رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث قبطي: وثيقة الكنيسة الروسية تؤكد وحدة الموقف في رفض "وثيقة الفاتيكان"

كريم كمال
كريم كمال

قال كريم كمال الباحث القبطي، إن الوثيقة الصادرة عن الكنيسة الروسية الارثوذكسية ردًا على وثيقة الكنيسة الكاثوليكية التي تتحدث عن مباركة الازواج المثلين، تستحق كل الإشادة والتقدير وتوكد علي وحدة جميع الكنائس الأرثوذكسية في رفض وثيقة الفاتيكان التي تتعارض مع تعاليم الإنجيل المقدس.

أكد كمال، في تصريحات خاصة لـ"الدستور": “أتمنى أن يراجع البابا فرنسيس موقفة بخصوص هذة الوثيقة التي تتعارض مع القيم المسيحية وكل الأديان السماوية”.

وكانت نشرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وثيقة ردًا على وثيقة الكنيسة الكاثوليكية المثيرة للجدل، والتي تتحدث عن إمكانية مباركة الأزواج المثليين.

وأعلن المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني، رأيه في قضية المثلية الجنسية.

وأكد المجمع المقدس، في بيانه: "خلق الله الإنسان متميزا فريدًا، إذ يقول الكتاب المقدس عن خلقة الإنسان "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" ( تك ١: ٢٦)، أي أن الله أراد من البدء أن يكون الإنسان على صورته في القداسة والبر والحرية "فَخَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ الله خَلَقَهُ. ذكرًا وَانْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ أَثمِرُوا وَاكْثُرُوا وَاملأوا الأرضَ" (تك ١: ٢٧، ٢٨)".

ومن جهته، أصدر الدكتور أندرواس فهمي عبده، "أستاذ اللاهوت الأدبي - عميد كلية العلوم الدينية بالسكاكيني، توضيحًا حول الوثيقة الصادرة من "مجمع العقيدة والإيمان" والخاص بمنح البركة لمثليّ الجنس أو لغير المتزوجين أسراريًّا.

قال في بيانه والذي تشر عبر المجلة التابعة للكنيسة الكاثوليكية “حامل الرسالة”، أنه صدر مؤخرًا عن المجمع المختص بتوضيح إيمان الكنيسة الكاثوليكيّة، بيانًا تم تداوله من وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مغلوطة وغير موضوعيّة لمضمونه، ومبتغاه، وتمّ تفسيره مباشرة بأنّ الكنيسة "تسمح" بزواج المثليين، أو أنها توافق عليه!، ما استدعانا لشرح وتفسير هذا الإعلان من واقع تخصصنا ومن منطلق الفهم الصحيح لمنطوق الإعلان.

 هدف البيان

وتابع: "يأتي البيان تحت العنوان اللاتيني Fiducia Supplicans والذي يعني حرفيًا (طالبين الثقة)" وهو أول كلمتيّن يبدأ بهما البيان، والذي يؤكد فيه أنّ الشعب المؤمن الواثق في كنيسته والمؤمن بها ينال البركة من قلب المسيح، ويوضح العنوان الفرعي هدف البيان وهو بكل بساطة شرح وتفسير معنى البركة الرعويّة، فالأمر هنا يتعلق أولًا وأساسًا بتوضيح مفهوم البركة رعويًا في الكنيسة الكاثوليكيّة، ومن ثمّ لا يهدف إلى إعلان موافقة الكنيسة على الزواج المثلي أو الزواج خارج سر الزواج. 

ثانيًا: مضمون البيان وتوافقه مع كنيستنا القبطيّة

وتابع: حتى نعرض مضمون البيان، ينبغي أن نميّز بين ما هو دارج في العقلية الشرقيّة عن "مفهوم البركة" وفي العقليّة الإيمانيّة عن نفس المفهوم. ففي مجتمعاتنا عندما نقول أنّ ملكًا "يبارك" الحرب، أو رب أسرة "يبارك" زواج ابنه مثلًا، فإنّه يتبادر إلى الذهن مباشرةً أن البركة هنا تعني "الموافقة"، وهذا صحيح في المفهوم الشعبيّ والمجتمعيّ للبركة، ولكنّه يختلف مضمونًا عن البركة بالمفهوم اللاهوتيّ. فأصل كلمة "البركة" باللغة اللاتينيّة هي Benedictio  وهي كلمة مركبة من مقطعيّن: Bene والتي تعني "حسن"، والمقطع الثاني dictio وتعني "قولًا"، وهنا يكون معنى البركة هو "القول الحسن"، والجدير بالذكر أنّ اللغة القبطيّة أيضًا تستخدم نفس المصطلح، اليوناني "إيلوجيا" Ευλογία والذي يتكوّن من شقين أيضًا: Ευ وتعني "طيب أو حسن"، وλογία وتعني "قول أو كلمة"، وبذلك يكون مفهوم البركة أيضًا في اللغة اليونانية "قول طيب"، وهذا ما جعل الكنيسة القبطيّة تطلق على "لقمة البركة" التي يوزعها الكاهن في ختام القداس "إفلوجيا أو إيلوجيّا" لأن القربان الذي يتم توزيعه حضر ذبيحة القداس، وبالتالي فهو تمتع بكل "الكلمات الطيبة" التي قيلت في القداس الإلهي من صلوات وتسابيح لله، ولذا فهو "بركة".  

استطرد: فمفهوم البركة إذًا ليس مرادفًا لكلمة "السماح أو الإذن، أو الموافقة..." لكن في هذه الوثيقة لها مدلولها الرعوي وليس العقائدي، فالكاهن يمكنه أن يبارك المنازل الجديدة، ويبارك المياه، والزيوت والمأكولات والحيوانات والمزروعات والسيارات والأشخاص...إلخ فلذلك تستخدم الكنيسة "صلوات للبركة" وهي "أقوال حسنة" مستوحاة من الإيمان بأن يسوع المسيح هو أساس البركة، وحضوره هو علامة على إيمان الشخص به. وهذا ما جعل كل الكنائس تستخدم كتب الصلوات التي تحوي بركات مختلفة، وميّز هذه الكتب عن الكتب الطقسيّة التي تستخدم في إقامة الأسرار الكنسيّة. 
 ثالثًا: طالب البركة

أكد أن الكنيسة لا يمكنها أن تُقصي الخطأة من جماعة المؤمنين، وإلا ستكون مناقضة وضد تعاليم السيد المسيح نفسه الذي جاء ليدعو الخطأة للتوية (مر 2: 17)، بل أنّ رسالة المسيح هي البحث عن هؤلاء الخطأة (مثل الابن الضال، والخروف الضال، والدرهم المفقود...). لذلك من يطلب بركة الكنيسة فهو في صميم قلبه مؤمن بالمسيح ورحمته، ويطلب أن يحل المسيح في حياته من خلال بركة الكنيسة. وهذا ما استدعى الكنيسة أن توضح في هذا الإعلان أنّ طالب البركة هو إنسان يشعر بوجود شيئًا غير لائق بإيمانه، ويحتاج لحضور المسيح ومرافقته له (الفقرة رقم 8 بالإعلان). فالكنيسة الكاثوليكيّة، مثلها مثل باقي الكنائس، تتبنى مبدأً هامًا جدًا وهو "قبول الخاطئ ورفض الخطيئة" الذي تمارسه كل الكنائس على مثال سيدها يسوع المسيح، فلا نجد كنيسة مؤسسة على صخرة الإيمان "يسوع" تقوم برفض الزاني مثلًا، فعندما يأتي يطلب التوبة فالكنيسة تقبله وتعطيه الحَل من خطاياه في سر "المصالحة أو الاعتراف" لكن في نفس الوقت هذا الحَل وهذا القبول لا يعني أن الكنيسة "موافقة" على فعل الزنى في ذاته، كما أنّها لا تضمن أن هذا الخاطئ لن يكرر فعلته مرةً أخرى، ولهذا فعندما يأتي إليها مرة أخرى معترفًا، فلا ترفضه وتحاول معه رعويًا أن يمتنع عن خطأه.