رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة هادئة لمذبحة رفح


د. على أبوالخير

حدثت مذبحة رفح واستشهد من جنودنا من استشهد، وبدأ اللوم وإلقاء المسئولية على جميع الأطراف، من رئيس الدولة إلى المجلس العسكرى، والبعض ألقى المسئولية على إسرائيل، رغم أن الجميع كانوا يعلمون أن سيناء صارت مرتعاً لتنظيمات تكفيرية تدين أغلبها بالولاء لفكر القاعدة الذى يسمونه «جهادياً»، ولأن سيناء مطمح للغزاة لأنها بوابة مصر التى جاءت عبرها كل قوى الغزو والقهر والتسلط، فترى الدولة العبرية أن سيناء وطن يهودى، فهى أرض التيه والخلاص وأن أسفار التوراة نزلت فيها.

وبذلك فترى لها أحقية، والإخوة فى فلسطين يرون فى سيناء امتداداً للدويلة الفلسطينية فى غزة، والقيادة العسكرية المصرية تعلم هذا جيداً، وتعلم أن أهداف تفريغ غزة من الوجود المصرى هدف صهيونى توراتى، وهدف فلسطينى أيضا، من هنا نقرأ ما حدث بشىء من الهدوء، القيادة الإسرائيلية لا تنفك تقول منذ انطلاق الثورة إن مصر لا تسيطر على الوضع فى سيناء، وهى تصريحات من أجل إيجاد موطئ قدم اسرائيلية فى شمال سيناء تمهد بعدها لوجود عسكرى، وأمريكا تريد أن تأتى القاعدة ومعها باقى التنظيمات المسلحة لسيناء لتضربها ضربة واحدة، مثلما حاولت فى غرب العراق بعد عام 2003 وفشلت، ومن جهتهم وصل الغزاة التكفيريون لسيناء منذ بداية الثورة لتأسيس ما يسمى «الإمارة الإسلامية»، فبدأوا فى نشر أحكامهم بين أهل سيناء مستغلين الوضع الأمنى المنفلت، وظلت الدولة غائبة، فكانت النتيجة أن قامت تلك الميليشيات بعملية رفح، قد ينكر البعض هذا القول، ولكن لم يفطن أحد إلى أن الفكر القاتل له أنصاره ومريدوه، وله مفكروه ومنظروه، فمن قتل الرئيس أنور السادات وجد من أفتى له بأن دمه مباح، وأن قاتله سيدخل الجنة، ومن قتل الدكتور فرج فودة، وجد من أفتى له بأنه رجل ملحد كافر ودمه مهدور، ومن قتل السائحين والأقباط ونهب محلاتهم، وغيرهم كثيرون راحوا ضحية تلك الفتاوى، حيث تصدر بين فترة وأخرى فتاوى تكفر هذه الفئة أو تلك أو هذا المذهب أو ذاك، وتستبيح دماءهم وتحلل قتلهم.

ولم يسلم من شرهم وفتواهم الشريرة الكتاب والأدباء والمفكرون والسياسيون، لأنهم ببساطة اعتبروا كتاباتهم وآرائهم مخالفة لما يعتبرونه مبادئ أساسية موجودة فى القرآ ن الكريم والسنة النبوية الشريفة ولدى السلف الصالح، وإسرائيل تستغل ما يفعله التكفيريون لتظل مصر غير مستقرة، وهو نفس هدف الأمريكيين، قراءة ما حدث على هذا النحو قد يفيد فى معرفة ما سيحدث فى المستقبل، ولذا نرى أن يظل الجيش على أهبة الاستعداد وأن نقف بجواره.

هذا على المستوى القريب، أما على المستوى البعيد فلابد من حماية سيناء باهتمام الدولة بأهلها، لقد وعت الرئاسة الدرس عندما تراجعت عن قرارها بدخول الفلسطينيين دون تأشيرة وبدأت عملية هدم الأنفاق وحماية الحدود من الطامعين فيها، الذين اختلفت أهدافهم، ولكنهم جميعا لا يريدون الخير لمصر وأهلها، والله من وراء القصد