رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البطل أحمد عبدالعزيز

 

مَن مِنا لا يعرف شارع البطل أحمد عبدالعزيز.. هذا الشارع الشهير فى محافظة الجيزة، الشارع الذى يربط بين حى الدقى وحى المهندسين؟ ومع تصاعد الأحداث فى غزة وجدتنى أتذكر قصة البطل أحمد عبدالعزيز، وأنا أمر عبر الشارع، فى طريق عودتى إلى منزلى. فى أيام شبابى استرعى انتباهى هذا الاسم الفريد الذى أُطلِق على هذا الشارع «البطل أحمد عبدالعزيز»؛ إذ يحرص الجميع على ذكر الاسم واللقب معًا، ولم يتم إسقاط اللقب على عادة المصريين فى التسهيل على أنفسهم عند ذكر أسماء الشوارع، كما أن هذا الشارع من الشوارع النادرة التى يسبق فيها الاسم لقب البطل، نادرة حقًا هى الشوارع التى تحمل اسم «البطل»؛ إذ جرى العُرف، ربما بعد ذلك، على استخدام صفة ولقب الشهيد.

ومع دراستى التاريخ كان فضولى الشديد لمعرفة مَن هو البطل أحمد عبدالعزيز؟ فى الحقيقة يعتبر أحمد عبدالعزيز من أهم أبطال الجيش المصرى أثناء حرب فلسطين فى عام ١٩٤٨. والمثير أن هذه الحرب اشتركت فيها نخبة من أهم الضباط المصريين الذين أصبح بعضهم بعد ذلك من الضباط الأحرار، بل من أعضاء مجلس قيادة الثورة مثل: محمد نجيب وجمال عبدالناصر وكمال الدين حسين، وعبدالحكيم عامر، وغيرهم.

وتعتبر قصة البطل أحمد عبدالعزيز من أهم صفحات مشاركة الجيش المصرى فى حرب فلسطين؛ إذ عُرفت عن أحمد عبدالعزيز الشجاعة والبسالة. كما كان أحمد عبدالعزيز من الرُتب العسكرية المتوسطة، بدأ الحرب وهو بكباشى «مقدم»، وانتهى إلى رتبة قائمقام «عقيد» فى سلاح الفرسان. واشترك أحمد عبدالعزيز فى القتال فى فلسطين مبكرًا أثناء الانتداب البريطانى على فلسطين، وقبيل إعلان دولة إسرائيل، وقبل دخول مصر رسميًا الحرب؛ إذ استقال أحمد عبدالعزيز من الجيش ليتولى قيادة فرق المتطوعين الفدائيين المصريين والعرب، حتى أصبح قائدًا لقوات المتطوعين التابعة لجامعة الدول العربية.

وعندما ننظر إلى المواقع العسكرية التى خاضها أحمد عبدالعزيز وقواته، وإلى تحركات هذه القوات دفاعًا عن فلسطين، ومهاجمًا المستعمرات الصهيونية والحشود العسكرية، نجده يتنقل بين خان يونس وبئر السبع فى النقب جنوب فلسطين، ثم فى الخليل فى الضفة الغربية.

وكان أحمد عبدالعزيز على علاقة وثيقة مع مجموعة الضباط الأحرار، رغم أنه كان أعلى منهم فى الرتبة آنذاك، وكان يحظى باحترامهم جميعًا. ترد سيرة البطل أحمد عبدالعزيز فى كتاب عبدالناصر «فلسفة الثورة»: «فى فلسطين جلس بجوارى مرة كمال الدين حسين وقال لى وهو ساهم الفكر شارد النظرات: هل تعلم ماذا قال لى أحمد عبدالعزيز قبل أن يموت؟ قلت: ماذا قال؟ قال كمال الدين حسين وفى صوته نبرة عميقة وفى عينيه نظرة أعمق: لقد قال لى اسمع يا كمال إن ميدان الجهاد الأكبر هو فى مصر».

المثير أن البطل أحمد عبدالعزيز لم يمت على أيدى الصهاينة، بل استُشهد يوم ٢٢ أغسطس ١٩٤٨ أثناء توجهه من الخليل إلى المجدل بنيران صديقة!

تحية إلى روح البطل أحمد عبدالعزيز.