رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أعضاء لجان قراءة النصوص المسرحية: لسنا جهات وصاية.. وهدفنا اختيار أعمال متميزة

المسرح
المسرح

كثيرون من الكتّاب الذين يسعون للنشر فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، أو غيرها من المؤسسات الثقافية الحكومية، ينزعجون من لجان الفحص والقراءة، التى تمتلك صلاحية إجازة النصوص أو منعها من النشر، فهل يمكن أن تتحول هذه اللجان إلى أماكن وصاية على الإبداع؟، وما آلية اختيار النصوص المجازة والتأكد من جودتها؟.

هذه الأسئلة، وغيرها، نطرحها على أعضاء بلجان القراءة فى البيت الفنى للمسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة، دائمًا، لاختيار النصوص المسرحية، كما نناقش دور الرقيب بعد موافقة لجان القراءة على النصوص. 

قال الكاتب والناقد أحمد عبدالرازق أبوالعلا: إن قرار تشكيل لجنة قراءة النصوص بالبيت الفنى للمسرح خطوة تحسب للفنان خالد جلال، كإجراء فنى طال انتظاره، حفاظًا على مستوى العروض المسرحية، وانحيازًا للمؤلف المسرحى، الذى غاب عن عروضنا واستبدل به ما يسمى- مغالطة- بالإعداد أو الدراماتورج، علمًا بأن نهضة مسرح الستينيات كان سببها تقديم نصوص المؤلف المسرحى المصرى وليس تقديم النص الأجنبى فقط إعدادًا أو تمصيرًا.

وعن الشروط الفنية والموضوعية التى يجب توافرها للموافقة على النص، يقول أبوالعلا: «نحن لا نحدد للمؤلف أى شروط، لأن اللجنة ليست لجنة وصاية، لكنها فقط لجنة تقييم فى ضوء استخدام معيار الجودة الفنية، والمؤلف حر تمامًا فى اختيار موضوعه، وطريقة معالجته وتقديم رسالته تلك مهمته وحده، ونحن لا نشاركه تلك المهمة، فقط بعد الموافقة على النص نقترح نوع المسرح الذى يمكن أن يُعرض على خشبته فى ضوء تخصصات وهويات المسارح، ويمكن أيضًا ترشيح المخرج المناسب للنوعية المُختارة».

وعن شروط قبول النص المسرحى، أوضح: «نقرأ النص ونكتب تقريرًا فنيًا وافيًا يحدد أسباب قبوله أو أسباب رفضه، اعتمادًا على المواصفات والشروط الفنية التى تجعله نصًا جيدًا فى المقام الأول، فعروض البيت الفنى للمسرح عروض احترافية ولا يدخل من ضمن سياستها تشجيع الكتاب بعيدًا عن جودة النص، لأن المعيار الوحيد لاختياره هو معيار الجودة والصدق الفنى فقط». 

وتابع: «الملاحظات التى ينبغى أن ينتبه لها المؤلف أن يكون على وعى كامل بطبيعة التأليف المسرحى لو كان مؤلفًا جديدًا، أما إذا كان متمرسًا فكلما اقترب من معالجة قضايا الواقع بأبعاده المختلفة كان النص حيًا، ونحن ننحاز للمسرح الحى وليس الميت».

وقالت سمر الوزير، رئيس الإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إن إجراءات قبول النص هى أن يقدم المؤلف النص لإدارة النصوص بالإدارة العامة للمسرح، ويجرى عرضه على لجنة قراءة من عضوين من النقاد والمخرجين، إذا أقرا صلاحية النص يحصل على موافقة، أو رفضا النص مع توضيح الأسباب.

وأضافت «الوزير»: «فى حال اختلافهما فى الرأى يجرى عرض النص على عضو ثالث للفصل بالموافقة أو الرفض، وفى بداية الموسم المسرحى يتم عرض النصوص المجازة فنيًا على المخرجين المرشحين للعمل بخطة الإدارة، والنص الذى يقع عليه اختيار المخرج وموافقة لجنة مناقشة المشاريع عليه تبدأ إجراءات الترخيص الرقابى له».

ولفتت إلى أنه لا توجد وصفة سحرية للكتابة التى يتم تقديمها فى عمل مسرحى جيد من النواحى الفنية، ولجنة القراءة هى التى تحدد مدى جودة النص المسرحى. وأكدت حق الكاتب فى التعبير عن خياله بحرية، وأن قواعد قبول النص المسرحى هى القواعد الفنية والمعايير الجمالية والنقدية المتعارف عليها، مثل وضوح الشخصيات والخط الدرامى وملاءمة النص للبيئة ومكان التنفيذ بالأقاليم الثقافية.

وبسؤال الناقد باسم صادق، عضو لجنة القراءة بالبيت الفنى للمسرح والبيت الفنى للفنون الشعبية، عن الدور الرقابى، قال: «لا بد من التأكيد أولًا أن اللجنة لا تلعب دورًا رقابيًا تجاه النصوص المقدمة لها، ولكن منوط باللجنة تقييم تلك النصوص تقييمًا فنيًا، بدءًا من اختيار تيمة العمل، ومرورًا بكيفية طرح الموضوع وصياغته دراميًا من حيث الحبكة وتطور الأحداث وترابط الحوار المسرحى ورسم الشخصيات الدرامية ومدى تماسكها وبناء تاريخها بناءً منطقيًا يبرر دوافعها وأسباب أفعالها تجاه الشخصيات الأخرى، بما يشعرنا بأنها شخصيات من لحم ودم، ومدى تفاعل العمل مع الأحداث الآنية وقدرته على إجابة التساؤلات البديهية الملحّة مثل: ماذا نقدم؟ ولماذا الآن؟ وكيف نقدم؟».

وأضاف «صادق»: «اللجنة تسعى لاختيار أكثر النصوص انضباطًا من حيث الجودة الفنية، وليس شرطًا أن يقدم العمل إجابات لرسائله المطروحة، فالمهم هو طرح المشكلة ودفع المتلقى للبحث والتفكير طوال الوقت».

وقالت الناقدة هند سلامة، عضو لجنة القراءة بالبيت الفنى للمسرح، إنه لا توجد إجراءات معينة، ولكن يقدم الكاتب أو المؤلف النص الخاص به للجنة القراءة، ثم يتم عرضه على لجنة ثلاثية، وفى النهاية تتم الموافقة على النص أو رفضه مع توضيح الأسباب، مشيرة إلى أن المخرج خالد جلال، القائم بأعمال البيت الفنى للمسرح، أكد قبول النصوص التى تسعى لتقديم عروض مسرحية ذات جودة فنية عالية.

وأضافت «سلامة» أن النص هو المبشر لتقديم عرض مسرحى جيد، سواء على مستوى الصورة أو الإخراج، ما يسهم فى فتح خيال المخرج وتقديم شكل مختلف ومتنوع، وهذا هو الأولى؛ أن نرى نصًا متماسكًا ويستحق أن يُقدم على خشبة مسرح الدولة ويستحق أن تُصرف عليه ميزانية، وأن تأتى الناس لمشاهدته من أجل عودة المسرح وانتعاشه جماهيريًا.

وتابعت: «لا بد من أن تتوافر فى النص شروط: أن يعطى مساحة من خيال المخرج، أن يقدم عرضًا مختلفًا، وليست هناك تيمات محددة أو عدد شخصيات معين، فالمؤلف تكون لديه فكرة أو إعداد لنص أجنبى ويتم تقديمه للجنة، ويتم قبوله أو رفضه على حسب جودة النص ومستواه فنيًا».

وعن دور الرقابة، تقول الناقدة منار سعد، مدير دار عرض المسرح العائم، إن الرقابة تأتى بعد موافقة لجنة القراءة، التى يكون منوطًا بها ضمان المستوى الفنى، أما الرقابة فهى عملية تنظيمية لحصول العمل الفنى على التصريح له بالعرض على الجمهور وفقًا لأمرين، الأول هو مجموعة الضوابط واللوائح التى وضعتها القوانين، والتى من خلالها يتم الحكم على العمل الفنى، والثانى هو ثقافة الرقيب ومدى مرونته للتعامل مع العمل الفنى بحيث لا يخل ببناء المسرحية الدرامى وتماسك العمل.

وأضافت «سعد»: «بالتالى على المبدع أن يراعى حقوق الملكية الفكرية لمؤلف النص وكاتب الأشعار أو الأغانى أو لورثتهم فى حال إن كانوا أمواتًا، وذلك فى حال إن كان النص تأليفًا مصريًا وليس مترجمًا عن نص أجنبى، وأن يذكر المبدع فى حال الاقتباس أو التمصير أو الترجمة أو الدراماتورج النص الأصلى المأخوذ منه العمل المقدم للرقابة بمؤلفه، حتى لا يتم اتهامه بالسرقة، إضافة إلى التنازلات الخاصة بالشق الإدارى من قِبل المؤلف أو كاتب الأشعار لإثبات حصوله على حقه الأدبى والمادى فى حال إن كان النص تأليفًا مصريًا، وأيضًا يجب مراعاة مدة الترخيص، وإعادة الترخيص للعمل الأدبى حيال تقديمه مرة أخرى إن كانت تلك المدة قد انتهت، وهى مدة قد حددتها اللوائح الرقابية بعام كامل».

وتابعت: «على المبدع دائمًا أن يضع فى اعتباره مجموعة القيم الدينية والسياسية والعادات والتقاليد عند تقديمه النص الأدبى، كذلك عليه مراعاة إحداثيات الظرف الاجتماعى والسياسى الراهن، فعلى سبيل المثال هناك بعض الأعمال الفنية كانت تأخذ ترخيصًا رقابيًا فى فترات سابقة ولكنها يتم رفضها فى الوقت الحالى والعكس».

وأوضحت: «فى بعض الأحيان تكون تلك اللوائح مقيدة للفنان، ومن هنا يقع الرقيب ذاته بين أمرين، وهما كونه فنانًا فى الأساس وكونه ممثلًا للقوانين فى ذات الوقت وعليه التخلى عن ذاتيته وأهوائه وقناعاته الشخصية والتحلى بالحيادية، وفى غالب الأمر تتم المناقشة مع صناع العمل للوصول لأفضل النتائج المُرضية للطرفين دون الإخلال ببناء العمل الدرامى».

وأكدت: «من حق كل مبدع تقديم ما يريد من نصوص غنائية كانت أو كوميدية أو فلسفية أو تعبيرًا حركيًا وغيرها من شتى أنواع الفنون المرئية، ولكن حين يتعرض النص لقضية جدلية يمكن أن تمثل خلافًا عقائديًا مثلًا فإن الرقابة تقوم بدورها بإرسال النص إلى الأزهر الشريف أو الكنيسة، بوصفهما جهة الاختصاص، حتى لا يحدث خطأ تتحمله الرقابة».

وقالت: «ربما يكون خير دليل استخدمته الرقابة هو التصنيف العمرى الذى تم وضعه مؤخرًا حتى تمكن من التعامل مع العمل الفنى والأدبى بمرونة أكثر.. فى النهاية الرقيب هو العين الثاقبة وحلقة الوصل بين العمل الأدبى الذى يمثل وجهة نظر صنّاعه والمجتمع وقيمه الراسخة، ليخرج فى أفضل صورة ملائمة للمجتمع وتحترم عقلية مُتلقيه».