رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدستور تحقق: ماذا سيفعل «المركزى» فى آخر اجتماعات العام؟

البنك المركزى
البنك المركزى

تعقد لجنة «السياسات النقدية» بالبنك المركزى المصرى آخر اجتماعاتها فى العام الجارى ٢٠٢٣، الخميس المقبل الموافق ٢١ ديسمبر الجارى، وذلك بشأن أسعار الفائدة، التى رجح خبراء اقتصاد ومصرفيون استمرار «تثبيتها» كما هى دون تغيير، باعتبار هذا الأنسب والأفضل للسوق فى الظروف الحالية.

واعتبر الخبراء، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، أن قرار «تثبيت» أسعار الفائدة هو الأفضل فى الوقت الحالى لعدة أسباب، على رأسها انتهاج البنوك المركزية العالمية مبدأ «التثبيت»، كما حدث من قبل البنك الفيدرالى الأمريكى، الذى قرر فى اجتماعه الأخير، الأربعاء الماضى، «تثبيت» سعر الفائدة عند ٥.٥٪، ليكون هذا الاجتماع الرابع على التوالى الذى يُتخذ فيه قرار «التثبيت»، قبل أن يقرر البنك المركزى الصينى أيضًا، أمس الأول، تثبيت سعر الفائدة عند ٥.٧٥٪.

وقال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى: «أتوقع أن يقرر البنك المركزى المصرى، خلال اجتماع الخميس المقبل، تثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض، فى ظل اتجاه البنوك المركزية الكبرى فى العالم إلى التثبيت، ومنها البنك الفيدرالى الأمريكى، والبنك المركزى الصينى، وعدد من البنوك المركزية الأخرى على مستوى العالم».

وأضاف «الإدريسى»: «انخفاض معدلات التضخم إلى ٣٦٪ فى نوفمبر الماضى، بنسبة تراجع تبلغ ٤٪، يؤكد نجاح سياسة التثبيت، ويؤدى إلى التأنى فى اتخاذ قرار برفع الفائدة، الذى يؤثر سلبًا على الاقتصاد، ويحمّل الموازنة العامة للدولة أموالًا إضافية لسداد فوائد ديون أذون الخزانة والسندات».

وبخصوص استرداد شهادات الادخار والاستثمار ذات العائد ٢٥٪، قال الخبير الاقتصادى: «يمكن للبنك المركزى طرح شهادات استثمار جديدة بنفس أسعار الفائدة أو أعلى لامتصاص السيولة دون رفع أسعار الفائدة، لأن ذلك يؤثر أيضًا على الاستثمارات بشكل عام والصناعة بشكل خاص».

وقال طارق متولى، الخبير المصرفى، إن الفترة الحالية تشهد استقرارًا نسبيًا للاقتصاد الوطنى، لذا لا يوجد مبرر أو دافع قوى لتغيير سعر الفائدة، خاصة مع استقرار سعر الصرف الأجنبى، مشيرًا إلى أن أسعار الفائدة لم تعد الآلية الوحيدة المناسبة لكبح زمام التضخم، لكنها ستكون أداة فعالة ومساعدة لقرار تحرير سعر صرف الجنيه، للحد من عمليات «الدولرة» التى تزايدت فى الفترة الأخيرة ودفعت بالسعر إلى مستويات قياسية فى السوق الموازية.

واستبعد «متولى» أن يكون انتهاء آجال شهادات الادخار ذات العائد ٢٥٪ فى يناير المقبل سببًا من أسباب رفع «المركزى» أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن تطرح البنوك أوعية ادخارية مرتفعة العائد لجذب هذه السيولة المتوقعة.

ورأى محمود نجلة، المدير التنفيذى لأسواق النقد والدخل الثابت فى شركة «الأهلى للاستثمارات المالية»، أن قرار «المركزى» بشأن أسعار الفائدة مرتبط بالتوقعات المستقبلية لمعدلات التضخم، وهو ما يضعنا أمام سيناريوهين.

بالنسبة للسيناريو الأول أوضح «نجلة» أنه «فى حال استمرار تباطؤ التضخم، دون وجود اتجاه لتحرير سعر الصرف، أو امتصاص سيولة الشهادات المقرر انتهاؤها فى يناير المقبل، وقتها سيكون لا حاجة لاتخاذ قرار بتحريك الفائدة عن المعدلات الحالية. أما السيناريو الثانى فهو احتمالية تحرير سعر الصرف، وما ينتج عنه من ضغوط تضخمية، تستلزم رفع الفائدة استباقيًا خلال الاجتماع المقبل».

وقال الدكتور معتصم الشهيدى، المحلل الاقتصادى، إن جميع المؤشرات تبين استمرار تراجع التضخم، معتبرًا أن ارتفاعه ليس بسبب زيادة معدلات السيولة، بل نتيجة نقص المعروض الحقيقى فى الأسواق.

وتوقع «الشهيدى» أن يستأنف «المركزى» رفع الفائدة خلال الربع الأول من العام المقبل ٢٠٢٤، حال تحرك أسعار سعر الصرف، مشيرًا إلى أن الفترة الحالية ليست بحاجة إلى رفع الفائدة، خاصة مع ثبات أسعار صرف الدولار فى القطاع الرسمى. وأضاف المحلل الاقتصادى: «أسعار الفائدة ليست الوسيلة الوحيدة لتقليل التضخم، وستكون أداة جيدة حال تحريك سعر الصرف أو تحريره، وذلك لدورها الفعال فى مكافحة الدولرة».

لكن على عكس الخبراء السابقين، رجّح الدكتور وليد جاب الله، المحلل الاقتصادى، رفع سعر الفائدة، رغم اتجاه البنوك المركزية العالمية إلى «التثبيت»، على أن تكون نسبة الرفع ١٪، من اجل امتصاص السيولة النقدية فى السوق خلال الفترة الحالية، لحلول موعد استرداد شهادات الاستثمار والادخار بعائد ٢٥٪، والتى جرى طرحها فى نفس الوقت، معتبرًا أن قرار الرفع يؤدى إلى جذب شريحة كبيرة من هذه الشهادات، وتشجيع الناس على تجديدها.

واقترح «جاب الله» على البنك المركزى والبنوك العاملة فى مصر الاتجاه لطرح شهادات الادخار والاستثمار بعائد أكبر، خلال شهرى ديسمبر ويناير، لجذب جزء كبير من الودائع والسيولة الموجودة فى السوق بعد استرداد هذه الشهادات، وتشجيع المواطنين على اختيار شهادات جديدة، معتبرًا أن هذا يتطلب رفع أسعار الفائدة.

وأشار إلى أهمية إتاحة أوعية ادخارية تعادل شهادات الاستثمار الـ٢٥٪ خلال الفترة الحالية، بهدف الإبقاء على الأموال فى البنك، ودفع المودعين إلى تجديد هذه الشهادات.

أما محمود عطا، المحلل الاقتصادى، فقال إن قرار تسعير الفائدة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوقعات المستقبلية لمعدلات التصخم، وهو ما يضع الجميع أمام أكثر من خيار، الأول حال استمرار تراجع التضخم، دون تحرير سعر الصرف أو امتصاص سيولة شهادات البنوك المرتقب انتهاؤها يناير المقبل، فسيكون التثبيت للفائدة هو عنوان المرحلة، والخيار الثانى رفع الفائدة، حال تحرير سعر الصرف وزيادة التضخم.