رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غباء إسرائيلى مستحكم

فى تأكيد جديد على الفشل الإسرائيلى، تقدم أهارون هاليفا، رئيس شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية، «أمان»، صباح أمس الإثنين، باستقالته، وقال فى بيان إن الشعبة تحت قيادته لم تكن على قدر المسئولية قبل هجمات ٧ أكتوبر، وأشار إلى أنه كان يعتزم الاستقالة، فور وقوع الهجمات، لكنه اضطر إلى تأجيلها، لعدة عوامل، من بينها التوتر مع إيران، وما وصفه بـ«جولة تبادل النيران» معها.

تحت عنوان «فشل إسرائيلى كامل»، نشرت «الدستور»، أمس، على صدر صفحتها الأولى، ردًا مصريًا حاسمًا على كذبة تهريب السلاح من مصر إلى قطاع غزة، نسف فى ٩ نقاط، وصلت إلى ١٥ نقطة فى «الصفحة الخامسة»، مزاعم وادعاءات باطلة تضمنها مقال نشرته جريدة «هآرتس» الإسرائيلية، دون أن تذكر اسم كاتبه، مكتفية بالإشارة إلى أنه «مسئول كبير سابق فى الموساد والمخابرات العسكرية تقاعد سنة ٢٠١٩»، وتصادف أن يتزامن ذلك مع قيام المسئول الكبير المعلوم بتقديم استقالته. 

كل المسئولين الإسرائيليين المعنيين، تقريبًا، أقروا بالفشل، باستثناء بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالى، المتهم بالفساد وخيانة الأمانة والرشوة والاحتيال، والذى لا يفكر، الآن، إلا فى كيفية إنقاذ نفسه، من مصير أسود، شديد السواد، ينتظره، فور وقف إطلاق النار، وتوقف آلة القتل الإسرائيلية عن ارتكاب جرائمها. وعليه، كان أهم ما تضمنه بيان استقالة رئيس شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية، هو مطالبته بإجراء تحقيق شامل بشأن أسباب فشل التصدى لهجمات ٧ أكتوبر. بالضبط، كما كان أهم ما جاء فى الرد المصرى هو مطالبته الحكومة الإسرائيلية بأن «تجرى تحقيقات جادة داخل جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، للبحث عن المتورطين الحقيقيين فى تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من بينهم، بهدف التربح».

استند الرد المصرى، فى مطالبته بإجراء التحقيقات الجادة، إلى أن «العديد من الأسلحة الموجودة داخل القطاع حاليًا هى نتيجة التهريب من داخل إسرائيل، مثل بنادق ١٦M، ونوعيات من الـRPG»، إضافة إلى «المواد ثنائية الاستخدام فى التصنيع العسكرى» التى جرى تهريبها للأجنحة العسكرية بالقطاع. كما استند، أيضًا، إلى ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحقيقات، التى تجرى مع أفراد من الجيش الإسرائيلى، على خلفية اختفاء أسلحة أو بيعها بالضفة الغربية، ومنها تُرسل إلى قطاع غزة.

فور وقوع هجمات ٧ أكتوبر، أو عملية طوفان الأقصى، أقر «هاليفا» بفشله فى توقع الهجمات. وتكرر ذلك، فى أول نوفمبر التالى، خلال حفل تخريج دفعة جديدة من الضباط، وحمّل نفسه مسئولية هذا الفشل، وقال إنهم يواجهون «أعداء فى الشمال والشرق، ومن القريب والبعيد». كما أقر رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام، «الشاباك»، أيضًا، بالفشل، وأعلن عن تحمله المسئولية، فى رسالة إلى عناصر الجهاز عن تحمله المسئولية. والشىء نفسه، فعله هرتسى هليفى، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلى، الذى كان قد تعهد، فور توليه منصبه، فى يناير ٢٠٢٣، بالتجهيز للحرب على الجبهات القريبة والبعيدة. ولم يكن هناك معنى لإعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن إرسال مسئولين لمساعدة الإسرائيليين، من بينهم جيمس جلين، الجنرال فى مشاة البحرية، غير أن قائد الجيش الإسرائيلى ليس قادرًا على إدارة الأمر.

أيضًا، قال تساهى هنجبى، مستشار الأمن القومى الإسرائيلى، إنه أخطأ التقدير بشأن قدرة «حماس» واعتقد أنها لن تجرؤ على مهاجمة إسرائيل. وقال نفتالى بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، إنه يتحمل جزءًا من المسئولية، لكونه كان يقود إسرائيل لمدة ١٢ شهرًا، بين يونيو ٢٠٢١ ويونيو ٢٠٢٢، وهى الفترة، التى قال إن حركة «حماس» كانت تستعد فيها لهجماتها المباغتة.

.. وأخيرًا، لم يكن غريبًا، أو مستغربًا، أن تحاول حكومة، يقودها فاسد، تبرير فشل أجهزتها المخابراتية والعسكرية، والتعتيم أو «الغلوشة» على حجم الاختراق الهائل، والثابت، لتلك الأجهزة. غير أن الغريب والعجيب والمثير للسخرية، هو أن يدفعها فشلها، وغباؤها المستحكم، إلى اتهامنا بتهريب السلاح إلى قطاع غزة، بعد أن حاولت، هى نفسها، تحميلنا مسئولية منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع!.