رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقدام تغسل ودموع تمسح.. مشاعر جياشة فى احتفال خميس الأسرار

البطريرك يونان
البطريرك يونان

احتفل البطريرك ماراغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بقداس خميس الفصح ورتبة غسل أقدام التلاميذ، وذلك في كنيسة عذراء فاتيما، جونيه– كسروان، لبنان.

عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب يوسف درغام كاهن الرعية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية والكاهن المسئول عن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان.

بدايةً ترأّس غبطته رتبة الغسل بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، حيث قام بغسل أقدام 12 شخصًا من المؤمنين، يمثّلون تلاميذ الرب يسوع الإثني عشر، ثمّ احتفل غبطته بالقداس الإلهي بمناسبة خميس الفصح.

◄احتفال يمتاز بالأناشيد السريانية

وفي موعظته بعد رتبة الغسل، تحدّث البطريرك عن احتفال الكنيسة المقدسة في هذا اليوم "بخميس الأسرار أو خميس الفصح. كما تابعتم هذا الاحتفال الذي يمتاز بالأناشيد السريانية العريقة والمعبّرة، إذ احتفلنا برتبة غسل الأقدام، وهي رتبة قديمة وتقليد قديم في كنيستنا السريانية، وبعد كنيستنا السريانية تبعت باقي الكنائس هذه الرتبة، أكان في الغرب أو في الشرق، وفي المدن الكبيرة حيث هناك كنائس لطوائف مختلفة، فكانت حفلة رتبة الغسل مشهورة. لذلك نلتقي هذا المساء معًا كي نشترك في هذه الرتبة، ونتأمّل بشكل خاص في هذا السرّ العظيم، سرّ المحبّة الذي به أحبّنا يسوع".

ونوّه غبطته إلى أنّنا "سمعنا من القراءات، أكان من سفر التكوين، حيث يستقبل إبراهيم الضيوف الثلاثة مع أنّه لم يكن يعرفهم، لكنّه استقبلهم واعتبر حضورهم تكريمًا له. والكنيسة عادةً تلجأ إلى هذا النص، حيث ثلاثة أشخاص يأتون، ويدعوهم إبراهيم "يا سيّدي"، فالكنيسة تستند إلى هذا النص كي تؤكّد لنا أنّ سرّ الثالوث الأقدس هو ثلاثة أقانيم متساوية لإله واحد أوحاه الرب لنا منذ السفر الأول للكتاب المقدس، سفر التكوين".

ولفت غبطته إلى أنّنا "نجتمع إذًا في هذه الكنيسة، بيت الله، حتّى نعيش روحانية هذه الرتبة والعشاء الأخير للرب يسوع مع تلاميذه. الفصح يعني العبور، حينما عَبَرَ الشعب العبراني البحر نحو أرض الميعاد، وقبل العبور ذبحوا الحمل الفصحي، كي يعرف ملاك الله من هم أعضاء الشعب المختار، ويرافقهم في عبورهم للبحر مع النبي موسى. لقد أتمّ يسوع الشريعة كلّها، فاحتفل أيضًا بالفصح اليهودي، وكان يجب أن يكون الاحتفال يوم السبت، لكن بما أنّه كان عالمًا، كما سمعنا من الإنجيل المقدس، أنّه سيسلَّم إلى الموت، طلب من تلاميذه أن يعدّوا له العشاء الفصحي يوم الخميس. ولهذا نسمّيه العشاء السرّي والعشاء الأخير الذي فيه جسّد يسوع المحبّة التي يحبّنا بها، نحن البشر، بأنّه أعطانا ذاته، شخصه بالذات، تحت شكلَي الخبز والخمر اللذين يتناولهما عادةً الشعب العبراني في صلوات الفصح السنوي".

◄معاناة لبنان والبلاد المجاورة

وتناول غبطته "المعاناة والآلام التي تعيشونها ونعيشها في هذه الأيّام، أكان في لبنان مؤخَّرًا، أو في البلاد المجاورة، في سوريا والعراق، ومعنا اليوم وفدٌ من أبناء إرسالية العائلة المقدسة من المهجَّرين العراقيين في لبنان، والذين يشاركوننا في هذا الاحتفال، لأنّهم مبنيُّون على صخرة الإيمان في بلدهم وقراهم، ولا يغفلون عن المشاركة في أيّ احتفال، بل يشاركون بأعداد كبيرة أيضًا. إنّ معاناتنا معروفة، لكن علينا أن نصلّي بكلّ حرارة كي يخفّف الرب من هذه المعاناة، خاصّةً عند ذوي الحاجات، أكانت مادّية أو معنوية، أولئك الذين طُرِدوا ونُفُوا من أرضهم، والذين يعيشون بالوحدة، والمرضى والمسنّين والأشخاص ذوي إعاقة وسواها، والذين لا يفكّر بهم أحد، فيما هم يسعون كلّ جهدهم كي يبقوا متجذّرين في أرضهم، هنا في لبنان، وفي سائر البلدان التي يعيش فيها أهلنا".

وشدّد غبطته على أنّنا "نفكّر خاصّةً بالعائلات، بالآباء والأمّهات، وبالصعوبات والتحدّيات التي يجابهونها في هذه الأوقات العصيبة. نفكّر بالشباب والأولاد والأطفال، ونحثّهم كي يحافظوا على نعمة إيماننا، ويبقوا فخورين بالرب يسوع. نصلّي إلى الرب الإله المخلّص الذي جمع تلاميذه بالتواضع، وعلّمهم، ليس بالكلام بل بالفعل، إذ قد غسل أقدامهم. وكانت عادة الغسل هذه معروفةً بين الشعوب القديمة، خاصّةً عند العبرانيين، وهذا واضح، لأنّ الحياة كانت بسيطة، وكان الخدام يغسلون أقدام الضيف عندما يزور بيت أحدهم، لأنّه كان في سفر ومعرَّضًا لغبار الطريق وسواه".