رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين الرئيس والشعب.. عهد وأمانة

أكدت الأرقام التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات، حول الانتخابات الرئاسية، وفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بفترة رئاسية ثالثة، بأصوات بلغت نسبتها 89.6 من إجمالي عدد من شاركوا في الانتخابات، أن مصر دولة فرضت شخصيتها منذ أن كان التاريخ مُبهمًا غامضًا، وأنها تقدم نفسها للعالم بشكل جديد ومتجدد، بعد أن قال المصريون كلمتهم للعالم، وهم الذين راهن الرئيس على إرادتهم، منذ أن تولى المسئولية أول مرة.. لذلك، كان حريصًا على الخروج، بمجرد إعلان نتيجة الانتخابات، ليعبر لهم عن السعادة التي غمرته بمشهد اصطفافهم وانخراطهم فى صفوف الناخبين فى الاستحقاق الانتخابى الرئاسي، (وهو ما يعد دلالة واضحة، لكل متابع فى الداخل أو فى الخارج، على حيوية وفاعلية المجتمع المصرى، بكل أطيافه وفئاته، ويؤكد أن إرادة المصريين نافذة، بصوت كل مصرى ومصرية.. ذلك المشهد الذى تابعته عن كثب، ويدفعنى لأن أعبر عن عظيم تقديرى وامتنانى لكل المصريين، الذين شاركوا فى هذا الحدث المهم، فى هذا الظرف الدقيق، الذى تواجه فيه الدولة، حزمة من التحديات على كل المستويات).. (إن فخرى بكم، لا حدود ولا نهاية له، واختياركم لى فى مهمة قيادة الوطن، هو تكليف أتحمل أمانته أمام الله ـ عز وجل ـ وأمامكم، وسيشهد التاريخ به.. وكم ازداد فخرى، وأنا أشهد بعين متأملة، جموع الشعب المصرى تعبر عن نفسها.. فى المقدمة كان شباب مصر، يعبر عن نفسه، وعن حيوية مصر ومستقبله.. وكالعادة والعهد، تثبت المرأة المصرية مرة أخرى، بأنها صوت الضمير الوطنى، المعبر عن صمود وصلابة أمتنا، كما كان عمال مصر وفلاحوها، نموذجًا للوعى والإرادة، ويؤكدون مرة أخرى، على أنهم صناع المستقبل، وزارعو الأمل.. والشكر موصول لجيش مصر وشرطتها وقضائها، الذين أمنوا وأشرفوا على خروج هذه الملحمة الوطنية، بتلك الصورة التى استدعت الفخر والاعتزاز).
إن ما أظهره الشعب المصري، في عملية الانتخابات الرئاسية، فاق كل التوقعات، وتخطى فكرة الإنجاز إلى الإعجاز، وضرب عن مصر أروع الأمثلة فخرًا واعتزازًا، وأن ما كشفت عنه نتائج الانتخابات، بفوز الرئيس السيسي بولاية جديدة، يكشف عن معدن هذا الشعب الأصيل، ووعيه الكامل، وقدرته على الانتقاء والاصطفاء، وإيمانه الثابت بما تحقق في هذه البلاد على مدار عشر سنوات كاملة، جابهت مصر فيها تحديات عظمى وعثرات جمة، لتخرج من ذلك كله، شامخة أبية، عصية على الهوان، طامحة لبناء المستقبل واستشراف الغد، يأتى فى مقدمتها ـ كما قال الرئيس السيسي ـ (تلك الحرب الدائرة على حدودنا الشرقية، والتى تستدعى استنفار كل جهودنا للحيلولة دون استمرارها، بكل ما تُمثله من تهديد للأمن القومى المصرى بشكل خاص، وللقضية الفلسطينية بشكل عام.. وكأن اصطفاف المصريين، كان تصويتًا للعالم كله، من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية، وليس لمجرد اختيار رئيسهم لفترة رئاسية، فى مشهد حضارى راقٍ تضافرت فيه جهود الدولة ـ حكومة وشعبًا ـ ليخرج بهذا المظهر المشرف، والذى لم يشهد أية تجاوزات أو خروقات أمنية، على الرغم من هذه الحشود غير المسبوقة).
جاءت نتيجة الاستحقاق الرئاسي، لتعكس بقوة، مدى وقوف ملايين المصريين خلف القيادة الحكيمة للرئيس السيسي، مثلما جاءت مؤكدة انحيازهم للمشروع الوطني العملاق الذي يقوده الرئيس على مدار السنوات الماضية، مؤكدة أن الشعب المصري بأسره فاز في هذه الانتخابات، عندما اختار استقرار وطنه واستكمال ما تم من إنجازات، حققها بسواعد أبنائه وجهودهم، التي جسدها فكر وتخطيط الرئيس، وقدرته على اقتحام مشكلات ومعوقات لم يجرؤ غيره على مواجهتها طوال عشرات السنوات الماضية.. (أقول لكم بالصدق المعهود بيننا: إننى أدرك يقينًا حجم التحديات التى مررنا بها، وما زلنا نواجهها، كما أؤكد إدراكى، بأن البطل فى مواجهة هذه التحديات، هو المواطن المصرى العظيم الذى تصدى للإرهاب وعنفه، وتحمل الإصلاح الاقتصادى وآثاره، وواجه الأزمات بثبات ووعى وحكمة.. وأجدد معكم العهد، بأن نبذل معًا كل جهد، لنستمر فى بناء الجمهورية الجديدة، التى نسعى لإقامتها، وفق رؤية مشتركة، تجمعنا دولة ديمقراطية، تجمع أبناءها فى إطار من احترام الدستور والقانون، وتسير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية، قائمة على العلم والتكنولوجيا، محافظة على هويتها وثقافتها وتراثها، تضع بناء الإنسان فى مقدمة أولوياتها، وتسعى لتوفير الحياة الكريمة له، تمتلك القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية، التى تحافظ على أمنها القومى ومكتسبات شعبها.. هذه مصر، التى نحلم بها جميعًا، وهؤلاء هم المصريون، الذين يحدوهم الأمل فى بناء وطن عظيم، وسأكون صوتهم جميعًا، مدافعًا عن حلمهم لمصر، وسنستكمل حوارنا الوطنى، بشكل أكثر فاعلية وعملية، مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التى شهدتها العملية الانتخابية، وهو ما أفرز تنوعًا فى الأفكار والرؤى، ناتجًا عن تنوع المرشحين واتجاهاتهم السياسية).
إن الفوز الكبير للرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية، له دلالات شديدة الأهمية.. فقد جاءت الانتخابات في خضم أزمة اقتصادية عالمية أثرت على جموع المصريين، ومع ذلك، جدد المصريون الثقة العميقة في سياسات الرئيس، ويراهنون على قدرته في تحقيق التنمية الشاملة، بما مهد له من انطلاقة اقتصادية، تمثلت في المشروعات القومية العملاقة، وعلى رأسها البنية الأساسية المتطورة، والمهيأة لإقامة مشروعات اقتصادية كبيرة في مختلف مناطق الدولة، التي اتسعت كتلتها المأهولة لما يقرب من الضعف في غضون عشر سنوات فقط.. (أؤكد أننى كما عاهدتكم.. رجل مصرى، نشأ فى أصالة الحارة المصرية العريقة، أنتمى إلى المؤسسة العسكرية، ولا أملك فى مهمتى التى كلفتمونى بها، سوى العمل بكم ومن أجلكم، لا أدخر جهدًا، ولا أسعى سوى لإرضاء الله تعالى، وتحقيق آمالكم وتطلعاتكم.. إن اختياركم لى لقيادة الوطن، إنما هو أمانة، أدعو الله أن يوفقنى فى حملها بنجاح، وتسليمها بتجرد.. فلنعمل معًا، لأجل مصرنا العزيزة وبقوة شعبها واصطفافه الوطنى، دائمًا وأبدًا).
لقد كان الشعب المصري شاهدًا على إنجازات قومية تحققت في عشر سنوات، بقيادة الرئيس السيسي، ما جعله يندفع دفعًا نحو صناديق الاقتراع، أملًا في استمرار الإنجاز وتحقيق الإعجاز، وقد أصبحنا اليوم في عهد جديد، نبني على ما مضى ونستعد لما هو قادم، وإننا أمام تحديات كبيرة، ما بين المخاطر المُحدقة بنا من كل جانب، وبين استكمال ملفات التنمية والنهضة الحديثة، لكننا على ثقة تامة وكاملة بقدرة الرئيس السيسي على استكمال المسيرة، ومن خلفه شعب محب مخلص، ورجال أوفياء قادرون على خوض كل التحديات ومجابهة الصعاب وتجاوز المستحيل.. والدليل، أن توقيت الانتخابات الرئاسية جاء في أعقاب اندلاع حرب غزة، والتي قامت فيها مصر بجهود دبلوماسية وشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني، واتضح فيها، أن الموقف المصري، الذي طالما عبر عنه الرئيس السيسي في كل المحافل، كان الأكثر صوابًا وبعد نظر، والذي أكد أهمية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو 1967، وأن إقامة الدولة الفلسطينية لا يمكن تجاهلها إذا أردنا تحقيق الاستقرار والأمن الدائم في المنطقة، وأن عدم حل القضية الفلسطينية ستكون له آثار سلبية خطيرة على أمن دول المنطقة، وهذا ما لقي تأييدًا واسعًا من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، عقب اندلاع الحرب المريرة في غزة، والتي تشكل خطرًا كبيرًا على أمن المنطقة والعالم، وكان تجاهلها ـ فيما مضى ـ له أثر سيئ وأثمان باهظة تدفعها كل الأطراف الآن.. ومازال الرئيس السيسي يحذر من تجاهل وقف إطلاق النار، لأن من شأن استمرار الحرب أن تتمدد وتتسع، لتتضاعف المخاطر والخسائر لدول المنطقة والعالم.


■■ وبعد..
فإننا اليوم، ونحن نشهد هذا الزخم غير المسبوق من التأييد والاصطفاف، خلف القيادة السياسية للرئيس المُنتخب لفترة رئاسية جديدة، نؤكد أنه لا بد من الحفاظ على هذه الروح وهذا الزخم، الذي لا يقل أهمية وضرورة عن روح انتصار أكتوبر المجيد.. فقد أعادت هذه النتيجة المبهرة للانتخابات الرئاسية، إيمان الجماهير بقدرتها على اتخاذ القرار، وصنع المستقبل، وأبرزت أمام العالم أجمع ما يتمتع به الإنسان المصري من وعي وإدراك لدقة الموقف، ومن إقدام على العمل والمبادرة وكتابة التاريخ عند الأزمات، بما يشكل ملامح مشهد، قل أن يتكرر في تاريخ الشعوب.. وتكاد الانتخابات الرئاسية، بما شملته من ضمانات غير مسبوقة، وإقبال جماهيري كثيف على المشاركة، وفعالية حزبية، أن تكون الأعلى في تاريخ الأحزاب المصرية، وكانت مناسبة للتأكيد أن المصريين باتوا يرتادون آفاقًا جديدة من الحرية والتعددية، وأصبح لديهم من الوسائل السياسية ما يسمح لهم بامتلاك قرارهم وصنع مستقبلهم، عبر صناديق الاقتراع، ومن خلال آليات ديمقراطية ودستورية.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.