رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إفاقة أوروبية محتملة

المفوضية الأوروبية هى الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبى، المسئولة عن اقتراح التشريعات، وتنفيذ القرارات، وتأييد المعاهدات، وإدارة أعمال الاتحاد اليومية، وترأسها منذ ١ نوفمبر ٢٠١٩، الألمانية أورسولا فون دير لاين، التى تزور المملكة الأردنية، اليوم الأحد، بعد أن زارت مصر، أمس السبت، واستقبلها الرئيس عبدالفتاح السيسى، بحضور سامح شكرى، وزير الخارجية، وكبار مسئولى المفوضية.

من مطار العريش الدولى، شكرت «فون دير لاين» مصر على استقبال المصابين الفلسطينيين وتوفير المساعدات الطبية المختلفة لهم. ووصفت، فى مؤتمر صحفى، اجتماعها مع الرئيس السيسى بأنه كان جيدًا للغاية، لافتة إلى أنها ناقشت معه كيفية العمل على تهدئة الأوضاع. ولو دخلت إلى حسابها على شبكة «إكس»، تويتر سابقًا، ستجد أنها كانت قد وصفت مصر، فور وصولها إلى القاهرة، بأنها «شريك رئيسى»، وأشارت إلى أنها «تلعب دورًا حاسمًا فى تحقيق الاستقرار فى هذه الأوقات الصعبة»، وأعربت عن امتنانها لذلك، كما أكدت أن الاتحاد الأوروبى يهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية المهمة.

فى تغريدة لاحقة، كتبت رئيس المفوضية الأوروبية أنها ناقشت مع الرئيس السيسى الأزمة الإنسانية المستمرة فى قطاع غزة، ووجّهت الشكر للدولة المصرية على دورها الرئيسى فى توفير وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الضعفاء، وأكدت اتفاقها مع الرئيس على مبدأ عدم التهجير القسرى للفلسطينيين، وعلى أفق سياسى يقوم على حل الدولتين. وهو ما يمكن اعتباره استكمالًا لنجاح جهود الدولة المصرية، فى تغيير الموقف الأوروبى، أو إفاقته المحتملة، خلال الأزمة الراهنة.

تولّت «فون دير لاين» وزارة الدفاع فى ألمانيا، منذ سنة ٢٠١٣ إلى ٢٠١٩، وكانت أول امرأة تشغل هذا المنصب، كما كانت أول امرأة تتولى رئاسة المفوضية الأوروبية، وحال عدم فوزها بولاية ثانية، فى الانتخابات المقرر إجراؤها السنة المقبلة، من المرجح أن تكون أيضًا أول امرأة تترأس حلف شمال الأطلسى، الناتو، بدعم أمريكى. مع أنها تخرجت فى كلية الطب بجامعة هانوفر، سنة ١٩٨٧، وكانت حتى سنة ٢٠٠٢ عضوًا بهيئة تدريس قسم علم الأوبئة والطب الاجتماعى، و... و... وكانت وزيرة شئون الأسرة، فى أولى حكومات أنجيلا ميركل، حين شاركت، سنة ٢٠٠٨، فى اجتماع مجلس الوزراء المشترك الأول للحكومتين الألمانية والإسرائيلية، فى القدس المحتلة، بمناسبة الذكرى الـ٦٠ لتأسيس إسرائيل!.

بغضب عربى بالغ، على المستويين الشعبى والرسمى، قوبلت تصريحات مستفزة أدلت بها «فون دير لاين»، خلال تهنئتها لذلك الكيان، أواخر أبريل الماضى، بمناسبة ذكرى تأسيسه الخامسة والسبعين. ولانحيازها المطلق، أو الأعمى، لإسرائيل، خلال الأزمة الراهنة، واجهت ما يشبه الانتفاضة، واتهمها ٨٤٢ من كبار موظفى ودبلوماسيى الاتحاد الأوروبى، فى بيان طويل، بانتهاك جوهر القيم التى قام على أساسها الاتحاد الأوروبى، وأكدوا أن مواقفها تضر بأمن ومصالح الدول الأوروبية، وأكدوا أن الدعم غير المشروط لإسرائيل أفقد الاتحاد مصداقيته كـ«وسيط عادل ومُنصف وإنسانى»، وطالبوها باستخدام موقعها من أجل وقف الفظائع التى يجرى ارتكابها، والعمل مع القادة الأوروبيين على وقف إطلاق النار.

المهم، هو أن مباحثات الرئيس السيسى مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبى، وكبار مسئولى المفوضية، تناولت مستجدات التصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية، وأكد خلالها الرئيس موقف مصر بضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار وحماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية لأهالى قطاع غزة، مشددًا على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته وتنفيذ قرارى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن. ومن جانبها، عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية تقييمها لتطورات الأوضاع، وأكدت تقدير الاتحاد الأوروبى البالغ للدور الجوهرى الذى تقوم به مصر فى هذا الصدد.

.. وأخيرًا، شدد الرئيس السيسى، أيضًا أو مجددًا، على رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين، سواء داخل أو خارج أراضيهم، وهو ما اتفقت معه رئيسة المفوضية الأوروبية، خلال اللقاء، مؤكدة الموقف الأوروبى الرفض للتهجير، ثم فى التغريدة، التى أشرنا إليها سابقًا. كما أكد الجانبان أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين وفقًا للمرجعيات الدولية.