رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناصر كامل: لا يمكن ترسيخ الشراكة الأورومتوسطية إلا من خلال سلام الشرق الأوسط

السفير ناصر كامل
السفير ناصر كامل

جدد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السفير ناصر كامل، التزام المنظمة الأورومتوسطية بالحوار والتعاون الإقليمي المشترك بالرغم من الأوضاع الصعبة التي تشهدها المنطقة منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي.

وأوضح الأمين العام، اليوم الجمعة، حول أبرز فعاليات الاتحاد خلال العام 2023، أن هناك بالتأكيد ما قبل وما بعد "أحداث ٧ أكتوبر" بالنسبة للتعاون المتوسطي والاتحاد من أجل المتوسط؛ لا سيما أن إسرائيل وفلسطين عضوان مؤسسان للمنظمة الإقليمية، الأمر الذي يقود الاتحاد إلى التفكير جديًا في البحث عن دور لبناء سلام طويل الأمد لهاتين الدولتين عبر تشجيع المبادرات التي من شأنها أن تساعد في تعزيز هذا السلام المنشود.

وقال السفير ناصر كامل إنه كان من المفترض أن يُحتفل خلال المنتدى الإقليمي السنوي بمرور ١٥ عامًا على تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط الذي جاء امتدادًا لعملية برشلونة (الشراكة الأورومتوسطية) وفي ضوء الآمال التي صاحبت "اتفاقية أوسلو" في جلب الأمن والاستقرار للمنطقة، والتي تضمنت بناء طريق السلام الشامل لحل الدولتين، مضيفًا: "ولسوء الحظ، هذا هو نفس الوعد الذي فشنا بشكل جماعي في تحقيقه".

وتابع الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط أن هجمات "السابع من أكتوبر" واختطاف المدنيين الإسرائيليين قد أدت إلى وضع لا يمكن تصوره في فلسطين، حيث شهد الجميع العقاب الجماعي للسكان، وانتهاك القانون الدولي الإنساني وحياة المدنيين خاصة النساء والأطفال، ليس فقط في قطاع غزة، بل وأيضًا بالضفة الغربية، محذرًا من أن تلك الأزمة الإنسانية لا يمكن إلا أن تؤدي إلى المزيد من العنف والوحشية، داعيًا إلى ممارسة كل الضغوط الممكنة واللازمة لوقف هذا "الجنون" داخل قطاع غزة الآن.

ولفت إلى إن الاتحاد من أجل المتوسط، كمنظمة إقليمية تجمع 43 دولة من ضفتي المتوسط، ينبغي أن تكون حجز الزاوية في تشكيل مستقبل المنطقة والمساهمة في صنع السلام وتحقيق الاستقرار، لا سيما عبر دفع المزيد من الحوار والتعاون والمشروعات المشتركة. 

 

مكتسبات "عملية برشلونة"

وأشار السفير ناصر كامل إلى أن الاتحاد يسعى دائمًا إلى البناء على مكتسبات "عملية برشلونة" والاستمرار في العمل على تحقيق أهدافها المتمثلة في تعزيز التعاون الإقليمي والحوار وتنفيذ مشاريع ومبادرات ملموسة ذات تأثير حقيقي على شعوب المتوسط، من أجل معالجة الأهداف الاستراتيجية الثلاثة للمنطقة: الاستقرار والتنمية البشرية والدمج.

وشدد على أن تلك الأهداف لا يمكن ترسيخها إلا من خلال إحلال السلام المشترك والدائم في منطقة الشرق الأوسط، والذي لا يمكن بناؤه وتحقيقه إلا بحل الدولتين، الإسرائيلية والفلسطينية، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، الأمر الذي سيحقق الاستقرار والازدهار بالمنطقة. 

ونوه السفير ناصر كامل، في هذا السياق، إلى أن اجتماع وزراء خارجية المتوسط الذي عقد في نوفمبر الماضي ببرشلونة، ضمن فعاليات "المنتدى الإقليمي الثامن للاتحاد من اجل المتوسط"، يُعد الحدث الأبرز هذا العام بالنسبة للمنظمة الأورومتوسطية؛ نظرًا لانعقاده في ظل انفجار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب بقطاع غزة، ما مَثل فرصة لمناقشة الأوضاع وتقريب وجهات النظر بين الدول الأعضاء والبحث عن حلول للخروج من تلك الأزمة.

 

ضمان الحرية والكرامة للفلسطينيين 

وذكر بأن الدول الأعضاء، جددت في البيان الختامي الصادر عقب اجتماع وزراء الخارجية، المسئولية الجماعية لتحقيق حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفقًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمرجعيات المتفق عليها، علاوة على الالتزام بالعمل معًا لتحقيق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان الحرية والكرامة للفلسطينيين والأمن المستدام للإسرائيليين والسلام الدائم والاستقرار للمنطقة بأكملها.

من ناحية أخرى، سلط السفير ناصر كامل الضوء على أن هذا العام تزامن مع الذكرى الـ15 لتأسيس الاتحاد من أجل المتوسط، حيث قامت الدول الأعضاء بمراجعة ما تم إنجازه منذ انطلاق الاتحاد سنة 2008، فضلًا عن أن العام 2023 شهد إطلاق مبادرة "عواصم الثقافة والحوار"، بحيث تقوم الدول الأعضاء الـ43 باختيار مدينتين سنويًا، من شمال وجنوب المتوسط، كعاصمتين للثقافة والحوار، بغية تعزيز التنوع الثقافي الأورومتوسطي الثري والتراث المشترك والاحتفاء بهما، علاوة على زيادة التفاهم المتبادل والحوار بين الثقافات.

وأبرز الأمين العام أهمية المؤتمر الوزاري الثالث حول التنمية الحضرية المستدامة، الذي عقد في النصف الأول من هذا العام بمدينة زغرب بكرواتيا، حيث تعهدت خلاله دول المنطقة بالعمل على تعزيز سلامة المواطنين وبناء مدن قادرة على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية وتغير المناخ، بجانب التزامهم الراسخ بتعزيز التنمية الحضرية المستدامة والمرنة والآمنة والمتكاملة.

وفيما يتعلق بملف المناخ، السفير ناصر كامل على توقيع "الشراكة الزرقاء المتوسطية"، في إطار الاجتماع السنوي الـ28 للأمم المتحدة بشأن المناخ الذي عقد -بمشاركته- في الإمارات العربية المتحدة، معتبرًا أنه يعد محطة بارزة تعكس الالتزام المشترك بالعمل معًا وتجميع الموارد وتحقيق النجاح في معالجة حالة الطوارئ المناخية في البحر الأبيض المتوسط.

وأوضح أن "الشراكة الزرقاء المتوسطية" تهدف إلى معالجة التهديدات التي يواجهها البحر الأبيض المتوسط من خلال تنسيق تمويل مشروعات الاقتصاد الأزرق في منطقتي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مع التركيز في البداية على مصر والأردن والمغرب.

كما سلط الضوء على استضافة الاتحاد من أجل المتوسط، هذا العام لفعالية "انخراط الشباب من أجل منطقة متوسطية ​​مستدامة"، بمشاركة 100 شاب من 20 دولة أورومتوسطية؛ لإشراكهم في معالجة قضايا تغير المناخ، والبطالة والاندماج الاجتماعي، ومناقشة التحولات الخضراء والرقمية.

ولفت الأمين العام إلى أهمية الاجتماع الرابع "للمدراء العامين للحماية المدنية في الدول الأعضاء"، والذي عقد بمدينة فالنسيا الأسبانية؛ إذ جاء في أعقاب الاجتماع الـ(51) لمديري الدول الأعضاء والدول المشاركة في آلية الحماية المدنية للاتحاد الأوروبي، وهي منصة أوروبا لتنسيق المساعدات في حالات الكوارث، تحت رعاية الرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي.

واعتبر أن "منتدى سيدات الأعمال" الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط ​​بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) في أكتوبر الماضي بتونس، يعد كذلك من الفعاليات المهمة هذا العام؛ حيث استهدف تدريب ودعم قدرات نساء منطقتنا، كما سلطت تلك النسخة الضوء على دور المرأة في قطاع "الصناعة 4.0"، أي بالعصر الرقمي، واستخدام التكنولوجيا الرقمية لتطوير الأعمال وإنشاء شبكة من رائدات الأعمال؛ لوضع استراتيجيات من شأنها حشد الأموال التي يمكن أن تساعد رائدات الأعمال في منطقتنا.

وتحدث السفير ناصر كامل عن طموح المنظمة في خلق منطقة أورومتوسطية أكثر تكاملًا على الصعيد الاقتصادي، وتجاوز كل العقبات المرتبطة بتكامل التجارة والاستثمار والبنية التحتية وحركة الأفراد والبضائع في المنطقة.

وأكد أن الاتحاد من أجل المتوسط عزز من دوره كإطار مؤسسي رائد متعدد الأطراف للحوار والتعاون بين دول المتوسط وذلك من خلال تشجيع المشاريع والمبادرات التي من شأنها تمكين المرأة وخلق فرص عمل للشباب وتسهيل التجارة ودفع التنمية والحد من المخاطر البيئية والمناخية. 

وأعرب الأمين العام، في ختام حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط، عن أمله في أن يجلب العام الجديد 2024 السلام الدائم الذي تتطلع إليه شعوب المتوسط، ولكي تتفرغ دول المنطقة إلى التنمية الحضرية والمستدامة ومواجهة التحديات المناخية وحماية البيئة.