رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إهانة جديدة لمجلس الأمن

بموافقة ١٢ دولة، من الدول الـ١٥ الأعضاء، وامتناع روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا عن التصويت، اعتمد مجلس الأمن، مساء أمس الأول الأربعاء، مشروع قرار تقدمت به دولة مالطا، ودعمته المجموعة العربية، يدعو إلى «هدنات إنسانية» عاجلة لفترات أطول، ولعدد كاف من الأيام، فى جميع أنحاء قطاع غزة، الذى يتعرض لعدوان إسرائيلى متواصل، جوًا وبحرًا وبرًا، منذ ٧ أكتوبر الماضى.

القرار، الذى رآه البعض «خطوة أولى فى الاتجاه الصحيح»، دعا، أيضًا، إلى فتح ممرات إنسانية آمنة لتمكين الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وشركائها التنفيذيين، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وباقى المنظمات المحايدة، من الوصول السريع والآمن، ودون عوائق، لتقديم المساعدة الإنسانية، وتوفير السلع والخدمات الأساسية المهمة للمدنيين، خاصة الأطفال، فى جميع أنحاء القطاع، بما فى ذلك المياه والكهرباء والوقود والغذاء والإمدادات الطبية، إضافة إلى إجراء الإصلاحات العاجلة فى البنية التحتية الأساسية، وتمكين جهود الإنقاذ والإنعاش العاجلة للمفقودين فى المبانى المتضررة والمدمرة.

ساعات لم تمض على صدور القرار حتى قام جيش الاحتلال، فجر أمس الخميس، باقتحام مستشفى الشفاء، للمرة الثانية، بعد قصفه محيط المستشفى الميدانى الأردنى فى غزة، كما أعلن عن قصف منزل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، بزعم أنه يتم استخدامه «كبنية تحتية إرهابية، وكثيرًا ما كان بمثابة نقطة التقاء لكبار قادة حماس لتوجيه الهجمات الإرهابية». وبالتزامن، أكد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، أنه «لا يوجد مكان فى غزة لن نصل إليه».

وخلال زيارته إحدى القواعد العسكرية فى غلاف قطاع غزة، قال مخاطبًا الجنود: «هل تتذكرون عندما قيل لنا إننا لن نقتحم غزة؟ لقد اقتحمناها، وقيل إننا لن نصل إلى ضواحى مدينة غزة، فوصلنا، وقيل إننا لن ندخل مستشفى الشفاء، لكننا دخلنا»، وأشار إلى أن لديهم «مهمتين رئيسيتين»، هما «القضاء على حماس واستعادة الرهائن».

المهم، هو أن قرار مجلس الأمن جاء بعد فشل، أو إفشال، أربع محاولات لتمرير قرارات تتعلق بالوضع فى غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلى الوحشى على القطاع، ومن المقرر أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بتحديد وسائل رصد تنفيذ هذا القرار بفعالية، باعتباره مسألة ذات أولوية، على أن يقدم تقريرًا شفويًا للمجلس بهذا الشأن فى الاجتماع المقبل. مع أن جلعاد إردان، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، أعلن بمنتهى الوضوح عن عدم اعتزامهم تنفيذ القرار، الذى وصفه بأنه «منفصل عن الواقع ولا معنى له»، وأكد، فى بيان، أنهم سيواصلون العمل «بغض النظر عما يقرره المجلس».

كما قالت الخارجية الإسرائيلية، فى بيان آخر، إنها ترفض أى هدنة إنسانية مطولة، طالما لا يزال هناك ٢٣٩ محتجزًا فى قبضة حماس.

مع الدعوة إلى «الإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس والجماعات الأخرى، خاصة الأطفال»، دعا قرار مجلس الأمن، كذلك، إلى ضمان الوصول الفورى للمساعدات الإنسانية، والامتناع عن حرمان المدنيين فى قطاع غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التى لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة. ورحب بالعملية الأولية لتوفير الإمدادات الإنسانية، وإن كانت محدودة، ودعا إلى زيادة هذه الإمدادات لتلبية احتياجات السكان المدنيين، خاصة الأطفال. كما شدد القرار على أهمية آليات التنسيق والإخطار الإنسانى وتفادى التضارب، لحماية جميع العاملين بالهيئات الطبية والإنسانية، وسيارات الإسعاف، والبنية التحتية الحيوية، ومرافق الأمم المتحدة، والمساعدة فى تسهيل تنقل قوافل المساعدة والمرضى والجرحى، خاصة الأطفال، ومقدمى الرعاية لهم.

.. أخيرًا، ومع أن أعضاء الأمم المتحدة تعهدوا، طبقًا للمادة ٢٥ من الميثاق، بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها، إلا أن القرارات التى يتم اتخاذها تحت الفصل السادس، الخاص بـ«تسوية النزاعات بالطرق السلمية»، تفتقر إلى آليات التنفيذ، وبالتالى يستطيع العضو المارق، الذى لا يفى، عادة، بعهوده أو تعهداته، أن يرفض تلك القرارات، أو يتجاهلها، أو يصفها بأنها منفصلة عن الواقع، أو يرميها فى سلة المهملات!.