رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقود من الذكريات والألم.. فلسطينيون: النكبة لم تنتهِ بعد

النكبة
النكبة

منذ العام 1948، يعاني الشعب الفلسطيني تحت وطأة ذكريات النكبة، تلك الفترة المظلمة التي لا تزال تخيم على الوجدان الجماعي. النكبة، ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي جرح مفتوح في قلب كل فلسطيني، لم تستطع السنوات أن تداويه، في ذلك العام، شهد العالم إحدى أكبر عمليات التهجير القسري في التاريخ الحديث، حيث تم تشريد قرابة 800 ألف فلسطيني من ديارهم، ما أدى إلى تدمير حياتهم ومجتمعاتهم، القرى تم محوها من الخريطة، والأسر تفرقت، والأحلام تحطمت تحت وطأة الآلة العسكرية، الأحداث المروعة للنكبة لا تزال تلقي بظلالها على الأجيال الجديدة، فالقصص والروايات المنقولة عبر الأجداد والآباء تبقى حية في الذاكرة الجماعية، والأوضاع الراهنة في غزة والضفة الغربية، حيث الاعتداءات والحروب لا تتوقف، تجدد باستمرار الشعور بالظلم والحرمان الذي بدأ منذ أكثر من سبعة عقود.

 

واقع مرير

اليوم، يواجه الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية تحديات جمة تذكرهم بالنكبة الأولى، الحصار، والقصف، والاستيطان، والاعتداءات المستمرة، كلها تشكل نكبات جديدة تضاف إلى تاريخهم الطويل من المعاناة والصمود.

فاطمة الشيخ عجوز تبلغ من العمر 82 عامًا، عاشت في قرية صبارين قرب حيفا، حيث تتداخل ذكريات الماضي مع واقع الحاضر، تجلس المسنة فاطمة شاهدة على عصر النكبة وما تلاه من أحداث، عندما تتحدث، يبدو الزمن كأنه توقف عند تلك اللحظات الفارقة التي غيرت مجرى حياتها وحياة شعب بأكمله.

 

من حيفا إلى غزة: رحلة الألم

عندما تسترجع فاطمة، ذكرياتها، تتحول الكلمات إلى صور حية من الماضي، تروي لـ"الدستور" كيف كانت الحياة في يبنا، ببيوتها الكبيرة وأراضيها الخصبة، وكيف كانت تلعب في حقول القرية دون أن تعلم أن القدر يخبئ لها ولأهلها نكبة ستغير كل شيء، تقول بنبرة ملؤها الحزن والإصرار: "لم نكن نعلم أن الأرض التي نمشي عليها ستصبح ذكرى نتوق للعودة إليها".

تصف فاطمة الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة بأنها أشد قسوة من النكبة نفسها، تتحدث عن الدمار الذي يحيط بها، عن الأصوات المرعبة للقصف التي تعيد إلى ذاكرتها صور الرحيل القسري من صبارين، ومع ذلك، تؤكد بقوة تمسكها بأرضها، قائلة: "هذه أرضنا، وسنبقى فيها حتى آخر نفس".

 

نكبة جديدة كل يوم

محمد ياسين، الذي يناهز الحادية والثمانين من عمره، يجد نفسه اليوم بين جدران مخيم الأمعري بالضفة الغربية، حيث تتشابك ذكريات الماضي مع تحديات الحاضر، يرى ياسين أن الأحداث التي يشهدها الفلسطينيون اليوم ليست سوى امتداد لمأساة النكبة التي عاشها في صباه.

ياسين، بصوت يحمل وقع السنين، يقول لـ"الدستور"، إن كل يوم يمر على الفلسطينيين يحمل في طياته نكبة جديدة، مضيفًا: بل ما يحدث هو حرب إبادة تفوق في بشاعتها أحداث النكبة، "التهجير، الاستيطان، الحصار، الاعتداءات... كلها تذكرنا بما عانيناه عندما فقدنا أرضنا وبيوتنا لأول مرة".