رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإعلام والشعب« 2-2»


كيف يعود الإعلام للشعب؟ليس من الصعب أن يصبح الإعلام ملكا للشعب وليس للحكومة أو النظام الحاكم.ونقصد بالملكية هنا أن يكون معبرا عن الشعب ويعمل لصالحه، كما أننا نتحدث عن الإعلام الرسمى وتحديدا الإذاعى والتليفزيونى،

والذى لم يكن معبرا عن الشعب ويعمل لصالحه، بل كان وسيلة النظام فى تغييبه وتسطيح فكره، من خلال اهتمامه بتفاهات الأمور فى الفن والرياضة، وتخصيص عشرات الساعات يوميا لذلك، بالإضافة إلى البرامج المتخلفة والتى أُنفقت عليها ملايين الجنيهات، كل هذا من أجل إلهاء الشعب عن مشاكله الحقيقية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأكبر جريمة ارتكبها الإعلام المصرى فى حق مصر أنه جعل نجوم المجتمع هم فقط أهل الفن والرياضة، وكان من نتيجة ذلك أن أصبح حلم كل أسرة مصرية أن يصبح أحد أبنائها إما لاعب كرة قدم أو فناناً، وليس عالما أو صانعا أو زارعا. ظل الإعلام الرسمى فى هذا المستوى المتدنى حتى فقد مصداقيته لدى المواطن، الذى لجأ إلى القنوات الخاصة والعربية لمعرفة أخبار بلده، وهذه القنوات لها أجندتها الخاصة.بعد الثورة حاول الإعلام الرسمى دخول حلبة المنافسة مرة أخرى، ولكنه ظل يعانى سوء الإدارة تارة، وملاحقة موروث الماضى تارة أخرى، ومن ضبابية الرؤية تارة ثالثة.إذا كان وزير الإعلام الجديد بحق يريد أن يعود الإعلام للشعب، كما قلت فى المقال السابق، عليه أولا أن يبعث برسائل تطمين انه لم يأت «لأخونة» الإعلام، كما يردد البعض، خاصة بعد حركة رؤساء تحرير الصحف.ثانيا يجب التركيز على كل ما هو مفيد للوطن والمواطن.يجب الاهتمام بالبرامج الجماهيرية والخدمية.هل يصدق أحد أن التليفزيون الرسمى الذى كان يُخصص عشرات الساعات لأهل الفن والرياضة ويدفع لهم ملايين الجنيهات، فى الوقت نفسه كان يرفض إذاعة حملات التوعية دون مقابل ويعتبرها إعلانات مدفوعة الأجر، حتى لو كانت لصالح الوزارات والمصالح الحكومية، مثل حملات التوعية الخاصة بترشيد المياه أو الطاقة أو حماية النيل من التلوث أو التبرع بالدم أو الوقاية من الأمراض.كيف يصبح الإعلام جادا وهادفا..؟أن يهتم بقضايا الوطن الحقيقية، لابد من تغيير الخريطة البرامجية بالكامل سواء للإذاعة أو التليفزيون بحيث تركز على القضايا الحقيقية للوطن، وهموم المواطن.أين هى البرامج السياحية التى تُظهر مقومات مصر السياحية الحقيقية؟ والتى تساهم فى مزيد من الجذب السياحى؟أين البرامج الخاصة بدعم الاستثمار وتعريف المستثمرين سواء المصريين أو الأجانب بفرص فى مصر؟أين البرامج التى تساعد على لم شمل الوطن؟أين البرامج التى تساهم فى إعادة الثقة بين المواطن ورجال الأمن؟أين البرامج التى تساعد على غرس القيم الإيجابية وحب الوطن والانتماء إليه فى نفوس الشباب وتحارب السلوكيات السلبية؟أين البرامج التى تربط المصريين بالخارج بالوطن الأم؟أين الإعلام التنموى؟إن دور الإعلام غاية فى الأهمية، يجب أن يكون حلقة الوصل بين المواطنين والمسئولين وأن يكون إعلاما ناضجا ومسئولا ومحترما، مع الحفاظ على مساحة الترفيه الفنية والرياضية والثقافية.وكلمة السر فى الإعلام الرسمى هى الإذاعة المصرية وسوف نشرح ذلك فى المقال القادم إن شاء الله إذا كان فى العمر بقية.

■ مذيع بإذاعة الشرق الأوسط