رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانقسام المستمر يهدد عمل حكومة حرب الاحتلال.. والخلافات تهدد مصير نتنياهو

نتنياهو
نتنياهو

أكد تقرير أمريكي وجود انقسام داخل حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن قرارات الحرب وتوجيه الضربات العسكرية سواء ضد إيران أو حلفائها وخاصة حزب الله في لبنان، وسط مخاوف من تبعات هذا الانقسام.

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن إسرائيل كانت تفكر في الرد على الهجوم الإيراني الضخم بطائرات مسيرة وصواريخ، ومع هذا اتخذ خمسة رجال فقط قرار توجيه ضربة محدودة وبعناية لإيران في وقت مبكر من يوم الجمعة، وهؤلاء الخمسة هم الأعضاء الوحيدون في "حكومة الحرب" الإسرائيلية المنقسمة، التي تضم السياسيين المتنافسين المكلفين بتوجيه إسرائيل خلال أسوأ أزمة أمنية منذ نصف قرن.

انقسام حكومة الحرب يهدد إسرائيل

وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه المجموعة الصغيرة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تتمتع بسلطة عليا فيما يتعلق بمسائل الحرب الأكثر أهمية وعلى رأسها العمليات العسكرية في غزة، ومحادثات المحتجزين مع حركة حماس، وإمكانية فتح جبهة ثانية ضد حزب الله في لبنان.

وتابعت "الآن، يبدو أن المجموعة الخماسية التي تجتمع دون هواتف محمولة في نفق وهو قسم شديد التأمين من المقر العسكري في تل أبيب، قررت أن الرد المحدود هو أفضل خطوة تالية في الصراع مع إيران، فيما تخوض الدولتان حرب ظل منذ سنوات ضد بعضهما البعض".

وقال نداف شتراوشلر، المحلل السياسي الإسرائيلي: "واجه الأشخاص الخمسة في تلك الغرفة قرارًا يمكن أن يكون أحد القرارات الثلاثة أو الأربعة الأكثر أهمية منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948"، مشيرا إلى أن هذه المجموعة بكل المقاييس، تمزقها العداوات السياسية، والضغينة التي بدأت في كسر الجسدالإسرائيلي  قبل الهجوم الإيراني في نهاية الأسبوع الماضي، والتي ساهمت في إخفاء الانقسامات، على الأقل في الوقت الحالي.

وقال العديد من المراقبين الإسرائيليين إنه عندما تهدأ الأزمة الأخيرة، فمن المرجح أن تشتعل التوترات مرة أخرى.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على عمل مجلس وزراء الاحتلال "إنهم جميعا يكرهون بعضهم البعض، هذا أمر مؤكد".

ووفق الصحيفة تضم حكومة الحرب، التي تم تشكيلها على عجل في ظل الفوضى التي أعقبت هجمات حماس في 7 أكتوبر، نتنياهو واثنين من القادة الآخرين الذين يعتبرهم تهديدات سياسية مستقبلية، الأول هو زعيم المعارضة بيني جانتس، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق الذي خاض الانتخابات ضد نتنياهو في خمس انتخابات أخيرة، وتفوق الآن على رئيس الوزراء في استطلاعات الرأي.

والثاني هو وزير الدفاع يوآف جالانت، وهو منافس من داخل حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، والذي حذر علنًا في العام الماضي من أن محاولات الحكومة لإعادة تشكيل السلطة القضائية تؤدي إلى انقسام الجيش وتضر باستعداده.

وأقال نتنياهو جالانت في خطاب متلفز مثير، لكنه اضطر إلى التراجع في مواجهة الاحتجاجات الحاشدة في الشوارع.

وقال شتراوشلر، الذي أدار حملة نتنياهو الانتخابية الناجحة في عام 2019 "في السياسة، كل شيء شخصي، هؤلاء ليسوا أفضل رفاقه بل هم منافسوه وحتى الآن، هذا لم يمنعهم من اتخاذ قرارات جيدة".

وكشفت الصحيفة الأمريكية عن أنه تم تقريب مجموعة الثلاثة من قبل "مراقبين" ليس لهما حق التصويت، بما في ذلك رون ديرمر، سفير إسرائيل السابق في واشنطن وأحد أقرب مستشاري نتنياهو، وجادي آيزنكوت، رئيس أركان سابق آخر للجيش الإسرائيلي ينحدر من حزب الوحدة الوطنية الذي ينتمي إلى يمين الوسط بزعامة غانتس..

وأوضحت الصحيفة أن هذه المجموعة غير المتوقعة تشكلت بعد خمسة أيام من هجوم حماس، وفي أوقات أقل استقطابا، كان مجلس الوزراء الأمني الحالي التابع للحكومة سيدير الحرب في غزة التي شنتها إسرائيل في غضون ساعات.

خطة حكومة نتنياهو لاستعادة ثقة الشارع

وتابعت "لكن حماس نفذت عمليتها عندما تحطمت ثقة الإسرائيليين في الحكومة وشعورها بالوحدة بسبب الجدل العاصف حول الإصلاح القضائي، فقد اندلع الغضب ضد نتنياهو، أطول زعماء إسرائيل بقاءً في السلطة، لأنه أشرف على الإخفاقات الأمنية المذهلة التي وقعت في 7 أكتوبر".

وبحسب التقرير سارع كبار القادة إلى استعادة ثقة الجمهور، وصياغة اتفاق لتقاسم السلطة مع آيزنكوت وجانتس وتم تشكيل حكومة حرب تتمتع بصلاحيات توجيه العمليات العسكرية وقامت السلطة الجديدة بتهميش مجلس الوزراء الأمني، الذي اشتهر بأنه لجنة غير عملية وعرضة للتسريب تضم أكثر من عشرة أعضاء، بما في ذلك الوزراء الأكثر تطرفا في ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف.

وقال المسؤولون العسكريون سرا إنهم لا يحبون أخذ معلومات سرية أمام مجلس الوزراء الأمني لأنها غالبا ما تظهر في وسائل الإعلام في غضون ساعات، فبالنسبة لمجلس الوزراء الحربي، يُطلب من الجنرالات والمحللين العسكريين الذين يتقدمون لإطلاع أعضائه تسليم هواتفهم.

ومنذ البداية، ووفق الصحيفة الأمريكية تابعت وسائل الإعلام الإسرائيلية المناقشات التي تجري في غرفة الاجتماعات الآمنة في مكتب رئيس الوزراء في القدس، حيث يجتمع مجلس وزراء الحرب أيضًا.

وتشير التقارير إلى أن جالانت دفع دون جدوى في الأسابيع الأولى من الحرب لشن هجوم ضد حزب الله، كما جادل جانتس وآيزنكوت في كثير من الأحيان بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث دمرت الحرب هناك البنية التحتية وتسببت في خسائر فادحة في صفوف السكان الفلسطينيين.

وذكرت التقارير أن نتنياهو كثيرا ما يؤخر الالتزام بأي مسار عمل معين، لكن الانقسامات أصبحت أكثر وضوحا وفشل جانتس وأيزنكوت وجالانت في الظهور مع نتنياهو في بعض الإحاطات الإعلامية التي أعقبت اجتماع مجلس الوزراء.

وفي شهر فبراير، حصلت وسائل الإعلام الإسرائيلية على رسالة من آيزنكوت إلى زملائه الأعضاء، ينتقد فيها عدم قدرة الهيئة على اتخاذ قرارات استراتيجية وأشار آيزنكوت، الذي قُتل ابنه أثناء القتال في غزة العام الماضي، إلى تعثر الجهود للتفاوض على إطلاق سراح المحتجزين والتخطيط لبديل مدني لحكم حماس بعد الحرب، من بين أوجه القصور الأخرى.

وفي أوائل مارس الماضي سافر جانتس إلى واشنطن لإجراء محادثات غير مصرح بها مع مسؤولي إدارة جو بايدن، مما أثار غضب حلفاء نتنياهو الذين اتهموه بمحاولة "دق إسفين" بين الإسرائيليين وفي وقت سابق من هذا الشهر، دعا جانتس، الذي تفوق على نتنياهو في استطلاعات الرأي، إسرائيل إلى إجراء انتخابات في سبتمبر.

وقال ليوهانان بليسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إنه مع بدء تراجع شدة القتال في غزة مؤقتا، برزت المزيد من القضايا السياسية إلى الواجهة، وتشمل الخلافات تجنيد المزيد من الإسرائيليين المتشددين (الحريديم) ودور السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في مستقبل غزة.

وقال بليسنر إن حكومة الحرب عملت بشكل جيد في البداية، ولكن بعد ذلك بدأت القضايا السياسية العامة في تدهورها، وصولا للهجوم الإيراني على إسرائيل الذي هزها بقوة رغم عدم حدوث خسائر فقد أقنع الهجوم القادة الإسرائيليين بالحاجة إلى الرد.