رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الامبراطور عاشقًا

لقد أحبها واستمر في حبها بصدق فتغاضى وتغافل عن الكثير.. عن نابليون بونابرت بعيون ريدلي سكوت أتحدث 
عين ورؤية ريدلي سكوت التي أغضبت الجميع تقريبا 
و لقد أحبته جوزيفبن ايضا - على طريقتها الخاصة - وجمع بين الاثنين حب توج بالزواج الذي طال حتى كتبت له النهاية ورغم ذلك ظل الحب باقيًا وظل العاشقان على تواصل دائم أعطى لهذا الحب مذاقًا خاصا جعله عميقا بل وجعله ينمو مع الوقت
امبراطور فرنسا وقائدها المنتصر المهزوم ( بونابرت ) والذي هزم فعليًا ليس في (معركة واترلوا ) كما علمتنا كتب التاريخ بل هزم بعد رحيل حبيبته.

و التي كان هو بدونها لا شيء في حين انه وبعين الامبراطور كان يرى في البداية انها هي التي بدونه لا شيء وانها مجرد نكرة وأنه هو من جعلها امبراطورة لفرنسا وفضلها على نساء العالمين في حين ان امبراطور فرنسا كان هو حقًا لا شيء بدون من أحبها.

فالفرنسيين معروفون برومانسيتهم التي لا يضاهيهم فيها سوا الطليان ويتنافس كلاهما على التربع على عرش الرومانسية والتي تربع عليه وبامتياز الجنرال الامبراطور (نابليون بونابرت)  الذي صنع المجد لنفسه ولبلاده -ايضًا بطريقته الخاصة - ووفقًا لرؤيته تماما كما احب جوزيفبن -بطريقته الخاصة - فالمراة كان لها تأثيرا كبيرا على امبراطور فرنسا المتوج  سواء اكانت تلك المرأة هي الحبيبة او الزوجة او الام..لذلك جعل من جوزفين زوجةً له وامبراطورة للبلاد رغم انها لم تكن تلك الفتاة الصغيرة عندما عرفها واحبها وتزوجها بل كانت جوزيفبن ام لطفلين من زواج اخر ولم تستطيع ان تنجب له وريثًا لفرنسا ورغم ذلك ظل حبه لها أصيلا راسخًا لا يتغير مهما حدث حتى وان كان لجوزيفين حماقات وخيانات زوجية انتشرت في صحف فرنسا التي حكت في ذاك الزمان -اي في القرن التاسع عشر - عن علاقات جوزيفبن باكثر من شاب صغير في السن ورغم قسوة الامر على القائد المبجل المغوار ورغم تناقل الالسن والصحف للعلاقات الغرامية لزوجة الامبراطور !

ظل الامبراطور العاشق يتيه عشقًا وولهًا بحبيبته التي لم يزهدها او يلفظها ولم تستطيع اخرى التربع على عرش قلبه وان كانت الاجمل او الاصغر.. فكبرياء الجنرال العنيد كان يتضاءل ويتلاشى امام ولعه الابدي بجوزيفين التي كان يداوم على مراسلتها وهو في احلك الظروف وفي عز انشغاله بالحروب والمعارك كانت جوزيفبن حاضرة دومًا بل وكانه كان يأتي بالنصر اليها ويهديه لها كي تفخر برجلها الامبراطور المنتصر !

لقد احب نابليون بونابرت في فيلم ريدلي سكوت الذي يحمل اسمه ثلاث أشياء فقط في حياته أحب نابليون  ( فرنسا والجيش وجوزفين ) بنفس هذا الترتيب.. فحياته كلها وهبها لفرنسا وللجيش ولحبيبته  
فالثلاثة لديهم ذات المعزة في قلبه.

و كل ذلك فعله -كما سبق واوضحت -؟على طريقته الخاصة وان آذى بلاده التي يعشق ترابها وجيشه الذي صنعه ( وانتمى حقًا اليه ) فلقد كان قائدا عسكريا من الطراز الاول بل ومن طراز رفيع.

و كانت لديه كاريزما الامبراطور والقائد فأحبه جنوده ونصبوه جنرالًا متوجًا للجيش وللبلاد فهو من جاء بالنصر لهم ثم بالهزيمة التي لم يستطع استيعابها او قبولها او تصديقها فالقائد الاعظم كانت لديه حالة من الانكار الممزوج بالعند والكبرياء الذي يجعله لا يصدق هزيمته لانه اعتاد النصر وانه لايهزم هو وجيشه وبلاده..  كذلك حبه لحبيبته والذي نجح فيه وان اخفق بعدها في اشياء عديدة.

و كان يرى دومًا ان النصر هو حليفه الابدي فهزم في معركته الاخيرة الشهيرة بعد ان هزمه رحيل جوزفين والتي وعلى ما يبدو كانت تميمة حظ ذلك القائد المغوار فيفقدها فقد مجده وانتصاراته وكبريائه وبدونها جرد من كل شيء بل واصبح لا شيء وفقد انتصاراته وطالته الهزيمة 
و الجديد في فيلم ( ريدلي سكوت ) الملحمي عن نابليون هو اهتماهه بذلك الملمح في حياة( بونابرت ) وجعله محركا اساسيا له شكل وكون شخصية نابليون 
فنابلبون العظيم كان كائنا انثويا وبامتياز لعبت المرأة في حياته ادوارا مهمة وشكلته.

فالمرأة القوية المسيطرة هي من كانت تسترعي انتباه نابوليون وتخطفه كما كانت علاقته بأمه الوطيدة وكونها شخصية مؤثرة في حياته جعلته يختار من تشبه امه وتغاضى عن هفواتها وحماقاتها فالابن علاقته بأمه لا تفصم كذلك كانت علاقة القائد المبجل بحبيبته جوزيفبن 
كان طفلًا متهورًا احيانا ضعيفًا احيانا مغرورًا احيانا بديئًا احيانا يلتهم الطعام ويلتهم جوزفين بإفراط وتسرع ولا يلتزم بعادات الفرنسيين وأناقتهم في التعاطي مع الناس والاشياء وبالطبع الطعام  .. كان بدائيًا في أداءاته وعلى سجيته ولا يقبل النصح او يستمع للاخرين.. فقط كان يستمع لامه ولجوزيفين 
فحياة الامبراطور وما ورائها ودخلياتها وما شكلها كان أمرًا جديدًا تطرق اليه المخرج الكبير (ريدلي سكوت ).

و تطرق كذلك لحياة نابليون العاطفية وجعلها شيء مركزي في حياته ومكون اساسي من مكونات شخصيته وان لها تأثير كبير على سلوكه وبالتالي مزج الشخصي بالعام في بادرة لم نراها من قبل على الشاشة وهذا ما يعطي العمل ميزة خاصة ومتفردة جعلت الفيلم متفردًا جديدًا في طرحه وطغت تلك الفرادة على تفاصيل اخرى تطرق لها كثيرين في نقدهم للفيلم.. فما اغفله الفيلم يعتبره الاخرين نقيصة الى جانب عدم التدقيق التاريخي من وجهة نظر آخرين رغم ان التاريخ دومًا -وللاسف - ما يكتب بالاهواء ويخضع للرؤى ووجهات النظر ! 
و بعد ان مرضت جوزيفبن ورحلت في صمت وعلم نابليون برحيلها متأخرًا ثم سرق الخادم خطاباته لها وبفضل تلك السرقة التي نحن الان ممتنون لها عرفنا الكثير عن حياة نابليون وعلاقته بزوجته المشهورة.. فلولا سرقة الخادم لخطابات نابليون لجوزيفين وبيعها  لمن يقدرها او ربما من لم يقدرها 
لما عرفنا بما كان يسره نابليون لمعشوقته ولما عرفنا شيئًا عن رومانسية الامبراطور ذو الكاريزما والتي جعلت حتى الاطفال - وليس فقط الجنود - يلتفون حوله ويستمعون اليه بإنصات وشغف كان يذهل من حوله ممن كانوا يرونه بدائيًا وغير متحضر في حين كانت تلك الصفات هي ما ميزت نابليون وجعلته محط اعجاب الصغار قبل الكبار ليتمثلوه وينظرون اليه ! 
ففي النهارية وبغض النظر وبعض الطرف عن الكثير هو ( نابليون بونابرت ) القائد التاريخي وجينيرال الجيش الفرنسي الشهير ذو الصيت والتاريخ المشهود.