رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من وراء الستار.. بيع جماجم بشرية في لندن يثير جدل علماء الآثار (القصة الكاملة)

جماجم بشرية
جماجم بشرية

فضيحة تضاف إلى سجال فضائح الغرب الذي يدعي احترام الإنسان وحقوقه بل ويبرر أمام العالم تدخله في شئون الآخرين بحجة حمايتهما، تلك الفضيحة الذي تسبب فيها الإعلان الأخير لدار مزادات بريطانية عن بيع رفات بشرية إفريقية لمن يدفع أعلى سعر، لتصبح فيها رفات البشر هى سلعة تباع وتشتري وتقبل التفاوض.

والمفاجأة أن بين هذه الجماجم كانت جماجم لمصريين قدماء، وهو ما يعني أننا أمام سرقة لآثار مصرية، وفي الوقت ذاته أمام تجارة في رفات بشرية، وما تمثله من منافاة كاملة للحقوق والكرامة الإنسانية.

ولأعلى سعر عرضت الجماجم داخل صالة المزاد البريطانية المُهين للإنسانية والأخلاق ليبدأ سعر الجمجمة الواحدة في المتوسط من 300 جنيه استرليني، ومن يدفع أكثر هو من يحصل على هذا الجزء من الإنسان المفصول، وبعدها يكون حر يفعل به ما يشاء حتى أن.

زاهي حواس: جريمة مزدوجة 

الدكتور زاهي حواس عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق في حديثه الخاص إلى الدستور أوضح أن بيع الجماجم البشرية  المصرية في المزادات الأوروبية يمثل جريمة مزدوجة إذ أنها جريمة تجارة في آثار الغير وما يمثله ذلك من سرقة بيّنة، كما أنها جريمة أخرى في حق البشرية بانتهاكها ببيع أجزاء الانسان والمتاجرة بحرماته.

 واستكمل حواس أن تلك الواقعة تؤكد  التصرفات الاستعمارية التي تقوم بها المتاحف الأوروبية والأمريكية منذ قديم الأزل وحتى الأن، لافتًا إلى ضرورة تحرك اليونسكو ضد هذا الجرم واتخاذ خطوات فاعلة وصارمة.

شهد شاهد من أهلها 

وقد خرج بعض الخبراء البريطانيين أنفسهم عقب إعلان هذا المزاد ليدعوا إلى إعادة النظر في القوانين التي تحكم بيع الرفات البشرية، إذ قال دان هيكس، المتخصص في المتاحف البريطانية، لوسائل إعلام أمريكية: "إنه لأمر صادم للغاية رؤية جماجم معروضة للبيع".

كذلك قالت لورا فان بروخوفن، مديرة متحف بيت ريفرز، إنها "فوجئت حقًا لأن دور المزادات لا تزال تفعل ذلك»، لافته إلى أنها تأمل في التوقف عن بيع وتسليع الرفات البشرية.

في الوقت نفسه قال بيل ريبيرو آدي، رئيس المجموعة البرلمانية التي تضم جميع الأحزاب المعنية بالتعويضات الأفريقية، أنه يجب حظر بيع الرفات البشرية سواءًا كانت لأي غرض من الأغراض واصفًا هذه التجارة بأنها انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية.

اضطرار إلى إلغاء بيع الجماجم المصرية

ونتيجة للانتقادات الواسعة التي قابلها المزاد البريطاني عارض الرفات البشرية لأعلى سعر، والتي أكدت أن التجارة بالرفات انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية، قام هذا الدار بسحب 18 جمجمة بشرية مصرية قديمة من البيع، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية.

وكان قد تم إدراج جماجم 10 رجال وخمس نساء وثلاثة أشخاص من جنس غير مؤكد، بواسطة دار المزادات Semley Auctioneers في دورست، وذلك بسعر استرشادي يتراوح بين 200 و300 جنيه إسترليني لكل مجموعة.

وقد تم جمع الجماجم في الأصل من قبل الجندي البريطاني وعالم الآثار الفيكتوري أوغسطس هنري لين فوكس بيت ريفرز، الذي أسس متحف بيت ريفرز بجامعة أكسفورد في عام 1884.

ليست الأولى 

يُذكر أن تلك ليست المرة الوحيدة التي يبيع فيها الغرب كافة حقوق البشرية والإنسانية ولم يكتفوا ببيعها والبشر أحياء بل وهم أموات أيضًا، إذ كانت قد أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية العام الماضي رصد أحد المزادات المقامة بصالة Swan fine Arts في مدينة تتسورث بالمملكة المتحدة تقوم بعرض قطعتين أثريتين مصريتين ضمن معروضاتها وكانتا عبارة عن رأس ويد مومياء.

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى وزيري حينها أن وزارة السياحة والآثار قد قامت باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية عبر سفارتها في لندن وكافة الجهات المعنية للعمل على الإطلاع على المستندات الخاصة بالقطعتين والتأكد من طريقة خروجها من مصر.

كذلك علق المشرف العام على الإدارة العامة للآثار المستردة شعبان عبد الجواد على الواقعة بأنه ليس من الأخلاق عرض رفات بشرية للبيع والتداول، فهي ليست قطع فنية يمكن اقتنائها في المنازل بل هي أجزاء من أجساد بشرية يجب احترامها وتقديرها.

متحف الإنسان عار على الغرب

ولم يقتصر الأمر على سرقة الغرب الرفات البشرية الخاصة بالمصريين فقط وعرضها في المزاد أو المتاحف، بل أن هناك واحدًا من أكثر المتاحف الأوروبية التى وصفت بإنها وصمة عار فى تاريخ الإنسانية، وهو متحف الإنسان بالعاصمة الفرنسية باريس، الذي لايمت بصلة لاسمه حيث يعرض جماجم آلاف من شهداء الدول العربية التي احتلتها فرنسا كالجزائر والمغرب وغيرها.

هذا المتحف اللإنساني تدعمه الحكومة الفرنسية، مستعرضة فيه رفات البشر في انتهاك صارخ للبشرية والإنسانية ظل منذ عشرات السنوات وممتد إلى الآن.