رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل صلاح جاهين لابن البلد "درش": أمريكا مصاصة الدم واكلة اللحمة البشرية

صلاح جاهين
صلاح جاهين

صلاح جاهين، واحد من أبرز شعراء العامية المصرية، لم تقتصر موهبته على الشعر، فقد مارس وخاض العديد من التجارب الإبداعية من بينها التمثيل، حيث شارك في بطولة فيلمين من أشهر أفلام السينما المصرية وهما "اللص والكلاب" مع شادية وشكري سرحان، وفيلم "لا وقت للحب" مع رشدي أباظة وفاتن حمامة.

حكاية رسائل صلاح جاهين لابن البلد "درش"

وصلاح جاهين من الشعراء القلائل الذين يتميزون بسرعة اللقطة الساخرة وهو ما أبرزته وعكسته رسومه الكاريكاتورية في جريدة الأهرام. 

وفي عددها الــ 829، والصادر بتاريخ 20 يونيو من عام 1967 نشرت مجلة «الكواكب» الفنية المصرية، عددًا من الرسائل التي بعثها الشاعر صلاح جاهين خلال رحلة علاجية له في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1964. 

وفي رسالته يوجه جاهين حديثه إلى "درش"، وهو المواطن المصري، يقول له: عزيزي "درش"، متأخر عليك في الجوابات، لا مؤاخذة، مشغول باستكشاف أمريكا، ح تقولي استكشفها كولمبس قبلك، أبدا، ده استكشف حاجة تانية، كانت مليانة هنود حمر وسارحين على كيفهم في الملكوت، كانت مليانة غزال وخيول وحشية وطواويس وجاموس بري، مكانتش لا عضوة في الأمم المتحدة ولا حلف الأطلنطي ولا فيها نقطة كوكا كولا.

صلاح جاهين في فيلم اللص والكلاب

أمريكا مصاصة الدم واكلة اللحمة البشرية

ويضيف صلاح جاهين في رسالته: فاتت أسابيع من غير ما أفهم لها راس من رجلين، ما أنت عارفني راجل عامي ومش دارس علم البولوتيكا، ح أتفلسف أقولك أيه؟ أمريكا بلاد الحرية، كلمة عبيطة ولا تودي ولا تجيب، أمريكا بلاد الرأسمالية البرجوازية، مصاصة الدم واكلة اللحمة البشرية.

وتصادف خلال وجود صلاح جاهين في أمريكا فترة الانتخابات، فشوارع أمريكا ومدنها جماهير تنادي بحقها في الحرية في بلد متآمر علي الحرية وعلى حريات كل الشعوب، فيقول صلاح جاهين في رسالة أخري: وشوية وفاتت تحت الشباك ألوفات، عينك ما تشوف إلا رجالة وستات وعجايز، أشكال وألوان، أبيض وأسمر، أسود وأصفر، كله بيهتف: تحيا المساواة، حنفوز بحقوقنا المدنية جولد ووتر أفكاره نازية.

لا وقت للحب

أمريكا سايحة على روحها

وفي رسالة ثانية يكتب صلاح جاهين إلى "درش": أمريكا سايحة علي روحها، النص الشرقي بيتفرج على النص الغربي، والنص الغربي بيتفرج على النص الشرقي، وجميع أمريكا بتتفرج على "الأستربتيز"، يعني الستات اللي بتقلع حتة حتة، والبند الشامل لده اسمه سياحة، إنما أجدعها سياحة وقلع هدوم في الولايات المتحدة هم أبناء الجنس الأصلي الهندي الأحمر.

الهندي أول ما يشوف السياح يستهبل، ويخش في خيمة أونطة يضفر شعره ويخرج عريان متغطي بريش. أنا نفسي حضرت الرقصة الهندي اللي أتعملت علشان قال أيه تنزل مطرة، مع أن الغيط بتجيله المية في المواسير من آخر الكون، والهندي محيلتوش ولا حتة أرض، ولا بيزرع، بس بيقلع هدومه حاجة تزعل بصحيح.

أنا مقدرتش أطيق، سيبتلهم رقصتهم ومشيت، وفي آخر اللمة لقيت أمريكانية حليوة واقفة تمصمص شفايفها عليهم وتقول: "أهو إحنا اللي بطشنا بكل الناس دول وبحضارتهم، أخص علينا" قلت في عقل بالي ما عادتش تعود يا مدام هانم.

 

اللص والكلاب

ويمضي صلاح جاهين في حديثه ورسائله إلى "درش": وقعدت أقرا الجرنال قابلت عيني أخبار المؤتمر الأفريقي في مصر، قمت أتوضيت وشكرت الله في صلاة العصر، وباسم الحضارة والمدنية يقتل الرجل الأمريكي الأبيض أجاه الزنجي، مانعًا إياه من حريته ومن حقوقه الإنسانية العادلة.

ويشدد صلاح جاهين مختتمًا رسالته: خد بالك إن أنا كنت ساعتها في وسط مظاهرة في أمريكا من أجل حقوق السود المدنية، ورفعت عينيا لقيت الشاب اللي بيخطب طالب جامعة صغنون وأبيض ونصير المساواة، وحاولت أتخيل أيه اللي جراله وعلى الغلب رماه؟ تيار شعبي ناس زيه وزيي وزيك؟ عاوزة تخلي الزنجي يعيش إنسان كريم، ساعة ما اتقابلت أفكارهم عملت تنظيم، فيه كل مناضل متودك قائد وزعيم وافهم يا حدق.