رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زلزال اقتصادى فى إسرائيل.. 7 نقاط تلخص تأثير «طوفان الأقصى» على الاحتلال

طوفان الأقصى
طوفان الأقصى

تعرضت إسرائيل لخسائر اقتصادية بسبب الحرب على قطاع غزة، وتأثر القطاع الاقتصادي بشكل شامل، بدءًا من القطاعات الحكومية والتجارية والصناعية إلى القطاع الزراعي والسياحي وغيرها.


كما تضررت الشركات والمؤسسات الإسرائيلية بشكل كبير جراء الهجمات والصواريخ، كما انخفض الإنتاج والإيرادات فى هذه الفترة، ما أثر بذلك على نمو  الاقتصاد ومعدلات البطالة، بالإضافة إلى تأثر الأسواق المالية بانخفاض قيمة الأسهم  وعدم الاستقرار، كما سيتعين على إسرائيل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وإصلاح الممتلكات المتضررة وهذا يتطلب استثمارات كبيرة وجهودًا مستمرة.

فهل الخسائر الاقتصادية ستدفع إسرائيل لوقف حربها على قطاع غزة؟ 


أولًا- الاقتصاد الإسرائيلي قبل طوفان الأقصى: 
يعتبر الاقتصاد الإسرائيلي قويًا ومتقدمًا على مستوى العالم في العديد من الجوانب وأهمها أنها تعتبر مركزًا عالميًا للابتكار والتكنولوجيا، وتشجيع تكوين الشركات الناشئة  والاستثمار في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، كما يعتبر قطاع التكنولوجيا عالية  التقنية أهم أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي.
وتوجد العديد من الشركات الناشئة والشركات الكبيرة في مجالات التكنولوجيا الحيوية والبرمجيات، والاتصالات، والأمن السيبراني  والذكاء الاصطناعي.
كما تلعب هذه الشركات دورًا هامًا في تعزيز الابتكار وتوسيع القاعدة الصناعية وزيادة التصدير، وأنفقت عليه ما يصل إلى 6% من ناتجها المحلى الإجمالي وهو السبب الأساسي وراء هذا النمو السريع؛ ووفقًا لبيانات 2022، يشكل قطاع  التكنولوجيا الفائقة 18.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 50% من إجمالي الصادرات. 


وبالنسبة إلى التجارة الخارجية فدولة الاحتلال تتمتع بشبكة تجارية واسعة النطاق وتعاون اقتصادي مع العديد من الدول، كما تتميز الصادرات الإسرائيلية بتنوعها وجودة المنتجات وتشمل الصادرات الزراعية والتكنولوجية والمعدات الصناعية والألماس الذي أصبحت مركزًا عالميًا للتجارة والتصنيع فيه والمجوهرات والأدوات الطبية.


وبلغ حجم الصادرات 166 مليار دولار ويعتبر حجمًا قياسيًا، حيث ارتفعت الصادرات الإسرائيلية بنسبة 15% في العام 2022، وهذه كانت السنة الثانية التي يتجاوز فيها تصدير البضائع ويبلغ 52%. 


يجتذب الاقتصاد الإسرائيلي كميات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وذلك بفضل بيئة الأعمال المواتية والفرص الاستثمارية المتاحة، بالإضافة إلى استثمار الشركات  العالمية في قطاعات مختلفة في إسرائيل ما يساهم في تعزيز الاقتصاد وتحسين البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة وبحسب وكالة "بلومبيرج" بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر29.32 مليار دولار عام 2022، 72% منها من الولايات المتحدة الأمريكية. 


يشهد الاقتصاد الإسرائيلي نموًا قويًا على مدى السنوات العديدة الماضية وحققت إسرائيل نموًا اقتصاديًا بلغ نحو 8.6% عام 2021 و6.5% عام 2022 وهي معدلات مرتفعة مقارنة بأي اقتصاد آخر في هذه الفترة.
وقبل اشتعال الوضع في غزة كانت تبلغ الميزانية العامة لعام 2023 قرابة 484 مليار شيكل (119 مليار دولار)، وفي عام 2024 ستكون 514 مليار شيكل (126 مليار دولار)، وهي الأكبر من نوعها في تاريخ إسرائيل، فكان من المتوقع أن تزيد عن نصف تريليون شيكل لأول مرة في العام المقبل.


علاوة على ذلك فإن بنك إسرائيل قدر في فبراير الماضي أن عجز الميزانية سيقترب من 6% من الناتج المحلي الإجمالى فى عامي 2023 و2024. ولكن بحسب بيانات وزارة المالية الصادرة في 12 أكتوبر بلغ العجز 1.5% في سبتمبر على أساس سنوى. 


ثانيًا- انعكاسات طوفان الأقصى على الاقتصاد الإسرائيلي: 
على الرغم من هذه القوة يواجه الاقتصاد الإسرائيلى حاليًا تحديات كبيرة سبب التوترات  السياسية والأمنية في المنطقة:

 
1- التكلفة اليومية للحرب:
كشفت وزارة المالية الإسرائيلية عن التكلفة الأولية للحرب التي تخوضها إسرائيل أمام المقاومة فى قطاع غزة التي قد تبلغ ما يصل إلى 200 مليار شيكل (51 مليار دولار). ووفقًا لوزير المالية الإسرائيلي فإن نفقات القتال في اليوم الواحد تكلف أكثر من مليار شيكل (نحو 250 مليون دولار) أى نحو 1.75 مليار دولار أسبوعيًا ونحو 7.5 مليار دولار شهريًا، وسيزداد الإنفاق الإجمالى مع استمرار القتال، حيث قدرت وزارة المالية الإسرائيلية أن الخسارة الشهرية الناجمة عن الحرب على قطاع غزة تبلغ نحو 2.4 مليار دولار وفق وسائل إعلام محلية، وهناك ما يقال عن توجهات لتسريح آلاف من جنود الاحتياط للتخفيف من الخسائر المادية وأكد وزير المالية الإسرائيلي أن ميزانية عام 2023-2024 لم تعد مناسبة لذا فمن المقرر أن يجري تعديلها. 


2- انخفاض النمو الاقتصادي:
أعلنت مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" عن تخفيض توقعات نمو الاقتصاد الإسرائيلى إلى 1.9% خلال 2023 مقابل 2.9% سابقًا، كما خفضت من توقعات النمو للعام المقبل إلى 2.2% مقابل 3.1% سابقًا.
كما بلغت خسارة الناتج المحلي الإجمالى الإسرائيلي للعام الجارى 1.4 بالمئة بحسب صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية، وذلك يعنى أن كل شهر حرب قد يؤدي إلى خسارة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 9 مليارات  شيكل (2.4 مليار دولار) وبالتالي سيؤدي إلى ركود في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كما توقع بنك "جي بي مورعان" أن ينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 11%  على أساس سنوى، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجارى متأثرًا بالحرب الجارية. 


3- نقص العمالة:
تخسر إسرائيل أسبوعيًا 600 مليون دولار بسبب نقص العمالة؛ منها نزوح  144 ألف إسرائيلى، وتغيب 310 آلاف عامل وقلة إنتاجية 210 آلاف عامل، كما تم استدعاء أكثر من 300 ألف من جنود الاحتياط، وهذا يعني إعادة تخصيص للموارد البشرية من الاستخدامات المدنية إلى الاستخدامات العسكرية، ما ينعكس بالسلب على القطاعات المدنية التي فقدت جزءًا من قدراتها الاقتصادية لصالح قطاع الصناعات العسكرية.
وشملت عمليات الاستدعاء ما يقرب  من 10-15 في المئة من القوة العاملة بقطاع التكنولوجيا فهو القطاع الأسرع نموًا منذ  سنوات، مع وجود 500 شركة متعددة الجنسيات فيها ويسهم بنحو 18% من إجمالي الناتج  المحلي ونحو نصف الصادرات ما أثر بالسلب على أدائه، كما أعلنت السلطات عن تخصيص  حزمة بـ25 مليون دولار (نحو 100 مليون شيكل) لإعانة الشركات التكنولوجية الناشئة المتأثرة بالتداعيات، فضلًا عن نحو ألفي مزارع انضموا للجيش الإسرائيلي، وهذا يعني أن 70 بالمئة من قدرات القطاع الزراعي تضررت بفعل الحرب.

 

4- هبوط الشيكل إلى أدنى مستوياته أمام الدولار:
أطلق المركزى برنامجًا بقيمة 30 مليار دولار لبيع النقد الأجنبي مع بداية الحرب في غزة قبل شهر؛ لمنع حدوث تدهور حاد في سعر صرف الشيكل، إضافة إلى توفير ما يصل إلى 15 مليار دولار من خلال المقايضات، ومع ذلك انخفض الشيكل أمام الدولار إلى أدنى مستوى له منذ عام 2012، إذ وصل إلى مستوى 3.72 شيكل لكل دولار في السابع والعشرين من نوفمبر 2023 وهو ما جعل العملة الإسرائيلية في حالة انهيار؛ ولهذا أعلن البنك المركزى الإسرائيلي عن بيع 15% من احتياطي الدولار؛ لوقف انهيار الشيكل، الأمر الذي ترتب عليه هروب المستثمرين من إسرائيل ويأتي تراجع الشيكل رغم بدء "بنك إسرائيل" ضخ ما يصل إلى 45 مليار دولار بالسوق المحلية سعيًا للحفاظ على سعر صرف الشيكل من التقلبات التي سببتها الحرب، وحذرت وكالة بلومبيرج من أن تراجع قيمة الشيكل قد يستمر طويلًا، إذ باتت العملة الإسرائيلية من أسوأ العملات أداء هذا العام في ظل مخاوف من استمرار الصراع، ومغادرة المستثمرين إسرائيل لينعكس ذلك على الاحتياطيات النقدية الأجنبية.

5- خفض التصنيف الائتماني:
لم يسبق من قبل خفض تصنيف إسرائيل من قِبل وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية وهي ستاندرد آند بورز غلوبال وموديز وفيتش. ولكن أعلنت موديز وفيتش عن أنهما وضعتا تصنيف الديون السيادية الإسرائيلية الطويلة الأجل  المصنفة حاليًا في مستوى "A1" قيد المراجعة، وذلك تمهيدًا لاحتمال خفضه بسبب  الحرب، في حين أعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» عن تغيير توقعاتها لتصنيف إسرائيل من حالة  «مستقرة» إلى «سلبية».
ولا تمثل هذه المراجعات سوى تصنيف أولي لأثر الصدمة على  الاقتصاد الإسرائيلي، لذلك من الممكن أن تعقبها تقييمات سلبية أكثر حدة. 


6- خسائر الأسهم الإسرائيلية:
خسر مؤشر الأسهم الرئيسي في تل أبيب أكثر من 25 مليار دولار من قيمته منذ 7 أكتوبر، إذ فقدت سوق الأسهم نحو 9 في المئة من قيمتها الاسمية خلال الأسبوع الأول فقط من الحرب، وهى أكبر خسارة أسبوعية شهدتها على مدار السنوات العشر الماضية، إذ تراجعت  أسعار أسهم أكبر خمسة بنوك بنسبة 20 في المئة وهي أكبر نسبة تراجع منذ جائحة كورونا. كان مؤشر 35JI-TA مستقرًا عند مستوى (1830) نقطة في بورصة "تل أبيب" في 5 أكتوبر الماضي، وتراجع بعنف ليصل إلى (1651) نقطة فى 15 أكتوبر ويشهد تحسنًا فى الوقت الحالى، حيث وصل إلى 1797 نقطة في 23 نوفمبر. 


7- شلل القطاع السياحي:
قامت العديد من شركات الطيران الأجنبية بإلغاء رحلاتها الجوية من وإلى الأراضي المحتلة وهو ما ترتب عليه انخفاض عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل بشكل كبير، حيث تخلو الفنادق الإسرائيلية من السياح، لأن نصفها أصبح يقطنه اللاجئون القادمون من الجانب الآخر من المدينة، وذلك أثر سلبًا على قطاع السياحة الإسرائيلي الذي أسهمت إيراداته السيادية بنحو 5.5 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 15.3 مليون دولار يوميًا خلال العام الماضي، ولكن تراجعت حركة السياحة في أكتوبر الماضي بنسبة 76% على أساس سنوي بحسب التقرير الشهري الصادر عن مكتب الإحصاء الإسرائيلي، كما تراجعت الرحلات في مطار بن جوريون بنسبة 10/080 وفقًا لتقرير لموقع "Flights Secret" الذي يتعقب حركة الملاحة الجوية الدولية وقدمت الحكومة في 12 أكتوبر الماضي خطة لتقديم ضمان حكومي يغطي التأمين ضد مخاطر الحرب لشركات الطيران الإسرائيلية بقيمة 6 مليارات دولار.