رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضيوف معرض الكتاب 2024.. الشاعرة العمانية عائشة السيفى: المرأة التى تكتب الشعر مجاهدة لأنها تستقطع من حياتها للتأمل والقراءة والمتابعة وسط انشغالاتها الكثيرة

الشاعرة العمانية
الشاعرة العمانية عائشة السيفى

لا تزال الشاعرة العمانية عائشة السيفى شديدة الإيمان بالشكل التقليدى للقصيدة العربية، سواء كانت فى القالب العمودى أو التفعيلى، وذلك لاقتناعها التام بأهمية الموسيقى، كمكون أساسى للحالة الشعرية التى يصنعها النص، فهى ترى أنه دون ذلك الإيقاع، تفقد الكتابة الكثير من حيويتها، وقدرتها على السيطرة على حواس القارئ.

وأصدرت عائشة السيفى ٤ مجموعات شعرية هى: «البحر يبدّل قمصانه» عام ٢٠١٤، و«أحلام البنت العاشرة» ٢٠١٦، و«لا أحبّ أبى» ٢٠١٧، و«فى الثلاثين من نخلها» ٢٠٢٢.

وشاركت «عائشة» الحاصلة على لقب «أميرة الشعراء» عام ٢٠٢٢، فى إحدى مسابقات الشعر، فى الدورة الـ٥٥ الحالية لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وأجرت «الدستور» معها الحوار التالى.

■ ماذا عن بداياتك مع الشعر؟

- بدأت أكتب الشعر فى مرحلة مبكرة جدًا، وأذكر أنه فى الصف الرابع الابتدائى، كتبت أولى قصائدى، وكانت موزونة عروضيًا، وجاءت تحت عنوان «الزهرة البيضاء»، ومن بعدها جاءت قصيدة ثانية حاولت فيها أن أحصل على الإعجاب وصك القبول من والدى كونى شاعرة، فكتبت قصيدة فى مدح قبيلتنا «السيفى»، قرأتها عليه فما كان منه إلا أن ضحك فى وجهى، ولم يأخذنى على محمل الجد، من بعدها شاركت فى مسابقات الإلقاء المدرسية.

■ الاتجاه إلى إلقاء الشعر يأخذك إلى عالم القراءة.. من أبرز الشعراء الذين كانوا ضمن قائمة اختياراتك فى هذه السن المبكرة؟

- كان الشاعر الإماراتى مانع سعيد العتيبى واحدًا من أبرز الشعراء الذين كنت أفضل إلقاء أشعارهم، فقد كانت لديه زاوية يكتبها بشكل أسبوعى فى مجلة زهرة الخليح، وكانت المجلة إحدى نوافذى الأولى لمتابعة الشعر، فقد كان والدى متدينًا ومحافظًا، وكانت كتب التراث والكتب الدينية تمثل الرصيد الأكبر فى مكتبته، وبذلك لم تكن لدىّ فسحة لقراءة الشعر، رغم هذا كنت أذهب إلى قراءة كل ما يسقط فى يدى، ومنها أشعار أبويوسف البنهانى، وهو من الشعراء العرفانيين.

غالبية قراءاتى لم تكن فى الشعر، كانت فى الرواية، فنجيب محفوظ وطه حسين هما من شكلا وعيى مبكرًا، إلى جانب الكتب التراثية مثل «ألف ليلة وليلة»، أما عن انفتاحى على قراءة الشعر فجاء فى مرحلة الجامعة، وكان محمود درويش، وسميح القاسم، ونزار قبانى، ومحمد الماغوط، يمثلون شعر الحداثة فى هذا الوقت.

■ رغم انفتاحك على قراءة ومتابعة قصيدة الحداثة إلا أنك اخترتِ قصيدة التفعيلة والعمود لتشكل نصك.. لماذا؟

- لم أتطرق لقصيدة النثر حتى الآن، لشعورى بأن هناك مساحات كثيرة فى قصيدة التفعيلة ما زال فى وسعى تجربتها، خاصة أن كتابة قصيدة النثر، صعبة للغاية وتعد الأصعب فى الكتابة الشعرية، فى تصورى ليس فى وسعنا التخلى عن الموسيقى إلا إذا كانت هناك جرعة زائدة من التخييل والصور المكثفة، لذلك يمكن القول إننى لم أتحرر بعد من فكرة الموسيقى فى الوزن والعروض.

■ معنى ذلك أنك تعتبرين قصيدة النثر خالية من أى موسيقى؟

- أتحدث هنا عن الموسيقى الإيقاعية فى العروض والوزن، والموسيقى موجودة فى كل شىء حولنا، وهذا لا يمنع أبدًا أن أؤكد حبى لقصيدة النثر ومتابعة شعرائها، ولكن لا أزال أجرب فى قصيدة التفعيلة والعمود، خاصة أننى عدت مؤخرًا إلى كتابة القصيدة العمودية، ووجدت أن ثمة قطيعة معها عليها أن تنتهى، تصالحت فى الشكل الشعرى الذى يأتى فى أى قالب، فأنا أحترم الشكل الشعرى، الذى تخرج فيه القصيدة فى لحظتها الأولى.

■ البعض يرى أن حضور الذاتى واليومى يصعب طرحه عبر قصيدة التفعيلة.. كيف ترين ذلك؟

- لا أجد أى صعوبة فى الغوص فى التفاصيل وطرحها عبر قصيدة التفعيلة، فهى تمنحنى مساحة أوسع لكى أتنفس الصورة الشعرية عبر نصى، فى قصيدة «الثلاثين من نخلها» ضمن ديوانى الأخير، القصائد من الأولى حتى الأخيرة، قصائد مغرقة فى الذاتية تمامًا.

■ مقولة «الشعر قليل والشعراء كُثر».. هل هى صحيحة؟

- الشعراء كُثر هو أمر جيد، ولكن دومًا ما يشغلنى النص حتى لو سأكتب قصيدة واحدة، وأن يكتب الشاعر نصًا يقرأه الآخرون هو أمر جيد، فنحن أمة لا تستغنى عن الشعر، منذ المواويل الأولى التى تُهدهدنا فيها أمهاتنا ونحن ما زلنا فى طور الرضاعة لم نتخل عن الوزن والقافية، وهذا دلالة على أن الشعر باق وسيظل دائمًا وأبدًا إطلالتنا الأولى على الحياة.

■ هل يمكن للشاعر أن يدخل فى تحدٍ مع الشعر؟

- نحن لسنا فى منافسة مع آخرين، فالنص رحلة الشاعر مع ذاته، كنت أقول «فى أمير الشعراء»، إن من الأفكار المغلوطة قول إننا نتنافس، ما زلت أرفض فكرة المنافسة، وأرى الشعراء خارجها بطبيعة الحال، طبيعة الشعر تشير إلى بصمة الشاعر والتى لا تشبه الآخرين.

■ هل برنامج «أمير الشعراء» أعاد بعضًا مما فقده الشعر من جمهور خاصة بعد فقداننا ظاهرة الشاعر النجم؟

- أتمنى أن يحدث هذا، وأن يصبح الشعراء نجومًا، وأن يحبهم رجل الشارع، لأن قصائدهم تمثل تجارب فريدة لآخرين، الشاعر ليس صوت ذاته فقط بل صوت الآخرين، فالشعر بمثابة المرايا التى قد لا يلتفت إليها الناس، والشاعر فى وسعه أن يقتنص الحياة، وعلى الشعر أن يتسيد المشهد.

■ لماذا لا تفوز الأصوات الشعرية النسائية كثيرًا بالمسابقات؟

- القصيدة كائن أنانى بطبيعته، لا تحب أن يزاحمها أشخاص أو أشياء، فالقصائد تغار وترحل وتغضب، وغالبًا ما ترحل أمام انزياحات الواقع التى نعيشها، والمرأة التى تكتب الشعر هى فى رأيى مجاهدة، ثمة جهاد الشعر، والذى تؤديه الشاعرة بأن تستقطع من وقتها للتأمل وللقراءة وللمتابعة فى وسط انشغالاتها الكثيرة بالعمل والأسرة، علينا أن نعى أن النفس الروحانى يتأثر بالواقعية المفرطة التى تعيشها الأمهات فى عالمنا العربى.