رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيشنا.. قوة الردع التى يهابها الأعداء

لا نستطيع أن نعدد الإنجازات التى قدمها المرشح عبدالفتاح السيسى خلال السنوات العشر الأخيرة، فهى لا تُعد ولا تُحصى فى جميع المجالات.. لكن يمكننا تلخيصها فى أنه نجح فى معركة بقاء الدولة واستعادة الأمن والاستقرار، ليبدأ بعدها بناء مؤسسات الدولة المصرية وتنمية مقدراتها، ومنها إعادة بناء قواتنا المسلحة.. ومن نافلة القول، أن المعرض الدولى للصناعات الدفاعية «إيديكس 2023» فى دورته الثالثة، التى افتتحها الرئيس، يأتى قبيل الجولة الثانية من العرس الديمقراطى، إنتخابات الرئاسة المصرية رسالة تحذير لقوى الشر، فى إطار استراتيجية الردع للقوى المعادية، لأنه من المعروف أن هناك عدة عناصر، يتم بها قياس القوة العسكرية للدولة، أى دولة، منها القدرة على التصنيع والقدرة على استخدام التكنولوجيا فى التصنيع.. ولذا فقد جاء هذا المعرض، الذى شارك فيه عارضون من مختلف أنحاء العالم، لعرض أحدث التقنيات فى مجالات الدفاع والتسليح، وبحضور العديد من الوفود العسكرية، ليمثل قوة تضاف إلى قوة جيشنا الباسل، وتعكس مدى قدرة مصر على التصنيع المحلى لأسلحتها.
تذكرون معى، ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى، من أن طائرات مسيرة دخلت الحدود المصرية وجرى إسقاطها فى طابا ونويبع، و«أيًا ما كان المكان اللى جايه منه.. أنا حذرت قبل كده، إن اتساع رقعة الصراع ليس فى مصلحة المنطقة، التى ستكون، فى هذه الحالة، قنبلة موقوتة تُسبِّب الأذى للجميع.. ومصر ذات سيادة، وعلى الجميع أن يحترم سيادتها ومكانتها.. بدون أى تباهٍ أو تماهٍ.. مصر دولة قوية جدا لا تُمس».. لذا فقد جاءت كلمة الفريق أول، محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى فى افتتاح إيديكس، ترجمة صريحة وواضحة وعلنية لما سبق وأعلنه الرئيس السيسى بشأن التحديات التى تحيط بمصر، وتهدد بإشعال المنطقة، «الأحداث العالمية الجارية، وخصوصًا ما تواجهه القضية الفلسطينية من منحنى شديد الخطورة والحساسية، وتصعيد عسكرى غير محسوب لفرض واقع على الأرض، هدفه تصفية القضية.. وتأكيدًا لتوجيهات الرئيس السيسى دائمًا، فإنه لا بد للسلام من قوة تحميه وتؤمن استمراره.. فعالمنا اليوم ليس فيه مكان للضعفاء، وهذا واقع نشهده جميعًا».
كانت القوات المسلحة المصرية ولا تزال، الحصن الأمين لمقدرات هذه الأمة.. سعت على الدوام لامتلاك أحدث منظومات التسليح للحفاظ على أمن الوطن وسلامته، فى عالم يموج بالصراعات، واضعة نصب أعينها، أن من يمتلك مفاتيح القوة هو القادر على صنع السلام، «نحن نهدف إلى بناء مستقبل أكبر، نجتمع فيه على كل الثوابت لتزيدنا إصرارًا على المضى قدمًا فى الدفاع عن مقدرات شعوبنا ضد المخاطر والتحديات، مهما تعاظمت، بالتعاون مع المجتمع الدولى.. وستظل القوات المسلحة حارسًا وحاميًا لهذا الوطن، محافظة على أمنه واستقراره، ساعية لامتلاك القوة لدحر أى عدوان على أرض مصر الغالية، فى تعاون وثيق مع الدول المحبة للأمن والسلام.. وليس أمامها من سبيل إلا بالأخذ بأسباب العلم والقوة، والتحلى بالمبادئ السامية التى تحفظ للأمم والشعوب وحدتها واستقرارها، لنحافظ جميعًا على حاضرنا ومستقبلنا.
ومبكرًا، وضعت القيادة العامة للقوات المسلحة خطة طموحة للتطوير الشامل للقدرات القتالية للجيش المصرى، وتحديث وتنويع مصادر تسليحه، فى مختلف أسلحته وأفرعه الرئيسية، فى ضوء الظروف الإقليمية والدولية التى عاشتها البلاد من موجات اضطراب متتالية فى أعقاب عام 2011، وحالات الاضطراب الأمنى التى شهدتها مختلف الاتجاهات الاستراتيجية للدولة، فضلًا عن الاكتشافات الغازية فى منطقة شرق المتوسط، والاضطرابات والتهديدات المتنامية فى منطقة الشرق الأوسط، لتمتلك مصر «قوة الردع»، ضد أى طرف يُهدد الأمن القومى المصرى، فضلًا عن قدرات صد التحديات الأمنية المختلفة، لتواصل القوات المسلحة المصرية دورها كـ «درع وسيف»، و«حصن وسند» لمصر وشعبها.
وكان الرئيس السيسى، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد كشف خلال مشاركته فى فعاليات الندوة التثقيفية الحادية والثلاثين للقوات المسلحة، أكتوبر 2019، عن سر الطفرة التسليحية للقوات المسلحة المصرية فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو، حينما قال، إن «الدولة المصرية ليست مُعتدية، ولا تسعى للتدخل فى شئون الآخرين، ولكن الحفاظ على حدودها، وأمنها القومى، ومصالحها.. إن خطة القوات المسلحة للتطوير والتحديث، ضمت الحصول على مُعدات تمكنها من حفظ أمن مصر واستقرارها ومصالحها، فى ظل التطور الكبير فى نظم التسليح المختلفة.. وأقدر أقول إن ده تحقق.. وأقدر أقول لكم إن جيشنا قادر.. الجيش المصرى يحمى ولا يُهدد، ولا يعتدى».
ارتكزت الجهود المصرية لتحديث وتطوير قدرات القوات المسلحة، على مبدأ «تنويع مصادر السلاح»، دون احتكار لطرف على حساب الآخر، بما يضمن استقلالية القرار المصرى، والاستفادة من الإمكانيات التسليحية المتطورة لكافة دول العالم، لامتلاك «قوة الردع»، الكفيلة بتأمين الدولة المصرية وشعبها، وهى القوة التى كان لها عظيم الأثر فى إعادة ترتيب الجيش المصرى، ليصبح فى طليعة جيوش العالم.. واشتملت الجهود على تحديث وتطوير وتدعيم الكفاءة القتالية للقوات البحرية المصرية «سادة البحار»، لحماية مياه مصر الاقتصادية على طول الاتجاهات الاستراتيجية، لتتنوع القدرات القتالية لها، ليشمل تطويرها العديد من المحطات الفارقة، ومنها امتلاك مصر حاملتى المروحيات من طراز «ميسترال»، والغواصات من طراز «209/1400»، التى تعد من أحدث الغواصات القتالية فى العالم.. وتضمنت خطة تطوير الإمكانيات القتالية للقوات البحرية، امتلاك الفرقاطات متعددة المهام من طراز «فريم»، و«جويند»، و«ميكو 200»، ولنشات، وغيرها من الإمكانيات التى تدعم قدرات وكفاءة القوات البحرية، لحماية المياه الاقتصادية المصرية، وتنفيذ أى مهام قد يكلفون بها.
أما القوات الجوية «نسور السماء»، الحامية لأمن مصر القومى على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية؛ فلم تتوقف عن تطوير القدرات القتالية لها، عبر انضمام أحدث الطائرات متعددة المهام، طراز «رافال» الفرنسية، و«ميج 29» الروسية، بالإضافة إلى طائرات «إف 16 بلوك 52»، والهليكوبتر الهجومى «أباتشى»، والهليكوبتر الهجومى «كاموف»، وكذلك الطائرات الهليكوبتر «مى 24»، وطائرات الإبرار والبحث والإنقاذ «أجوستا».. واشتملت جهود تطوير وتحديث قواتنا الجوية أيضًا، على تحديث أسطول طائرات النقل الجوى، عبر دخول طائرات «كاسا»، و«إليوشن»، بالإضافة لتطوير وتحديث ودعم القدرات القتالية للقواعد الجوية المصرية المختلفة.. ومواكبة لأحدث ما توصل إليه العلم العسكرى، تم إدخال العديد من المسيرات والطائرات دون طيار، «الوينج لونج»، و«إس 100»، وطائرات مسيرة مختلفة الطرازات، توفر الوقت، والجهد، والدقة فى جمع المعلومات.. أما «درع سماء مصر»، قوات الدفاع الجوى، فقد شهدت طفرة هائلة فى مجال تطوير قدراتها القتالية، وتأمين الأجواء المصرية ضد أى اعتداء خارجى، مهما تعالت قدراته، وتنوعت طائراته، إلى جانب شبكة إنذار مزودة بأجهزة رادارية حديثة، قادرة على اكتشاف وتتبع جميع أنواع العدائيات الجوية، وتدبير أنظمة صواريخ ذاتية الحركة تمتاز بالقدرة العالية على المناورة.
ويتعاظم التصنيع الحربى، عبر قلاع وزارة الإنتاج الحربى، والهيئة العربية للتصنيع، والمصانع والورش الإنتاجية فى القوات المسلحة، فى مجالات التسليح المختلفة، من مدرعات، وصواريخ، ورشاشات، وغيرها.. وتُوِجَ التصنيع الحربى المشترك بتوقيع بروتوكول لتصنيع «الهاوتزر 155 ملى»، ليكون إضافة جديدة لسلاح المدفعية المصرية.. ولذا، فقد نظمت مصر معرض «إيدكس»، لتعزيز التعاون فى مجال التسليح بين مصر والعديد من دول العالم، والتصنيع المشترك لأحدث المنظومات الدفاعية، مما أدى للتصنيع المشترك للفرقاطة «جو ويند» فى ترسانة الإسكندرية البحرية، ولنشات المرور الساحلى «سويفت»، والرِب القتالى المدرع، «رافال 1200».. وواكب التطوير الشامل فى القوات المسلحة المصرية، أيضًا، الاهتمام بالفرد المقاتل إداريًا، وتدريبيًا، ومعنويًا؛ فانعكست آثاره الإيجابية على الاستيعاب الأمثل للأسلحة والمعدات.
اتبعت الدولة المصرية عددًا من المسارات فى تطوير قواتها المسلحة.. فبالإضافة إلى ما سبق، فقد تضمنت هذه المسارات، تطوير وتحديث المؤسسات التعليمية العسكرية، وفقًا لأحدث برامج العلوم العسكرية الدولية، وتنفيذ مناورات عسكرية مع دول العالم لتبادل الخبرات القتالية والتكنولوجية، والاطلاع على أحدث أنواع الأسلحة المتطورة، والتدريب على العمل المشترك فى مسارح العمليات المختلفة، مثل التدريب المصرى الأمريكى المشترك «النجم الساطع»، وتدريبات «درع العرب»، و«ميدوزا»، و«كليوباترا»، و«رعد الشمال»، و«حماة الصداقة»، وغيرها من التدريبات والمناورات العسكرية.
وشهدت السنوات الماضية افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى، عددًا من القواعد العسكرية، التى تمثل قوة مُضافة للجيش المصرى، بداية من افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية، فى مدينة الحمام بمحافظة مرسى مطروح، وهى أكبر قاعدة عسكرية فى مصر والشرق الأوسط وقارة إفريقيا، بمساحة ثمانية عشر ألف فدان، والتى افتتحت رسميًا فى يوليو 2017.. كما افتتحت الدولة المصرية قاعدة برنيس الجو بحرية على ساحل البحر الأحمر جنوب شرقى البلاد، بما يمثل دعمًا رئيسيًا للقوات البحرية فى تأمين قناة السويس، وحركة الملاحة البحرية فى البحر الأحمر، خصوصًا بعد قرار إعادة تنظيم القوات البحرية فى أسطولين، أحدهما شمالى مسئول عن مسرح عمليات البحر الأبيض المتوسط، والآخر هو الأسطول الجنوبى، المسئول عن تأمين البحر الأحمر.. هذه القواعد العسكرية الجديدة تُعبر عن رؤية القيادة السياسية، والقيادة العسكرية لسبل مواجهة التحديات المتنامية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية.
وتُوِجَت الطفرة العسكرية الهائلة، بإنشاء القيادة الاستراتيجية للجيش المصرى، والتى تجتمع فيها كل دلائل القوة والسيطرة، باعتبارها نطاقًا هائلًا، يحوى العديد من المنشآت التى تضم مبانى القيادة العامة للقوات المسلحة، وقيادات الأفرع الرئيسية، والهيئات والإدارات، ومركز تنسيق دفاع الدولة الاستراتيجى.. وتعتبر القيادة الاستراتيجية للجيش المصرى، مدينة عسكرية ذكية، بما تحتويه من أحدث النظم التكنولوجية العالمية.. وتواصل القوات المسلحة المصرية، العمل للوصول بقدراتها القتالية إلى أبعد مدى، ليظل «خير أجناد الأرض» على أعلى درجات الاستعداد القتالى، والكفاءة القتالية العالية، وليكونوا قوة ردع، فى ظل الأزمات التى تشهدها المنطقة الآن.
■■ ويبقى السؤال الكبير، الذى يقلق الإسرائيليين..
لماذا تقوم مصر بتطوير جيشها بهذا الشكل؟.. وضد من يجرى إعداد كل هذه القوّة العسكرية الضخمة والمزوّدة بالأسلحة الحديثة؟.. وهل من الممكن، فى يوم ما وفى ظرف ما، أن تحدث مواجهة عسكرية بين مصر وإسرائيل؟.. هل الجيش المصرى يستطيع؟.. هل يريد حاليًا أو قد يريد مستقبلًا؟.. أم أن الإرادة ستأتى بعد توفّر القدرة؟.. الإجابة فى المقال القادم.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.