رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ازدوجية معايير المجتمع الدولي تعيد للأذهان قصة "دكتور جيكل ومستر هايد"

روبرت لويس ستيفنسون
روبرت لويس ستيفنسون

ازدواجية معايير المجتمع الدولي، فيما يخص عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، أعادت إلى الأذهان قصة “دكتور جيكل ومستر هايد”، للكاتب الاسكتلندي روبرت لويس ستيفنسون، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1850، والتي جسدت ازدواجية الخير والشر في النفس البشرية.

دكتور جيكل ومستر هايد وازدواجية المعايير

ازدواجية معايير المجتمع الدولي، والتي تجلت في عجز المؤسسات والمنظمات الدولية ومن بينها مجلس الأمن والأمم المتحدة في وقف الممارسات الإجرامية الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة، شكل من التناقضات في تعامل المجتمع الدولي مع إسرائيل والأمة العربية، فبينما دمرت قرارات المنظمات الدولية هذه وازدواجية معايير المجتمع الدولي، العراق وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية، جاءت قراراتها على النقيض مع إسرائيل التي لم تستطع هذه المنظمات أن تلزمها بأي من قرارتها.

يشبه الوضع الحالي الذي تعيشه غزة اليوم وأهلها الفلسطينيين، إلى حد يصل للتطابق مع رائعة “ستيفنسون”، دكتور جيكل ومستر هايد، والتي صارت رمزا علي الإزدواجية والتناقض، بين الخير والشر.

ففي الرواية التي نشرت لأول مرة عام 1886، نجد شخصية الدكتور “جيكل”، الذي تتنازعه شخصيتان، الأولي خيرة محبة للآخرين ومساعدتهم، بينما الشخصية الأخري، “مستر هايد”، شخص شرير قاس يلحق الأذي بمن حوله.

يصف الناقد دكتور عمر منير الرواية ونجاح مؤلفها في تجسيد ازدواجية معايير المجتمع الدولي، مشيرا إلي: "كان نموذج "جيكل وهايد هما أكثر ما استطاع الكاتب" ستيفنسون" أن يصف به الصراع الذي يستعر بداخل الإنسان المعاصر في أواخر القرن التاسع عشر ولكن لا أعلم ما الذي كان سيعبر عنه نفس الكاتب لو عاصرنا في هذا الزمن والذي تطور فيه" د. جيكل لنجدة يرتدي أثوابا مثالية مختلفة منها الديني والحقوقي والسياسي بينما في الحقيقة المجردة لا تخفي تلك الأثواب المتعددة إلا وحوشا مختلفة فتاكة لا تكترث بأي أعراف أنسانية أو قواعد أخلاقية أو حتى ضوابط دينية أو حضارية.

بينما يذهب الناقد الدكتور مصطفى الضبع في دراسة نقدية له إلى أن: “روبرت لويس ستيفنسون، سرد في روايته ”دكتور جيكل ومست هايد"، حياة دكتور “جيكل” الذي ينجح في اختراع عقار يجعله قادرا على فصل الشر داخله ويعيش شروره عبر شخصية “هايد” الشخصية الأكثر شرا في العالم ومع توالي الأحداث واستسلامه للشر تفسد روحه ولا يستطيع العودة لجانب الخير.

من يومها رسخ في ذهني أن هايد هو الشخصية الأكثر شرا، وأن “ستيفنسون” عاش الواقع الذي يكاشفنا بما هو أوسع من الخيال مقدما عشرات من جيكل الألفية الثالثة المتطورة جينيا، دكتور جيكل الشرير الذي ينتج نسخا منه أكثر شرا.

عرفت الرواية في أول مرات صدورها باسم “قضية الدكتور جيكل والسيد هايد الغريبة”، ويذهب بعض مؤرخي الأدب إلي أن وقائع الرواية مستوحاة من أحداث حقيقية، عن علاقة الكاتب روبرت لويس ستيفنسون، بالكاتب يوجن شانجنتر، والذي كان مدرسا فرنسيا تمت إدانته وإعدامه لارتكابه جريمة قتل في حق زوجته في مايو عام 1878. ووفقا للمؤلف جيرمي هوكس فقد كان روبرت لويس ستيفنسون حاضرا للمحاكمة عندما أدين شانجنتر بقتل زوجته بتسميمها عن طريق مخدر الأفيون. 

وعندما تكشفت الأدلة أكثر وجدوا يوجن شانجنتر، مدانا بقضايا قتل مشابهة باستخدام الأفيون في فرنسا وبريطانيا، حيث سمم ضحاياه أثناء حفلات العشاء. ووجد “ستيفنسون” نفسه أمام صراع حقيقي يدور بين النوايا الطيبة للدكتور جيكل والذي تذهله أفعال السيد إدوار هايد. 

كما استوحي “ستيفنسون” اسم جيكل من القس إدوار جيكل. وتدور الكثير من القصص حول الظروف التي كتب فيها ستيفنسون روايته، حيث يزعم بعض الكتاب والمؤرخين أنه تناول الكوكايين خلال فترة كتابته للرواية. والتي يزعم البعض أيضا أن مسودتها الأولي استغرقت ثلاثة أيام فقط.

بينما تقول بعض الروايات التاريخية الأخري الصادرة عن زوجة روبرت لويس ستيفنسون وابنه، أنه كان مريضا قعيد الفراش وقت كتابة الرواية، وهو الأمر الذي تعامل معه ستيفنسون بحرفية وفرحة كبيرة حتي تمكن في النهاية من كتابة الرواية ومراجعتها في حوالي 4 إلي 6 أسابيع.