رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشراكة المصرية الأوروبية.. سنوات من العلاقات التاريخية

جريدة الدستور

تزامنا مع الصراع الدائر في قطاع غزة، تزور القاهرة رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" لإجراء مناقشات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي حول مستجدات التصعيد العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، واستعراض الجهود في ذلك السياق، وسط تأكيدات مصرية على عدة مفاهيم مصرية راسخة تتمثل في ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وحماية المدنيين، ورفض مصر القاطع لتصفية القضية الفلسطينية بتهجير سكان القطاع، سواء بالنزوح داخليا أو بالتهجير خارج أراضيهم لا سيما إلى الأراضي المصرية في سيناء، وهو ما اتفق عليه الجانبان بأنه أمر مرفوض لن يحقق أي معادلات للسلام، هذا بجانب مناقشات أخرى تدور حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية المهمة مع مصر، في ضوء ما يجمع الطرفين من روابط وثيقة. 

ستسافر رئيسة المفوضية إلى شمال سيناء وتحديدا مدينة العريش ومعبر رفح الحدودي؛ لتفقد المساعدات الإنسانية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، بجانب التأكد من نفاذ المساعدات إلى سكان قطاع غزة، وسط امتنان لدور مصر الفاعل والجوهري خلال الأزمة، واعتبارها شريكا أساسيا ورئيسا يستطيع لعب دور حاسم في تحقيق الاستقرار في لمنطقة الحرب في غزة توحد الجهود السياسية والدبلوماسية مع دول الاتحاد الأوروبي.

تعددت الجهود المصرية الدبلوماسية والرئاسية في حشد الموقف الدولي لمواجهة التصعيد الإسرائيلي في غزة؛ فبين مشاورات ولقاءات عدة، كان الغرض والهدف الأساسي هو تقديم كل الدعم للفلسطينيين في غزة، ومن جهته يحاول الاتحاد الأوروبي تسريع جهوده وحل الانقسامات بداخله لتعزيز العلاقات مع الجهات الإقليمية الفاعلة في الصراع كمصر من أجل تخفيف حدة الصراع والسعي إلى وقف إطلاق النار، الأمر الذي يدل على أن موقف الاتحاد الأوروبي من العدوان على غزة قد بدأ في التغير، استجابة للضغوط الشعبية بداخل دول الاتحاد، وخشية أن يفقد الاتحاد الأوروبي دوره كوسيط مهم للصراعات في منطقة مهمة كالشرق الأوسط، وتتويجا للجهود المصرية منذ بداية الحرب في هذا الإطار.

ومن خلال زيارة رئيسة المفوضية للقاهرة ومن بعدها إلى شمال سيناء، لتفقد حجم المساعدات الإنسانية القادمة من الاتحاد الأوروبي، يبدو أن هناك هدفا آخر للزيارة يتثمل في "الوقوف على حقيقة عرقلة إسرائيل دخول المساعدات"، خاصة أن الدول العربية قد طالبت المفوضية الأوروبية بالضغط على إسرائيل لوقف عرقلة دخول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الذي يعانون بشدة جراء هذا العدوان الغاشم، وستشمل الزيارة كذلك تفقدا لحالات الجرحى الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج في المستشفيات المصرية. 

وأشاد الاتحاد الأوروبى بجهود مصر بداية من رئيسها عبدالفتاح السيسى والشعب المصري، فى عملية دخول المساعدات الإنسانية للقطاع عبر ممر رفح بالرغم من التعنت الإسرائيلي، فلم تتوقف الجهود منذ اللحظات الأولى لاندلاع العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في محاولة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات والوقود والغذاء لسكان القطاع المحاصر، وفتح مطار العريش الدولي لاستقبال المساعدات من جميع دول العالم، والضغط الدولي على كافة الأطراف لزيادة حجم المساعدات للقطاع، بالإضافة إلى سرعة التنسيق لاستقبال المصابين وحديثي الولادة وممن هم بحاجة إلى الرعاية المشددة، هذا بجانب تكثيف الاتصالات والتحركات مع كافة الأطراف بهدف الإفراج عن الرهائن داخل قطاع غزة، وكذلك سرعة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، والعمل على سرعة الإجلاء لمزدوجي الجنسية. 

ولا يمكن إغفال رفض مصر القاطع التهجير القسري لسكان غزة، وهو الأمر الذي يعكس دور مصر في "إفشال" المخطط الإسرائيلي في خلق نكبة ثانية للفلسطينيين وتدمير غزة، وبالتالي تحويل ملايين الشعب الفلسطيني إلى لاجئين بلا أرض، ويعمل على تصفية القضية الفلسطينية للأبد. وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية للتنسيق مع أوروبا لإنجاح المخطط، يبدو أن أوروبا في النهاية رضخت للموقف المصري، واعتبرت التهجير أمرا غير واقعي وهدد أمن مصر القومي، ودعا عدد من الدول الأوروبية إلى تبني الحلول التي تضع الجميع على المسار السياسي الصحيح القائم على حل الدولتين، وفقا للمرجعيات الدولية المعتمدة.