رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العناصر التكفيرية.. وعملية سيناء 1-2


إن العناصر الجهادية بدأت تظهر فى كل من رفح والشيخ زويد وهى تحاول الإسراع فى ضم أكبر عدد ممكن من الشباب المتشدد إليها.. فهى تسابق الوقت خوفًا من عودة الأمن بقوة لسيناء خلال الفترة المقبلة.

إن العناصر الموجودة داخل سيناء مازالت أعدادها محدودة وهى مجموعات تعتنق فكر الجهاد، بالإضافة إلى بعض المتورطين فى تفجيرات سبق أن وقعت فى سيناء بين عامى 2004 و2006 والذين فروا من السجون عقب الثورة مطلع العام الماضى، إن الدخول فى مواجهة مسلحة فى الوقت الحالى مع العناصر المسلحة فى سيناء سيؤدى إلى خسائر كبيرة فى الجانبين وزيادة الاحتقان بين البدو وأجهزة الأمن، إن التدخل المسلح سيكون الحل الأخير فى حال فشل جهود مشايخ البدو فى إقناع هذه العناصر بنبذ العنف والعودة للاعتدال، إن هذه العناصر حصلت على أسلحة حديثة خلال الفترة الماضية تم تهريبها عبر الحدود المصرية مع ليبيا والسودان.

هناك جهود على أعلى مستوى من القوات المسلحة لمعرفة هوية الجناة الذين استهدفوا جنودنا على الحدود، وأنه سيتم تطهير المنطقة من أى عناصر إجرامية، مع أهمية الانتشار الكامل للجيش والشرطة فى رفح والشيخ زويد الفترة القادمة.

واصلت قوات الجيش المصرى تكثيف تعزيزاتها العسكرية قرب معبرى رفح وكرم أبو سالم وفرضت طوقًا أمنيًا على مكان العملية الإرهابية التى استهدفت جنودنا على الحدود، وانتشرت آليات عسكرية ومدرعات وأفراد أمن بصورة كبيرة فى مدينة رفح وفى ميدان المساورة وهناك توقف شبه تام لعملية نقل البضائع والوقود المهرب عبر الأنفاق وتوقف لمعبر رفح البرى من الاتجاهين، قوات الجيش أقامت أكمنة ثابتة ومتحركة وتجرى عمليات تفتيش واسعة للعابرين كما تقوم طائرات هليكوبتر مساء بمتابعة الحالة الأمنية والتحليق قرب الحدود وفوق المنطقة التى شهدت العملية وقرب الأكمنة الخاصة بالجيش.

وكانت بداية الأحداث اندلعت مع لحظة الإفطار حيث قامت العناصر التى تسللت من الأنفاق من قطاع غزة وتنتمى إلى ما يعرف باسم جماعة أنصار بيت المقدس وجماعة شورى المجاهدين وهما جماعتان جهاديتان من غزة وتتعاون معهما عناصر منها: جماعة التكفير والهجرة وعناصر جهادية موالية لتنظيم القاعدة فكريًا من سيناء بحسب مصدر أمنى، وقامت بالسطو على مدرعة للأمن المركزى من طراز فهد من كمين الماسورة برفح ثم اتجهت بها إلى وحدة عسكرية قرب العلامة الدولية السادسة قبالة معبر كرم أبو سالم الإسرائيلى.

تساؤل يطلقه الجميع الآن لتحديد المسئول عن العملية الإرهابية ودماء الشهداء المصريين خاصة مع وجود أكثر من جهة مستفيدة من الأمر، سواء حركة حماس التى تتحكم فى قطاع غزة، أو إسرائيل التى حذرت مرارًا من تسيب أمنى فى سيناء.

أوالجماعات التى تطلق على نفسها جهادية، والتى سجلت نشاطًا واضحًا خلال الفترة الماضية فى شبه جزيرة سيناء.

السيناريو الأول: أصابع إسرائيلية.. تحدث عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين عن إمكانية تورط إسرائيل فى الهجوم الذى وقع بالقرب من معبر رفح مستدلين على ذلك بأن قاعدة ابحث عن المستفيد من وراء ذلك تؤكد تورط الجانب الإسرائيلى، كونه واحدًا من المسفيدين من العملية، فإذا نظرنا إلى مكاسب إسرائيل من العملية الإرهابية التى استهدفت معبر كرم أبو سالم، نرى أنها ستقلص بشكل كبير من العلاقة الوثيقة بين الدولة المصرية حركة حماس، خاصة بعد تحسنها الواضح عقب وصول مرشح جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم كما تتمثل مكاسب الدولة العبرية من مقتل الجنود المصريين على الحدود فى محاولة إسرائيل تعديل اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، لإقامة منطقة عازلة وتبرير استمرار إنشاء السياج الأمنى بين مصر وإسرائيل.

السيناريو الثانى: حركة حماس.. يعد هذا السيناريو من أضعف الاحتمالات على الساحة، لعدة أسباب تتعلق بطبيعة العلاقة بين حماس والإخوان المسلمين وتطوراتها خلال الأيام الماضية وعقب فوز محمد مرسى بمنصب الرئيس، ولكن.. هناك بعض المؤشرات التى تدعم نظرية مشاركة حركة حماس أو على الأقل معرفتها المسبقة بالعملية، من المعروف أن جماعة الإخوان المسلمين تعتبر الأب الروحى لكل الحركات الإسلامية فى الوطن العربى، ومن ضمنها بالطبع حركة المقاومة الإسلامية حماس وهو ما شكل علاقة وثيقة بين الجانبين، خاصة مع وصول محمد مرسى مرشح الإخوان للرئاسة، ولكن أكدت بعد المصادر العسكرية بشكل غير رسمى لعدد من وسائل الإعلام، أن الإرهابيين الذين نفذوا العملية الأخيرة، جاءوا من غزة عن طريق الأنفاق المتواجدة على طول الحدود المصرية مع القطاع، وهو ما يلمح لمسئولية الحركة عن الأمر، أو على الأقل بعلمها به، خاصة وهى المتحكمة الوحيدة فى قطاع غزة منذ ما يقرب من العامين، دعونا نتخيل الآتى: عملية على الحدود تقتل وتصيب عشرات الجنود المصريين ويتسلل المهاجمون للحدود الإسرائيلية ويتمكنون من إلحاق ضرر كبير بالدولة العبرية مما يثير التوتر بين الجانبين المصرى والإسرائيلى، لتزداد العلاقة عمقًا بين مصر وحماس، بالإضافة إلى جر مصر لمواجهة محتملة مع إسرائيل لمزيد من التسهيلات الحدودية للحركة المنعزلة عن كثير من دول العالم هل تراه احتمالا ممكنًا؟

السيناريو الثالث: متطرفون إسلاميون.. يتلخص هذا الاحتمال فى أن الجماعات الجهادية هى المسئولة عن الحادث بمفردها ودون مساعدة من قطاع غزة استمرارًا لتواجدها ونشاطها فى سيناء منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك فالجماعات المسلحة فى سيناء قامت خلال الشهور الماضية بعدة عمليات محدودة ضد نقاط مراقبة وكمائن فى سيناء، أسفرت عن خسائر محدودة فى صفوف قوات الأمن المصرية، ولكنها أشارت إلى وجود ملحوظ لهذه الجماعات، الحقيقة الوحيدة المؤكدة فى هذه العملية الإجرامية هى أن قوات الأمن بكل أشكالها،مقصرة بشكل واضح فى عملها، ومسئولة مسئولية واضحة عن مقتل الجنود المصريين فجهاز المخابرات العامة المسئول عن الشق المعلوماتى فى سيناء، والمخلول له معرفة أى عملية إرهابية قبل تنفيذها وإحباطها، لم يقم بدوره على النحو الأمثل، ليتم التجهيز والتنفيذ دون أن يتمكن من معرفة ذلك أو أن يتدخل لمنعها، ناهيك عن الأخذ بالتحذيرات الإسرائيلية التى خرجت مؤخرًا للتحذير من عدم استقرار الأوضاع فى سيناء.

■ أستاذ القانون الدولى