسب قوله.

واختتم: «لو افترضنا جدلًا أن الرئيس الإيرانى قد اغتيل هو ومن معه من المسئولين فى عملية استهداف إسرائيلية، فإن المرجح أن طهران لن تعلن عن اتهام تل أبيب؛ لأن اتهامًا رسميًا لإسرائيل يعنى إعلان الحرب، وهو ما لا تريده إيران».

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمى، إن حادث وفاة الرئيس الإيرانى، بصرف النظر عن كونه مدبرًا أو حادثًا طارئًا، يجعل إيران أمام استحقاقات كبيرة وستنشغل كثيرًا بالداخل الإيرانى فى الفترة المقبلة، وسيكون هناك ارتباط بالأوضاع وارتداداتها على حرب غزة، لأنه سيقلل الاهتمام بالملفات المتعلقة بحزب الله وبالأطراف الأخرى، وأيضًا حماس وغيرها من الفصائل. 

وأضاف أن مراكز القوى فى النظام السياسى الإيرانى قوية ومتماسكة بصرف النظر عما يجرى، وأنه سيكون لها دور لضبط الأوضاع فى إيران عند الضرورة.

وأوضح «فهمى» أنه فى كل الأحوال فإن إيران مقبلة على مرحلة جديدة سيكون عنوانها الانشغال بالأوضاع الداخلية على حساب القضايا والملفات الإقليمية، وستكون لها تأثيراتها بطبيعة الحال على ما يجرى فى المنطقة.

من جانبها، شككت سمية عسلة، الباحثة السياسية فى الشأن الإيرانى، فى الرواية الإيرانية الرسمية، قائلة إنه لا يمكن أن نصف ما حدث فى الطائرة بالعطل الفنى المفاجئ، نظرًا لتلقى «رئيسى» تقريرًا وتحذيرًا قبل الحادث بـ٢٤ ساعة من أن هناك مشكلات فى الطقس أو سوء فى الأحوال الجوية، وعليه ألا يصعد إلى الطائرة.

وقالت «عسلة» إنه ورغم كل التحذيرات صعد إبراهيم رئيسى إلى الطائرة، ليفتتح السد الثالث ضمن اتفاق «أوما»، وهو عبارة عن صفقة مشتركة بين إيران ودولة أذربيجان، اللتين كانت تجمعهما علاقات متوترة على مدار فترة طويلة بسبب علاقة الأخيرة مع إسرائيل. 

وبينت أن طهران كانت دائمًا ما تكيل الاتهامات إلى باكو، بأنها هى من تدعم إسرائيل بالمعلومات التى تستهدف بها إيران، وتشارك فى عملية استخباراتية ضدها، ولعل ذلك هو السبب المنطقى الذى دفع إبراهيم رئيسى للذهاب لافتتاح هذا السد مع نظيره رئيس دولة أذربيجان.

وقالت: «لا يمكن أن يكون سبب الحادث عطلًا فنيًا، لأنه عندما تلقى إبراهيم رئيسى تحذيرات بعدم الصعود إلى الطائرة، فإن الحرس الثورى والجهات المسئولة عن تأمين الرئيس، نفذت كل ما عليها من واجبات لتأمين الطائرة». 

وأضافت: «فى الغالب يتم الاستعداد للسيناريو الأسوأ فى حالة هذا الطقس، وهذا لا يتناسب مع ادعاءات حدوث عطل فنى، والنقطة الثانية هى أن الطائرتين المرافقتين لطائرة إبراهيم رئيسى مرتا دون أذى، كما أن طاقم الإسعاف تحرك بعد ساعتين ونصف باتجاه الحادث، وهذا أمر مريب أيضًا، لذا كل المؤشرات تقول إنه حادث اغتيال، وليس مجرد عطل فنى».

ولفتت إلى أن مواقع إلكترونية رسمية محسوبة على الحرس الثورى الإيرانى، قالت إن الحادث يأخذ شكل الاغتيال لأن المنطقة الحدودية الذى ذهب إليها «رئيسى»، تنتشر فيها عناصر مشبوهة، سبق أن وجهت إليها اتهامات بالتعاون مع إسرائيل. 

وذكرت «عسلة» أن تأخر وصول الإسعاف والطواقم الطبية إلى موقع الحادث، ربما تم بأوامر من قيادة الحرس الثورى، وهذه مؤشرات تجعلنا نطرح سؤالًا مهمًا جدًا، وهو: «هل أصبح إبراهيم رئيسى، وحسين أمير عبداللهيان وزير خارجيته، عبئًا على المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وعبئًا على ولاية الفقيه فى إيران فى هذا التوقيت؟»، خصوصًا أن إبراهيم رئيسى لم يكن مجرد رئيس دولة، بل هو أيضًا المرشح لخلافة آية الله على خامنئى فى منصب المرشد. 

وقالت: «الأمر المهم، أيضًا، أن الجانب الأمريكى والجانب الغربى والجانب الإسرائيلى، تكيل الاتهامات لوزير الخارجية الإيرانى ورئيس الدولة بأنهما حجر عثرة فى سبيل الوصول إلى اتفاق نووى مع إيران، أو عودة إيران للاتفاق النووى القديم والالتزام ببنود الاتفاقية النووية، وعدم تخصيب اليورانيم بمعدلات تفوق المسموح بها، وأيضًا ترى أنهما العائق فى سبيل الوصول إلى أى اتفاق ملزم فيما يخص الميليشيات الإيرانية فى المنطقة ودورها، وما يفعله الحوثى من هجمات فى البحر الأحمر بزعم دعم القضية الفلسطينية فى غزة».

وأشارت إلى أن تضارب الرسائل الإعلامية فى إيران بين النفى والتكذيب، عقب الحادث وقبل الإعلان عن التقاط جثث من كانوا فى الطائرة، وأيضًا تضارب التصريحات على مستوى قادة الحرس الثورى الإيرانى- يشير إلى أن النظام الإيرانى أو المرشد الأعلى كانت لديه معلومات هو وقادة الحرس، ما يرجح تصفية إبراهيم رئيسى.

ولفتت إلى تضارب التصريحات التى يتم نشرها عبر الإعلام الإسرائيلى، سواء لشخصيات فى الحكومة الإسرائيلية أو قيادات فى جيش الاحتلال السابقين أو المتقاعدين، منوهة بأن «يديعوت أحرونوت» وصفت إبراهيم رئيسى وحسين أمير عبداللهيان بأنهما كارهان للدولة الإسرائيلية، وكارهان للمجتمع اليهودى، وأنهما لا يعترفان بمذابح الهولوكوست، ويكيلان لهما الاتهامات، بشكل لا يستبعد أن تكون تل أبيب متورطة فى الحادث.