رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاتحاد من أجل فلسطين

الجهود المصرية والأمريكية والقطرية نجحت، إذن، فى تمديد هدنة غزة ليومين إضافيين، بشروط الهدنة السابقة نفسها، بعد أن كاد نهار، أمس الأول الإثنين، يمضى دون اتفاق. وفى اليوم نفسه، حث ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمى باسم أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، «جميع الدول على استخدام نفوذها لإنهاء هذا الصراع المأساوى، ودعم خطوات لا رجعة فيها نحو المستقبل المستدام الوحيد للمنطقة، وهو حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنبًا إلى جنب، فى أمن وسلام».

بالتزامن، اتفقت كل الدول الأوروبية، الأعضاء فى «منتدى الاتحاد من أجل المتوسط»، تقريبًا، وغالبية المشاركين فى اجتماعات المنتدى الإقليمى الثامن للاتحاد، على ضرورة تفعيل حل الدولتين، حسب تصريحات جوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، الذى دعا إلى تمديد الهدنة الإنسانية فى قطاع غزة، وتحويلها إلى «هدنة دائمة للسماح بالعمل على حل سياسى للنزاع»، وأكد أنّه «لن يكون هناك سلام أو أمن لإسرائيل، دون قيام الدولة الفلسطينية». وفى حسابه على شبكة «إكس»، طالب «بوريل» باغتنام هذه المناسبة للتصدى للكارثة، التى تتكشف أمام أعيننا فى منطقة الشرق الأوسط.

الاتحاد المتوسطى، الذى يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وتلك الواقعة على الضفتين الشرقية والجنوبية للبحر المتوسط، يضم ٤٣ دولة أوروبية، وشمال إفريقية، وشرق أوسطية، من بينها إسرائيل، التى قاطعت نسخة هذا العام من المنتدى، لأسباب وجيهة، أو نراها كذلك، من بينها، مثلًا، الموقف الإسبانى المتوازن، أو المحترم، من العدوان على غزة، أو البند الرئيسى لجدول الأعمال، أو توجيه الدعوة للجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية المشتركة، الطارئة، التى استضافتها السعودية، فى ١١ نوفمبر الجارى، التى تضم وزراء خارجية مصر، فلسطين، السعودية، الأردن، وتركيا. 

قد يكون «الاتحاد من أجل فلسطين» هو العنوان الأنسب لنسخة هذا العام، النسخة الثامنة، من اجتماعات «منتدى الاتحاد من أجل المتوسط»، التى استضافتها مدينة برشلونة الإسبانية، أمس الأول الإثنين، والتى كان على جدول أعمالها بند رئيسى واحد هو رسم خريطة طريق لمستقبل قطاع غزة، وفلسطين بكاملها، بعد أن تضع الحرب بين إسرائيل و«حماس» أوزارها. كما أقيمت خلالها مائدة وزارية مستديرة، تبادل فيها وزراء خارجية الدول الأعضاء الرؤى والتقييمات بشأن سبل إنهاء الحرب فى أقرب وقت، وفتح الأفق لمسار سياسى يقوم على حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. 

فى كلماتهم، أكد غالبية المتحدثين ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق دائم للنار فى قطاع غزة والسعى الجاد إلى حل الدولتين. وكنا قد أنهينا مقال أمس، بالإشارة إلى أن وزير خارجيتنا، سامح شكرى، شدد، فى كلمته، على أهمية أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت، الذى تم تيسيره بجهود مصر والولايات المتحدة وقطر، حافزًا للمجتمع الدولى، للعمل بجدية للوصول إلى وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار. وأشرنا، كذلك، إلى دعوته دول الاتحاد، للاعتراف بدولة فلسطين، دون شروط مسبقة أو معوقات إضافية.

على هامش مشاركتهم فى أعمال المنتدى، اجتمع وزراء خارجية المجموعة العربية الإسلامية، مع خوسيه مانويل ألباريس، وزير خارجية إسبانيا، وأشادوا خلال الاجتماع بالموقف الإسبانى الإيجابى والمتوازن الداعى إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية، واحترام قواعد القانون الدولى الإنسانى، وهو الموقف الذى أكدته تصريحات رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز، خلال جولته الأخيرة بالمنطقة، وخلال مؤتمره الصحفى المشترك مع رئيس الوزراء البلجيكى، عند معبر رفح. كما استعرض وزراء خارجية المجموعة، محددات الموقف العربى الإسلامى، مؤكدين رفضهم القاطع السياسات الإسرائيلية، التى تستهدف التهجير القسرى للشعب الفلسطينى، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، لتصفية القضية الفلسطينية، وكذا رفضهم التام محاولات فصل القطاع عن الضفة الغربية.

.. وأخيرًا، نرى أن دول «منتدى الاتحاد من أجل المتوسط» يمكنها أن تلعب دورًا مهمًا على المستويين الإقليمى والدولى، وأن تواجه، معًا، كل التحديات المشتركة، الراهنة، والمزمنة، لو خلصت النوايا، وتخلّت بعض دول الجانب الأوروبى عن أطماعها، أو أحلامها، الاستعمارية القديمة، أو القائمة.