رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أَنا كأسُ نبيذٍ فارغةٍ

سيد أحمد
سيد أحمد

 

أُطِلُّ علىٰ العالمِ منْ نافذةٍ

زرقاءَ، حمراءَ، ورديةٍ، وتعيسةٍ

دونَ أملٍ

هذا شأنُ النَّهارِ

وفى المساءِ يسألُنى زميلٌ 

أو صديقةٌ

كيفَ حالُ العملِ؟ 

أشعرُ بالامتنانِ أثناءِ الإجابةِ 

قائلًا بمكرٍ: أقله، لدى عمل أكرهه! 

وربَّما أحكى لهم يومًا عنْ صديقٍ هناكَ 

لا ينفكُ يخبرنى 

أنَّ مجيئى كانَ عبئًا لا يُحتملُ

وأنَّ الأصلحَ -لِعِلَّةِ اغترابى عن أحاديثِهم الجانبيَّةِ-

ربَّما أن أمكثَ فى البيتِ 

أشاهدُ فيلمًا 

أو أمضى بعضَ الوقتِ فى كتابةِ آراءِ النزلاءِ

عن تجربةِ التحليقِ فوقَ منزلِنا

أمَّا عملًا بنصيحةِ «بودلير» 

فقد قررتُ الغيابَ عنِ الوعىِ

وعنِ الحُلمِ بعالمٍ أفضلَ

وهى ذاتُ النصيحةُ لطبيبى النفسِى 

إذ توقفتُ لشهورٍ طويلةٍ عنِ الحديثِ إلى صديقى المقرَّبِ 

ولعلِّى فقدتُ الرغبةَ مجددًا 

شىء مؤسفٌ، أليسَ كذلكَ؟

الجلسةُ؛ بأحدِ المقاهى 

تناولتُ عقارًا، لا أعلمُ كيفَ يعملُ

فقط، شعرتُ بهدوءٍ يجتاحُ كلَّ الأراضى المحرَّمةِ

وكلَّ الأفكارِ الانتحاريَّةِ التى سعيتُ لتجريبِها جميعًا الليلةَ الماضيةَ

تغفو على طرفِ سريرى كلَّ الأسئلةِ الحادَّةِ 

فيعُمُّ سلامٌ نسبىٌ بعدَ العاصفةِ

فى العودةِ لاقتْ عيناى طفلةً

تضحكُ عاليًا

قبلَ أن ينتهى العالمُ

وقبلَ أنْ تشيرَ إلىَّّ بكفِّهَا 

أو أنْ أبادلَها ذاتَ الفرحِ

بذاتِ اللحظةِ، راحتْ تخضعُ لإمرتى كلَّ المشكلاتِ السابقةِ

معَ رأسِ الدولةِ الملحدةِ

ومع حبيبتِى بينمَا أغنِّى «غابْ عنِّى المحبوب وبَكِيت»

تذَّكرتُ قولَ صديقٍ فى معرِضِ تفسيرِهِ لفشلِه فى الحبِّ 

إنَّ الحبَّ لعبةٌ

وهو لا يجيدُ اللعبِ، ولا أنا ولا نُريدُ

إذ ينبغِى أن يكونَ الطرفانِ بنفسِ المستوى لكى يستمرَّانِ باللعبِ، أو الكذبِ

فما إن كشفَ لمحبوبتِه عن مشاعرِه، انتهتِ اللعبةُ 

خسرَ بهذهِ البساطةِ، وزهدت فيهِ! 

لينتهىَ وقد وصلَ

- مكذِّبًا ما حدثَ-

لـ«غاب عنى المحبوب وبكيت!» 

لم يكنْ عالمُ الطفلةِ أجملَ

فحسب

بلْ كانَ محتملًا!