يا عالم أوقفوا إطلاق النار فى غزة.. هل من آذان صاغية؟!
"وقف إطلاق النار في غزة".. هو المطلب الأول المنبثق عن القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة بالرياض.. توافق هذا المطلب مع المظاهرات الحاشدة التي اجتاحت العواصم الغربية، مئات الآلاف خرجت في لندن وباريس وبروكسل وجنوب إفريقيا.. المتظاهرون طالبوا بحتمية وقف إطلاق النار، مرددين، إن لم نجد آذانًا صاغية، فالحرب مستمرة إلى أجل غير مسمي.
في تحدٍ سافر للضمير الإنساني يأتي رد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو: "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون عودة رهائننا، والقضاء على قيادات حماس والأنفاق معًا"
عقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة في ظرف استثنائي، ولم تخرج نتائجها عن ثوابت الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية، وإن اختلفت كلمات قادة الدول العربية والإسلامية في الصياغة اللفظية، بينما اتفقت جميعها في الرؤى والمضمون.. كما أن البيان الختامي حمل كثيرًا من أبعاد القضية، وتناول كل الجوانب التي تضمن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وتقرير مصيره، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نغفل أو نتغافل قرارات البيان الختامي الصادر عن هذه القمة، ولا سيما أن الأحداث تتصاعد في غزة، والقصف الإسرائيلي مستمر من إبادة لشعب غزة.
كما يجب أن نشير هنا إلى المباحثات الثنائية التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش "قمة الرياض"، باعتراف قادة الدول والمنظمات المشاركة، حيث اختص البند الرابع من البيان الختامي دور مصر- دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكافٍ، هذا فضلًا عن موقف مصر الثابت على موقفه منذ الحرب على غزة والذي يؤكد على "اللاءات" التي تؤمن بها القيادة المصرية، لا للتهجير القسري، لا لتصفية القضية الفلسطينية، لا لسيناء بديلًا عن غزة، لا لفتح المعبر من اتجاه واحد... هذه الثوابت المصرية محل توافق جميع القادة والملوك والأمراء العرب والدول الإسلامية، ثوابت لا خلاف عليها.. ومن ثم يكون وقف إطلاق النار هو المطلب العاجل الآن، وفقًا للبند الـ"31" الذي ينص على تكليف الأمين العام للمنظمة والأمين العام للجامعة بمتابعة تنفيذ القرارات المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية الطارئة بالرياض وعرض تقرير بشأنه على الدورة القادمة لمجلسيهما.
لدينا من بنود قوية في الصياغة، صادفت حسن النوايا، بداية من تأكيد الوفود المشاركة على أن السلام العادل والدائم والشامل الذي يشكل خيارًا استراتيجيًا هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة، وصولًا إلى أن حل القضية الفلسطينية لن يتأتى إلا على أساس حل الدولتين.
كما أن البند الثامن يتطلب جهدًا أكبر من اللجنة المكلفة بالجامعة العربية والذي ينص على: "الطلب من المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.. إنها فرصة سانحة لعرض القضية الفلسطينية على منظمات المجتمع الدولي، بل إنها فرصة لم ولن تتكرر من زمن في ظل صحوة الضمير الإنساني للمجتمع الدولي، والرأي العام الشعبي العالمي الذي انتفض من أجل القضية الفلسطينية.. لقد خرجت شعوب العالم، لأول مرة يجتمع الرأي العام الشعبي العالمي بهذا الزخم الذي يشكل نوعًا من الضغط على حكوماته، والمطالبة بوقف المجازر التي ترتكب ضد شعب غزة.. لم يعد الرأي العالمي مغيبًا، ولم تنجح الحكومات في تضليل شعوبها أو التدليس عليها.. ما يحدث في غزة من جرائم إبادة للشعب الفلسطيني باتت على مسمع ومرأي من العالم أجمع.
لدينا من بنود ومخرجات لو توافرت لها الظروف المواتية يمكن أن تنقل القضية الفلسطينية إلى المربع الذهبي، ويفوز الشعب الفلسطيني بحق العودة، وينتقل من مربع اللاجئين إلى مربع تقرير المصير.. ذلك، من خلال عودة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية... وعلينا أن نعترف ونقر بدور الدبلوماسية المصرية التي تتحرك برؤية واضحة من أجل الدفع بالقضية الفلسطينية على أكثر من صعيد دولي بالتفاوض مع كافة الأطراف والمنظمات الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية، وهذا ما شهدناه من تغيير الخطاب العالمي منذ اجتماع "قمة القاهرة للسلام أكتوبر 2023"، بما حققته مصر من مصداقية وتواجد قوي للدور المصري.
يبقي وقف إطلاق النار هو الهدف، رغم أن ما تقوم به إسرائيل من عدوان غاشم على غزة، هو أفضل دعاية للقضية الفلسطينية التي عادت مجددًا للحياة السياسية، ولفتت أنظار العالم بأن هنا في غزة تمارس حرب إبادة، حرب يستشهد فيها طفل كل عشر دقائق، 8 آلاف من الأطفال ضحية هذه الحرب حتى الآن.. إن كان الرئيس الأمريكي "جو بايدن" يقول إن وقف إطلاق النار غير ممكن في غزة، وإن كان "بايدن" لا يحكم بميزان العدل ولا يخشي على رعاياه، فإن قواعد الحرب تخبره بأن الوقت ليس في صالح إسرائيل، بل إنها في صالح أصحاب الأرض والمقاومة.
تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى أنها لا تريد توسيع نطاق الحرب إقليميًا، وإنما تريد توسيع المجال لإسرائيل في غزة، بحجة القضاء على حماس والأنفاق معًا، هذا أمر لن يطول، لأسباب يعلمها الجميع، وكما قال الفريق سعد الشاذلي- رحمة الله عليه- في لقاءات سابقة، إن اسرائيل لا تقوى على الحرب البرية أكثر من 6 أسابيع، لأسباب يتحقق منها الآن أن جنود إسرائيل غير مؤهلين أو مستعدين للحرب، فضلًا عن تعرض اقتصادها لخسائر مالية بالمليارات لا يقوى على تحملها لفترات طويلة، كما أن الداخل الإسرائيلي لا يتحمل أبعاد وتبعات هذه الحرب.. كل هذه المقدمات تستدعي وقف إطلاق النار في الوقت القريب، وسنشهد خروج الشارع الإسرائيلي مطالبًا بوقفه.